عممت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، اليوم الخميس، رسالة من الأسير منصور محمد موقدة، سكان سلفيت، المصاب بشلل منذ عام 2002، وهو أقدم الأسرى المرضى القابعين في مستشفى "الرملة"، ومحكوم 30 عاما.
قال فيها: "امنيتي أن أشعر أنني من البشر، وقد أصبح عمري الآن 49 عاما، والآن أنا جالس على كرسي متحرك منذ 14 عاما، اصرخ من الألم، اصرخ من كيس البول وكيس البراز اللذين يتدليان من بطني، أصرخ من الشلل، أصرخ من القهر والوجع اللذين حولاني إلى كائن مدفون في آلامي ومدفون في سجني، جسمي يتكور يوما بعد يوم، وعضلاتي تتقلص، وأسير في غربة موحشة نحو موتي، فهل بقي هناك أمل لإخراج جثتي الحيّة إلى حيث تدفن في الفضاء".
خلال 14 عاما مرّ عني الكثير الكثير من المرضى في هذا العزل الذي يسمى مستشفى الرملة، مروا عني بعضهم خرج حيا، وبعضهم سقط شهيدا قربي، ولا أزال اسمع صرخات الوجع والآلام والاحلام النازفة من مئات المرضى والمصابين الذين يصلون الرملة، فأنا الثابت الوحيد هنا، اتجرع آلامهم فوق ألمي، ولا حول لي ولا قوة، لا استطيع أن اساعدهم، لا استطيع أن اقف على قدمي أو أذهب إلى المرحاض، وآراهم لا ينامون إلا بعد أن تتخدر أجسامهم بالمسكنات، وآراهم كيف يستفحل المرض في أجسامهم شيئا فشيئا، كأنهم مشاريع للموت البطيء الذي يحصدها دون رحمة.
الأسرى المرضى من حولي يرتجفون ويسقطون، تتدلى من بطونهم أسلاك، جروح مفتوحة لعدد كبير من جرحى الهبة الأخيرة وصلوا إلينا، منهم أطفال صغار بعمر الورد، ورأيت مرضى مصابين بالصرع وفقدان الذاكرة، ومرضى مصابين بالسرطان وأمراض القلب، صراخ وألم، لا نعرف النوم، نعيش حالة قلق وتوتر، وأصبح الموت أهون علينا من هذه الحياة التي ليست حياة.
"هل هناك أمل؟؟، تحرك حقيقي، ضغط دولي وسياسي وقانوني، لإخراجنا نحن شبه الأحياء من هذا السجن وإنقاذ ما تبقى من حياتنا، أليس للجرحى وذوي الأمراض الخطيرة أولوية على أجندة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والسياسيين والدبلوماسيين؟ ماذا ينتظرون؟ لماذا لا تطلقون حملة إنسانية عالمية للافراج عنا لإنهاء معاناتنا التي طالت أكثر مما يحتمل أي إنسان في العالم؟".
"أيها الشرفاء إرفعوا أصواتكم عاليا، هناك رائحة دم ومجزرة بطيئة وجرائم ترتكب بحق الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، ومن أراد أن يذوق الموت ألف مرة، فليأت الى ما يسمى سجن مستشفى الرملة، سيرى الموت بكامل عدته وجاهزيته يترصد بنا كل لحظة".