19.45°القدس
19.3°رام الله
18.3°الخليل
24.5°غزة
19.45° القدس
رام الله19.3°
الخليل18.3°
غزة24.5°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

القروي المتعلم

هاني الدحلة
هاني الدحلة
هاني الدحلة

كان في إحدى قرى القدس القريبة بلدة صغيرة فيها مختار كريم النفس ومحبوب من أبناء بلده والبلدان الأخرى المجاورة.

وكان بيته مأوى دائما للغرباء والزوار من أي مكان، يجدون فيه المأوى والمأكل والمشرب، مهما طال بقاؤهم.

وكان لهذا المختار ولد ذكي اسمه حسيب الخروب، تعلم في المدارس ثم درس الحقوق وأصبح محامياً ثم قاضيا في محاكم عليا.

ولكن نشاطه السياسي الوطني دفع المسؤولين في السلطة إلى فصله من عمله، وإبعاده من القدس الى عمان.

وجاء الى عمان في إقامة جبرية، حيث وجد العون من أصدقاء كثر من المواطنين الذين يعرفونه وهو واحد منهم، فأمنوا له السكن في بيت مفروش وخصصوا له راتباً شهرياً.

ثم ما لبثوا أن تمكنوا من اقناع أحد الوزراء بتوظيفه، وفي وظيفة مستشار قانوني للوزارة

وهكذا سار في حياته من جديد.

ولكن كرمه الزائد عن الحد قد أصبح وهو في عمان مقصد كل من يأتي من القدس للزيارة فهو ما إن يرى أحدهم، سواء كان صدفة أم أن ذلك الشخص يبحث عنه حتى يعزمه على غذاء أو عشاء أو مبيت، هذا هو طبعه الذي نشأ عليه ومن المستحيل أن يتحول عنه.

ومن جراء ذلك تراكمت عليه الديون، فراتبه الوظيفي لا يلبث في جيبه سوى بضع أيام وبعدها يبدأ في الاستدانة، ولكن أصدقاءه يعرفون فيه هذا الطبع، فلا يتوانون عن إقراضه رغم تراكم الديون عليه.

وكان حسيب متزوجا، وله أولاد في القدس، وقد جاءت زوجته وأولاده الى عمان واستأجر لهم منزلاً أسكنهم فيه، وبقي هو يسكن في بيت مفروش آخر.

وكان حسيب وهو يسكن القدس يحب فتاة من عائلة ثرية، ولكن أهلها رفضوا تزويجها له، فامتنعت هي عن الزواج وظل هو ينتظرها. وهكذا عندما جاء لعمان جاءت عنده بحجة زيارة صديقة لها، وتزوجته وأخبرت أهلها بذلك ووضعتهم أمام الأمر الواقع، وأصبح يصرف على بيتين.

وهكذا ثقلت عليه الديون، ولم يعد يجرؤ على طلب المزيد من أصدقائه الذين لم يقصروا معه حتى يلومهم إذا لم يستجيبوا لطلبه.

ولذلك فقد حافظ على كرامته ولم يطلب أي دين أو معونة من أحد.

وقد ضاقت الدنيا بوجهه فاعتكف في منزله مع زوجته، لا يغادره الا الى العمل، ويعود للمنزل ليبقى فيه حتى اليوم التالي.

وبذلك استطاع المحافظة على ديونه، دون زيادة، ولكن دون سداد.

وكما يقول المثل، فإن لكل ليل آخر، فقد أقنعه احد اصدقائه بالاستقالة من الوظيفة والعمل بالمحاماة وضمن له وكالة عدة شركات مساهمة ودعما في قضايا اخرى.

وهكذا استقال من الوظيفة وفتح مكتبا للمحاماة واستفاد من سمعته الجيدة في عمله كمحام في القدس، وأصبح مكتبه مقصدا للكثيرين وانهالت عليه وكالة شركات مساهمة كبيرة، وبين سنة وأخرى اصبح له مكتب يضم خمسة محامين، واصبح له دخل يفوق دخل شركة مساهمة.

وهكذا عادت الحياة للابتسامة، واصبح في حالة مادية ميسورة جدا بفضل كفاءته وجده واجتهاده.