حينما تهاجم المياه المواطنين، سلاح جديد لم يعهد عليه إلا قليل من الناس، سلاح جديد يفوق قوة الرصاص، حينما تحاصرك المياه من كل جانب، وتغمرك بلا مانع أو حاجز، تحاول جاهدا الخروج بنفسك وأهلك إلى مناطق أكثر أمنا، حينها ستشعر بمعاناة سكان جوانب أودية قطاع غزة.
وادي السلقا جنوب مدينة دير البلح، شكل نهاية عام 2013 كارثة إنسانية لعشرات الأسر التي تقطن جوانبه، حيث قامت قوات الاحتلال بفتح السدود المؤدية للوادي مما أدى إلى فيضان الوادي وإغراق عشرات المنازل والأسرى التي تسكن جوانبه، في مشهد أعاد لسكان المنطقة هجرة عام 1948.
شتاء هذا العام جعل سكان الوادي في حالة ترقب دائم، فمع كل منخفض جوي ترى سكان الوادي يحزمون أمتعتهم، ويبعدوا صغارهم ونساءهم وكبار السن إلى مناطق أكثر أمنا، حيث شهد الوادي ارتفاع واضح في منسوب المياه، وأدى إلى غرق بعض المناطق المحاذية له، وتسبب بأضرار للمزارعين وعدد من البيوت المجاورة له.
هجوم مياه الوادي
المواطن "محمد اللوح" أكد على أنهم يعانون في منطقة وادي السلقا كل عام من نفس المعاناة، قائلا :"تسبب المنخفض الأخير بتلف شديد في جدار منزلي بسبب مياه الوادي المتزايدة، وقامت البلدية بتوفير شحن رمل من أجل تجنب وقوع الجدار".
وأضاف اللوح :" كل سنة نعاني من خطورة فيضان وادي السلقا، وعلى الجميع أن يضع حد لهذه المخاطر التي تؤرقنا في شتاء كل عام".
وتشابهت معاناة سكان وادي السلقا جميعها، حيث أوضح المواطن المتضرر من فيضان الوادي "رزق أبو عزوم" أن فيضان الوادي عام 2013 تسبب بغرق إخوته ونقلهم للمستشفى لتلقي العلاج لعدة أيام.
وعبر أبو عزوم بمصطلح جديد عن مشكلة فيضان الوادي بقوله :" السنة الماضية إخواني الأربعة غرقوا وناموا بالمستشفى، جراء هجوم المياه علينا، هجوم نعتبره وليس غمر، البلدية عملت سدود لكن بلا فائدة، بدنا حل نهائي وجذري بتصريف المياه إلى البحر أو أي آلية تجنبنا مشكلة فيضان الوادي".
مشروع يلوح بالأفق
أكد رئيس بلدية دير البلح "سعيد نصار" على أن مشكلة فيضان وادي السلقا تشكل هاجسا قويا للبلدية، حيث تتابع طواقم البلدية الأمر عن كثب منذ بداية فصل الشتاء، موضحا :" نفعل لجنة الطوارئ بالبلدية، وننظف الوادي باستمرار، ونجهز آلياتنا ومعداتنا، ونتواصل مع الدفاع المدني والجهات الحكومية المسئولة من أجل الحفاظ على المواطنين وممتلكاتهم".
ويتابع نصار :"هذه المنطقة أصبح وادي السلقا يشكل خطر عليها نتيجة للبناء العشوائي فيها، وعندما يقوم الاحتلال بفتح السدود يشكل خطر على حياة المواطنين".
وحول الحلول المطروحة أشار نصار إلى أن البلدية قامت بإعداد ورش عمل بالتعاون مع مهندسي ومؤسسات متخصصة بالتخطيط من أجل الوقوف على مشروع يضمن تلافي مشكلة فيضان وادي السلقا.
وألمح رئيس بلدية دير البلح إلى أن البلدية قدمت للمؤسسات المانحة مشروع لوادي السلقا بقيمة خمسة مليون دولار، يشمل تنظيم مجرى وادي السلقا، وتجميع المياه ببرك، وضخها لزيادة الخزان الجوفي، لحماية المواطنين والاستفادة من المياه".
واعتبر نصار أن أولى خطوات المشروع ستكون بفتح قناة إضافية للبركة باتجاه البحر، لتصريف كميات المياه في حالة زيادتها باتجاه البحر.
واختتم حديثه :"نسعى من خلال المشروع الحافظ على المواطنين، ونسعى جاهدين مع المؤسسات المانحة والسلطة ومصلحة مياه الساحل من أجل تمويل المرحلة الأولى، وايجاد تمويل لكامل المشروع لحماية المواطنين والاستفادة من كميات المياه الكبيرة".
وتسبب فيضان وادي السلقا عام 2013 بتشريد ما يزيد عن 60 أسرة، وتهجير أكثر من 400 مواطن من منازلهم الواقعة على ضفاف الوادي.








