13.34°القدس
13.1°رام الله
12.19°الخليل
16.95°غزة
13.34° القدس
رام الله13.1°
الخليل12.19°
غزة16.95°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

تقرير "فلسطين الآن"

"الضمان الاجتماعي".. وصفة من السلطة لسرقة العمال

قانون الضمان الاجتماعي
قانون الضمان الاجتماعي
رام الله - فلسطين الآن

لا يكاد المجتمع الفلسطيني يخرج من أزمة تسببها السلطة الفلسطينية بقيادتها السياسية والأمنية أو حكومتها، حتى تدخله في أخرى.

فحديث الساعة هذه الأيام عن قانون "الضمان الاجتماعي"، الذي أصدره رئيس السلطة محمود عباس مرسوما بقرار، بعد تنسيب من الحكومة.

وينص القانون على توفير راتب تقاعدي وحماية اجتماعية للأشخاص الذين لا يشملهم قانون التقاعد الحكومي، وصدر في الثاني من مارس 2016، وحمل رقم 6.

وبمعنى أخر، فهو يعد وسيلة لتوفير الأمان للفرد من الأخطار التي تهدد مصدر رزقه، لذا، يقوم الموظف في القطاع الخاص بدفع اشتراكات مالية للدولة ليعيش على ذلك الأمان في المستقبل.

وعادة، ما يشمل الضمان الاجتماعي تأمينا على الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل والأمومة وتأمينا صحيا وتأمينا على البطالة في حال تم تسريح الموظف من عمله.

غضب شعبي

لكنهم فوجئوا بردة الفعل الشعبية الغاضبة تجاه هذه الخطوة، لا سيما من القطاعات التي يمسها بشكل مباشر، وهو ما أثار عاصفة من النقاشات والمواقف الرافضة له، لا رفضًا للمبدأ، ولكن تخوفًا من التفاصيل.

الوقوف ضد القانون يتراوح بين الرفض المطلق والمطالبة بإلغائه والشروع في إعداد مشروع قانون جديد يأتي نتاج حوار مجتمعي واسع، وبين مطالبات بتعديل بنود جوهرية، مع التحذير من أن إلغاء القانون، سيفوت فرصة وجود هكذا تشريع حيوي، قد لا تتوفر لسنوات طويلة، فيما يصمت القطاع الخاص رغم أنه كان له اليد الطولى في إعداد القانون!!.

كما يعيب المعترضون إقرار القانون دون المشاركة والمشاورة مع قطاعات المجتمع المدني والأهلي والقطاع الخاص، وهو ما زاد من ريبتهم وشكهم في بعض بنوده، والغاية منها. ويأتي هذا القانون في وضع يعاني فيه العمال الفلسطينيين من أوضاع سيئة في ظل عدم وجود قانون تقاعد عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور أو ضمان لحقوقهم في ظل ارتفاع عمليات البطالة وعدم تمكنهم من العمل في "إسرائيل" بسبب الإغلاق.

فمسودة القانون لا تضمن راتبا تقاعديا للعامل يتناسب مع غلاء المعيشة أو الأوضاع الاقتصادية، ففي أحسن حالته سيصل إلى مبلغ حد الفقر الأدنى، كما أن نسبة مشاركة صاحب العمل أقل مما يجب أن تكون.

وسيلزم كلّ المؤسّسات والمنشآت الحاصلة على ترخيص والمشغّلة للعمّال، بالانضمام إلى صندوق الضمان الاجتماعي وتسديد اشتراكات العاملين لديها.

لكن مصادر مطلعة كشفت لـ"فلسطين الآن" بعضا من الأسباب وراء إصرار السلطة على تطبيق القانون بصيغته الحالي، أهمها وجود مبلغ مالي يصل لحدود 15 مليار شيكل (نحو 4 مليارات دولار)، لدى اتحاد العمال الإسرائيلي "الهستدروت"، كان قد جمعها على مدار سنوات من العمال الفلسطينيين في "إسرائيل"، واشترط وجود مؤسسة للضمان الاجتماعي لدى السلطة لاستلام هذا المبلغ الضخم، فعملت على "طبخ" قانون دون التشاور مع الجهات ذات العلاقة.

وحدة المعارضين

ومن يعارض القانون أو من يريد تعديل بعض بنوده، توحدوا ضمن "الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي"، مطالبين بتوضيح معالم الحماية القانونية والاجتماعية التي توفرها الحكومة في نصوص القرار بقانون، وتوضيح طبيعة دور الحكومة في ظل غياب الضامن، ودورها تجاه الصندوق التكميلي.

الحملة الوطنية جددت التأكيد على أن الضمان الاجتماعي لا ضامن له، بعد أن نفضت الدولة يدها من منظومته، وذهبت بعيداً باتجاه "خصخصة الضمان الاجتماعي" وهذا ما عبرت عنه المادة (19) من القرار بقانون، وفي ظل غياب أي نص في جميع مواده (124 مادة) يشير إلى أن مؤسسة الضمان هي مؤسسة عامة، خلافاً لما عليه الحال في قانون التأمينات الاجتماعية 2003 (الملغى) الذي أكد على أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية هي مؤسسة عامة.

وبحسب القانون، فإنّ المستفيدين من قانون الضمان الاجتماعي كلّ العاملين الّذين ينطبق عليهم قانون العمل الفلسطينيّ، وجزء من القطاع الخاصّ الّذي لا ينطبق عليه قانون التقاعد العام ولا قانون القوى والمعاشات، إضافة إلى جزء من العاملين لدى المنظّمات الدوليّة.

ملاحظات جوهرية

وأهمّ الملاحظات على القانون هي الاشتراكات، الّتي تنصّ على أنّ نسبة مشاركة العامل 7.5 في المئة مقابل مشاركة صاحب العمل بنسبة 8.5 في المئة، الّتي لا تشكّل أيّ إضافة للعامل، فهذه النّسبة مكفولة من دون قانون الضمان الاجتماعي بحسب قانون العمل كمكافأة نهاية الخدمة، إضافة إلى تأمين ضدّ إصابات العمل.

عضو الأمانة العامّة لاتحاد نقابات فلسطين العماليّة إبراهيم ذويب قال: إن "الفكرة من القانون كفالة العامل في حال العجز والشيخوخة، وهو ما لا يتوافر في هذا القانون، لأنّ نسبة المعاش الّذي سيتقاضاه العامل بعد انتهاء عمله أدنى بكثير من الراتب، وبالتّالي لا يكفل توفير مبلغ للإنفاق".

وأشار ذويب إلى أنّ هذا القانون لم يكن بديلاً عن قانون التأمينات الاجتماعية رقم 3 من عام 2003، الّذي تمّ إلغاؤه من الرئيس عام 2007، كما توقّع العمّال والنقابات الممثّلة لهم، وقال: إنّ هذا القانون من حيث مشاركة أرباب العمل في الحصص أو من ناحية قيمة الحدّ الأدنى للمعاش التقاعديّ الّذي لن يتجاوز في أحسن حالاته الـ50% من قيمة الحدّ الأدنى للأجور، هو قانون كارثيّ في حال إقراره.

المآخذ على القانون

وتعقيبا على القانون، أوضح نائب الأمين العام لاتحاد النقابات المستقلة عبد الحكيم عليان، المآخذ التي يراها في قانون الضمان، إذ تم إزالة بند واضح لضمان الدولة في المسودة الأخيرة التي وقع عليها الرئيس، إضافة إلى إزالة مادة تنص على دور فاعل لوزارة العمل في تطبيق أحكام القانون "وكأن دور وزارة العمل أصبح كالشرطة فقط"!!. أما موضوع الاشتراكات، أن يدفع العامل ما نسبته 7.5% شهريا من راتبه وصاحب العمل 8.5% هو أمر غير منصف، لأن النسبة الأخير يدفعها رب العمل في كافة الأحوال بما تسمى "نهاية خدمة أو الأتعاب!!".

وتابع "في موضوع معامل الدخل، الإيراد الذي يستفيد منه العامل، لو أردنا عمل مقارنة بين قانون التقاعد العام الذي يطبق على الموظفين العموميين وجزء من القطاع الخاص نجد أن الامتيازات في قانون التقاعد العام أفضل من هذا القانون مع تحفظاتنا التي كانت موجودة على قانون التقاعد العام التي أصبحت مطلبا الآن للعاملين".

ومن المآخذ أيضا وجود فرق في معامل الدخل، ففي قانون التقاعد العام تصل النسبة إلى 2% أما في قانون الضمان الاجتماعي فهناك تقسيمات، حيث تصل النسبة 2% على أول 1450 شيقلا و5. 7% على بقية المبلغ. وأيضا، قانون التقاعد العام يشمل كافة الرواتب بينما قانون الضمان يوجد حد أعلى للراتب 11 ألف و600 شيقل ما يعني أن أعلى راتب تقاعد في فلسطين للقطاع الخاص بعد 30 سنة يصل إلى نحو 1100 دينار أردني لا أكثر، وسيكون اقل راتب 725 شيقل أي "أقل من الحد الادنى للأجور" الذي يبلغ 1450 شيقل !!.

وفي حال تم فصلك من عملك، فإن الآلية الجديدة مع هذا القانون هي أنك أمام خيارين، إما بأخذ 7.5% وهي النسبة التي كانت تقتطع من الموظف وهنا تنتهي علاقتك "بالضمان الاجتماعي" أو تدفع 16% ( %7.5+ 8.5%) حتى يصبح عمرك 60 عاما!!.

موقف الحكومة

وأمام هذا الغضب العارم والرفض المطلق لما جاء في القانون، أعلن وزير العدل علي أبو دياك، أن رئيس الوزراء رامي الحمد الله، قرر تشكيل لجنة من وزارات الاختصاص لمراجعة بعض مواد قانون الضمان الاجتماعي التي أثارت النقاش، للتشاور بشأنها مع ممثلي العمال وأصحاب العمل، للخروج بصيغة ملائمة تحقق مصلحة جميع فئات العاملين وأصحاب العمل.

وقال أبو دياك إن "قانون الضمان الاجتماعي تم إعداده من فريق وطني يمثل كافة الجهات التي تنطبق عليها أحكامه، وهو يتكون من أكثر من مئة وعشرين مادة، يثور الجدل حاليا حول بعض المواد فيه".

الرد على رد الحكومة

تصريحات أبو دياك، حول إعادة النظر في قانون الضمان الاجتماعي، كانت غير واضحة بنظر الحملة الوطنية، لا سيما وأن الحكومة لم تصدر بيانا رسميا توضح فيه إن كانت ستوقف العمل بقانون "الضمان" أم أنها ماضية في تطبيقه من خلال لجنة للتعديل عليه مستقبلا.

وفي بيانها، أسهبت الحملة في الرد على رد الحكومة، قائلة إن قرار تشكيل لجنة وزارية لمراجعة بعض مواد قرار بقانون الضمان الاجتماعي، التي ستقوم بالتشاور مع كافة فئات المجتمع، لا يبدو واضحاً المقصود "بالتشاور" في ظل تأكيدنا بضرورة وقف العمل بقرار بقانون الضمان الاجتماعي والبدء بحوار مجتمعي جاد، بما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين واستحقاقاتها.

وأضافت "لم يوضح أبو دياك ماهية المواد الخلافية التي سيجري بحثها، خاصة أن الحملة قد طرحت العديد من الملاحظات الجوهرية على القرار بقانون، ومنها على سبيل المثال؛ مسألة تضارب المصالح في صياغة نصوص القرار بقانون وتطبيقه في آن معاً، وغياب دور الدولة كضامن لإعادة التوازن في منظومة الضمان الاجتماعي، وورود المنافع التأمينية على نحو مجتزأ في القرار بقانون ودون تصورات وآليات وجداول زمنية واضحة ومحددة للتعامل مع خريطة الضمان الاجتماعي وفق المعايير الدولية.