هناك ممارسات شائعة في مختلف مؤسسات العالم تدفع بأفضل الموظفين للتخلي عن وظائفهم، والبحث عن خيارات بديلة. الموظف الخمول أو الفاشل أو الذي لا يملك أي مؤهلات تمكنه من تطوير نفسه لن يفكر إطلاقاً بالتخلي عن وظيفة مضمونة، فهو يدرك سلفاً أن أحداً لن يوظفه. لكن الموظف الذي يملك مؤهلات كبيرة سيفكر مراراً وتكراراً بالاستقالة عندما تبدأ الشوائب تلقي بثقلها عليه.
لذلك وكي لا تجد نفسك، كربِّ عمل، تخسر أفضل موظفيك واحداً تلو الآخر، عليك إعادة النظر ببعض الأمور والممارسات التي تقوم بها شخصياً، أو يقوم بها بعض الأشخاص في مراكز متقدمة.
الوظيفة لا تشبه ما تم الإتفاق عليه
ما تم الاتفاق عليه حين تم توظيفه لا يشبه إطلاقاً ما يقوم به حالياً. الجهة التي تتحمل المسؤولية حصرياً هنا هي أنت، رب العمل، فحين قمت بتجميل الوضع كنت تدرك مسبقاً أنه حين يبدأ بالغوص في التفاصيل اليومية سيدرك أنك خدعته بشكل أو بآخر.
أرباب العمل وحين يعثرون على موظف لا يريدون التفريط به يلجأون إلى مبدأ تحريف متطلبات الوظيفة، فتصبح مثلاً مهمة إدخال المعلومات مرتبطة بالتفكير الإبداعي.
لا يوجد أي مبرر لخداعه؛ لأن الخدعة ستنكشف قريباً، وسيرحل بعد أن يكتشف أنه يعمل في وظيفة لا علاقة لها بالاتفاق الأولي معك.
استنزاف قدراتهم
تدرك أنه من أفضل الموظفين لذلك تقوم باستنزاف قدراته. صحيح أن هذه النوعية من الموظفين لا تمانع التحدي، على العكس فهي تحب المهام التي تفرض عليهم تحدي قدراتهم، لكن حين تتجاوز التحديات المعقول فهي تصبح أقرب إلى الاستغلال. ولا أحد يريد أن يتم استغلاله. فحين تكلفه بمهمة تدرك مسبقاً أنها ستنهكه، ثم تتبعها بثانية وثالثة ضمن مهلة زمنية غير منطقية فهو عاجلاً أم آجلاً سيبلغك بأنه اكتفى وسيرحل.
يشعرون بعدم التقدير
عاملون محترفون نشيطون لا يمانعون العمل لساعات إضافية إن كان سيضمن حسن سير العمل، وفي النهاية لا تكلف نفسك عناء شكرهم.
الموظف يريد أن يشعر بأنه يتم تقديره، وبأنك كرب عمل تعلم أنه يقوم بكل جهده لإنجاز المهام وبأنك تقدر ذلك. لا تقلل من قيمة جملة بسيطة «كعمل جيد»، أو «شكراً على جهودك، نقدر ذلك بشكل كبير». هذه الكلمات لها تأثير مهول قد يفوق أحياناً تأثير العلاوات المالية.
الشخص الذي يشعر بأن الشركة تقدر أعماله سيمنحها كامل قدراته وإخلاصه. أما الذي يشعر بأنه لا يتم تقديره مهما حقق فسيجد نفسه يتراجع على المستوى المهني؛ لأنه لم يعد يكترث، وحين يصل لهذه المرحلة سيغادر لمكان آخر يقدر مواهبه ومؤهلاته.
تأخذ ولا تعطي
لا تمانع أن يعمل حتى وقت متأخر والعمل لساعات إضافية خلال أيام الإجازات، لكنك في المقابل ترفض أن يأتي إلى العمل في اليوم التالي متأخراً.
أنت كرب عمل تعمل وفق قوانين الشركة، نتفهم ذلك، فموعد حضور الموظفين يجب أن يكون عند الساعة الثامنة، لكن لا يمكنك اعتماد معايير مزدوجة. فإن كانت القوانين ستصبح فضفاضة وقابلة للتلاعب حين يتطلب الأمر ساعات إضافية، فيجب أن تكون كذلك حين يطلب الموظف أن يمنح ساعة، أو ساعتين في اليوم التالي.
تمنعهم من رؤية الصورة كاملة
تمنحهم المهام وهم يقومون بإنجازها، صحيح أنهم يدركون أن عملهم جزء من الصورة العامة، لكنهم لا يمكنهم رؤية ذلك. ما قد يكون بديهياً بالنسبة إليك كرب عمل، ليس كذلك بالنسبة إليهم. فكل ما يعرفونه هو أنهم ينهكون أنفسهم لإنجاز أمر ما يضيع وسط جميع النقاط الأخرى. عليك بمساعدتهم على رؤية الصورة كاملة، وإلا شعروا بأنهم يضيعون وسط كل شيء وبأنهم لا ينجزون شيئاً. لكن حين يشعرون بأنه جزءاً من شيء أكبر فهذا يحفزهم.
تنسب الفضل لنفسك
قد تكون المسؤول عن الفريق، أو عن القسم، لكن ذلك لا يعني أنه يمكنك نسبة الفضل لنفسك دائماً. هذه النقطة هي التي تدفع بغالبية الموظفين إلى الاستقالة؛ لأنها وبكل بساطة تدفعهم إلى حافة الجنون. تخيل أن الموظف يدرك تماماً أنك تروج لفكرته على أنها لك، أو تنسب الفضل كاملاً لنفسك بعد إنجاز المهمة.
النجاحات يجب أن تنسب إلى أصحابها، وإلا وجدت نفسك أمام واقعين، الأول هو توقفه عن مدك بالأفكار، وامتناعه عن القيام بأي جهد يذكر؛ لأنه يدرك مسبقاً أن تعبه سيسرق، أو سيرحل بكل بساطة.
تكثر من الطلبات ولا تدفع
نعم تم الاتفاق على الراتب مسبقاً، لكنك وبمجرد توظيفه بدأت تنهكه بطلباتك التي تتجاوز ما تم الاتفاق عليه. فخلال ساعات العمل تحشر ما أمكنك من مهام، وتطالب بإنجازها على أكمل وجه.
وقد تحصل على ذلك بداية الأمر، لكن حين يجد الموظف نفسه أمام واقع بأنك تجعله يعمل أكثر مما تدفع له، وبأنك لم تكلف نفسك يوماً عناء تشجيعه بمكافأة مالية فهو سيبدأ بمعاملتك بالمثل. مثاليته في العمل ستتراجع وسيمنحك النتيجة التي تتناسب مع المقابل المالي. لكن صبره هذا عاجلاً أم آجلاً سينفد وسيرحل.