يهرعن بكل قوّتهن، ويصرفن الغالي والنفيس من أجل الحصول على "جسم رشيق"، وقد يوقعن أنفسهن في مشاكل صحية خطيرة في سبيل التخلص من لقب "بدينة"، يجربن كل ما يشاع وينشر في الفضاء الإلكتروني، أو يروّج له العالم الأزرق، أو حتى يطرح في "الجلسات النسائية" دون الرجوع لأي جهة طبية أو متخصصة.
وفي قصة حقيقية جرت أحداثها في الخليل قبل نحو ثلاثة أسابيع، أُدخلت مريضة لمستشفى الخليل الحكومي، تبلغ من العمر 47 عاما، حيث كانت تعاني من فقر بالدم، وهزال وضعف شديدين، حيث عجزت عن الوقوف على قدميها، وبعد سؤال ذويها عن تاريخها المرضي، تبين أن المريضة كانت تتمتع بصحة جيدة، ولا تعاني أي أمراض سابقة، إلا أنها كانت تتوق لتقليل وزنها، فجربت وصفة قرأتها على الإنترنت تتكون من الليمون والزنجبيل والقرفة والكمون، وبدأت بتناولها دون أي استشارة طبية، مما أدى إلى إصابتها بسوء التغذية، وفقدان جزء كبير من الفيتامينات الذائبة بالماء والأملاح المعدنية، كما أدت تلك الوصفة إلى إصابتها بتضخم بالطحال والكبد وهذا بسبب الإفراط في تناول الزنجبيل.
قصة هذه السيدة والكثير من القصص التي تتفق في الجوهر وتختلف في بعض التفاصيل تحدث مؤخرا وتسبب مضاعفات لا تحمد عواقبها بسبب "خزعبلات التخسيس"، كما وصفتها "زهية أحمد شاور" إخصائية التغذية العلاجية ونائب نقيب أخصائي التغذية الفلسطينيين.
وفي حديث خاص لـ"فلسطين الآن" مع شاور، أوضحت ان السمنة تعود أسبابها إلى جينية وراثية أو بيئية تتعلق بتناول الوجبات السريعة المشبعة بالدهون، إضافة للمشروبات الغازية و"الشيبس"، مما أبرز مشكلة السمنة خاصة عند الأطفال.
وتضيف شاور ، من هنا بدأت عملية البحث عن حلول سريعة للحد من مشكلة البدانة، فلجأ البعض إلى الحميات القاسية، أو عمليات ربط الأسنان وما لها من عواقب قد تؤدي للوفاة، وفي أحسن الحالات فإن الجسم يفقد سعرات بكميات كبيرة ودفعة واحدة، ولأن أجسامنا " ذكية" فإنها تبدأ بتخزين سعرات بكميات مضاعفة بعد إيقاف هذه الحميات أو فك ربط الأسنان خوفا من العودة إلى "الحرمان من الطعام".
وتستعرض شاور فئة أخرى لجأت إلى الأدوية الكيميائية لتثبيط الشهية، والتي تعد الأكثر خطرا من بين أساليب تقليل الوزن، حيث تؤدي إلى أعراض كثيرة منها: جفاف الحلق وارتفاع ضغط الدم وتشويش بالرؤية، وقد تؤدي إلى الجلطات الدماغية والضعف الجنسي للرجال والأضرار بالكبد، كما وتصل مضاعفاتها للوفاة.
وتستطرد شاور في حديثها موضحة أن هناك نوع فقط صرحت به مؤسسة الدواء والغذاء الأمريكية (حيث تعمل هذه الأدوية على تقليل امتصاص 30% من الدهون المأكولة وليس الدهون المخزنة في الجسم)، فيما تروج باقي هذه الأدوية بشكل غير قانوني.
وحول الحل الأمثل لمشكلة السمنة، رأت شاور أن اتباع الحميات الغذائية المبنية على أساس علمي، إضافة إلى ممارسة الرياضة التي تعمل على حرق الدهون ورفع الروح المعنوية وتحسين النفسية، والتوجه إلى إخصائي التغذية الذين يمتلكون مزاولة المهنة والتراخبص اللازمة، محذرة في الوقت نفسه من اتباع الوصفات التي لا تعتمد على أساس علمي والتي يكثر تداولها عبر الإنترنت، منوهة أن وزرة الصحة الفلسطينية تبذل قصارى جهدها لملاحقة مروجي أدوية التخسيس الكيميائية غير المصرح.