"كان شعور يملأه الحزن والألم فهو شعور إنسان سلبت أرضه قصراً، ولكن بعون الله سنعود لأرضنا رغم أنف الاحتلال مهما كلفنا الثمن ولن نتنازل عن حبة تراب من أرض فلسطين".
بهذه الكلمات عبر الحاج السبعيني جبر القريناوي من مدينة بئر السبع المحتلة والذي يقطن الآن بمخيم البريج في المحافظة الوسطى عن شعوره في حديثه لـ"فلسطين الآن" بعد مرور 68 عاماً على ذكرى النكبة.
ثمانية وستون عاماً لم تنسِ الحاج السبعيني أرضه فذاكرته مازالت تتذكر جيداَ مشاهد الحياة في تلك الفترة فيقول عن سبب لجوئهم لغزة: "لجأنا لغزة لأنها أقرب الأماكن، ومازال بعض أقاربنا في السبع، ومنهم من رحل للضفة والأردن".
ويلفت لدور المقاومين ويقول: "لقد كان المقاومون يتصدون للعصابات الإسرائيلية ويوقعون بهم الخسائر، وأبرز العمليات التي كانت تشتهر بها المقاومة آنذاك "الكمائن".
يحملون هموم بعضهم
وحول طبيعة الحياة الاجتماعية يؤكد القريناوي أن الناس كانت تشارك بعضها البعض في الأفراح والأتراح حيث "كانوا في الأتراح يقدمون الطعام لأهل الميت على مدار ثلاثة أيام كل حسب قدرته".
وعن أفراحهم في تلك الفترة وعاداتهم في الزاوج فيقول: " كان الشاب يرسل أمه وأخواته لأهل العروس للتأكد من مناسبتها له دون أن يراها وإذا أعجبتهم يوعزون له بالقبول منها وكان يتم كتابة عقد الزواج في محكمة خانيونس".
ويضيف كان المهر بسيط جداً حيث لا يتجاوز 40-50 جنيهاً فلسطينياً أي ما يعادل 100 دينار أردني فقط في عصرنا الحالي.
وكان النساء يلبسن الثياب السوداء المطرزة الغالية الثمن وتحيى الأعراس على مايعرف بـ"الدحية البدوية" التي كان تستمر في بعض الأحيان لثلاثة أسابيع.
نظام المقايضة
وعن سؤالنا عن طبيعة جلب الأغراض والمستلزمات قال: "كنا نخرج لغزة يوم الجمعة وكان لدينا نظام يعرف بـ"المقايضة" حيث كنا نبدل 3 كيلو سمن بـ2 كيلو زيتون".
ويضيف:" كانت الحياة صعبة جداً لأن السبع تفتقر إلى الماء وبالتالي كانت المزروعات قليلة نظراً لاعتمادها على الماء".
أما ماء الشرب "فكنا نحصل عليه من صاحب "بير" للماء مقابل قسط من القمح أو الشعير، وكل عائلة تقدم قسطاً حسب حجم العائلة واستهلاكها للماء".
وعن الأعمال التي كانوا يعملون بها فيقول: "كانت هناك مهنة الرعي مقابل أجر سنوي، والحراثة والفلاحة، ودراسة الحب".
رمضان فرصة للتجمع
ويقول السبعيني كان شهر رمضان من أفضل الأوقات لتجمع الرجال حيث كانوا يجتمعون في "الشق" ويأكلون من طعام بعضهم البعض كسباً للأجر والثواب ويصفون الذي يأكل في بيته بـ"النذالة".
ويضيف: "كانوا يشتهرون بأكلات الجريشة والمفتول وفتة اللبن والسمن البلدي، أما الخضروات فكانوا بأتون بها من غزة ولكنها قليلة نظراً لعدم توفر النقود لشرائها".
أما في الأعياد "فيخرج الرجال لمصافحة بعضهم البعض واحتساء القهوة، وفي عيد الأضحى يقومون بذبح الأضاحي من أغنامهم الخاصة وهذا كان شيء سهل للغاية نظراً لتوفرها في كل بيت".
وأشار إلى "أنهم كانوا يقومون بتعليق اللحم داخل بيت الشعر فيما يعرف بـ"التجفيف" ويعاد طبخه في اليوم التالي ويكون سليماً".
ويختم الحاج القريناوي حديثه بالقول: "هم هجرونا بأجسادنا ولكن عزيمتنا وإصرارنا مازال يراودنا في كل لحظة للعودة لديارنا إن لم نكن نحن فأحفادنا وأحفاد أحفادنا".
ومن الجدير ذكره أن اليوم الأحد يصادف الذكرى الثامنة والستين لنكبة الشعب الفلسطيني والتي تمثلت في احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الإسرائيليين، وطرد ما يربو على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، وارتكاب عشرات المجازر والذبح وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسة وتحويلها إلى مدن إسرائيلية.