منذُ أوّل حجرٍ انطلقَ من يدِ فتيةِ الثّورة، إلىَ أن زغردتْ الصواريخُ، في سماءِ (تل أبيب)، منذرة العابرين بالموتِ الزؤام، والشعب الفلسطيني في كلِّ مكانٍ وزمانٍ، يحتضنُ المقاومةَ، يقدّم لها المساعدة، يفتحُ لهَا البيوتَ، فلم يكن يومًا متذمرًا، رغم الدّمارِ والحصارِ والانفجارِ، إلى أنه بقي مثالًا للتضحيةِ والفداءِ.
فاشتعلتْ المواجهاتُ، وفجّر الاستشهاديون الانتفاضة، وأطلق الرصاصُ صوب الأعداء، فدفعَ الشعب الثمنُ غاليًا، وهذه هي ضريبة العزة والكرامة، فهدّمت بيوتُ المقاومين والاستشهاديين، واقتحمت البيوتُ، وهدمت المساجدَ، وتناثرت الأشلاء وتقطعت الأجسادُ، في سبيلِ أن يحيا الشعبُ كريمًا، فتجرع الحنظل بعزة، ملقيًا كأس الحياةِ بذلةٍ.
الأنفاقُ صمّام الدفاعِ
أعدّت المقاومةُ الفلسطينية، عبر سنينٍ ماضيةٍ، أنفاقًا، ليتخفى المجاهدون بعيدًا عن أعين خاطفاتِ الأرواح الإسرائيلية، الطائرات الحربية وطائرات الاستطلاعِ، ونفذت عبرها عشرات العمليات الهجومية والدفاعية، ضد الجنود الإسرائيليين، فكانت النتائج مذهلة، ودفعت العدو الإسرائيلي، للتقهقر والعودة خائبين، يجرون عارًا عظيمًا، لم يتذوقوه من قبلٍ!
وفي سبيلِ ذلك الإنجاز العظيمِ، قدّمت المقاومة الفلسطينية، عديد من الشهداءِ، وأطلق عليهم، شهداء الإعداد والتجهيز، فكانت تخرجُ الآلاف المؤلفة في أعراس الشهداءِ، مبايعة المقاومة والشهداء، على المضي قدمًا في دروب تحرير الأوطان، وعلى احتضان المقاومةِ.
الأنفاقُ حصنُ الشعبِ
يرى الفلسطينيون في غزة، وخاصة المناطق الحدوديّة، أن الأنفاق قد أبعدتْ الآليات الإسرائيلية، عن بيوتهم، وأراضيهم الزراعيّة، وحولت مناطق المواجهة، وقلبت المعادلة التي كانت تفرضها (إسرائيل) سابقًا.
خط الدفاع الأول
تقــول نور أحمد، وهي تسكن في إحدى المناطق الشرقية لقطاع غزة، أن أنفاق المقاومة، بمثابةِ خط الدفاع الأول عن قطاع غزة، وهي من صنعت عزًا وفخرًا للشعب الفلسطيني في الحروبِ الماضية، بفضلِ الله.
ورأت الخريجة الجامعية (23 عامًا) في حديثها لـ "فلسطين الآن" أن لولا فضل الله، ومن ثم أنفاق المقاومة، لما تردد العدو الإسرائيلي، في الحروب الماضية، من اجتياحِ قطاع غزة بالكاملِ.
ممرٌ نحو الأقصى
واعتبر المزارع الحدودي الفلسطيني، ضياء ربيع، أن أنفاق المقاومة، هي الممر الوحيد لتحرير الأقصى، من مخالب الاحتلال الإسرائيلي.
وأكّد في حديثه لـ "فلسطين الآن" أن الشعب الفلسطيني، مستعدٌ أن يخدم المقاومة، التي قدّمت آلاف الشهداء والجرحى، من أجل أن يمنعوا الاجتياحات الإسرائيلية، على البلدات والقرى الفلسطينية.
أرواحنا فداءً للمقاومة
ويقول المواطن منتصر عبد الحميد، أن الشعب الفلسطيني، ومنطقته الحدودية بالذات، احتضنت المقاومة، وقدمت بيوتها وأموالها، للمقاومة، معللًا أنها هي التي أعادت للشعب هيبته وكرامته، بعدما تنازل عنها المتنازلون والمنبطحون – على حد تعبيره-
وبيّن عبد الحميد (55 عامًا)، وهو أب لستة أبناء، أنه مستعد لتقديم، روحه وروح عائلته، من أجل أن تستمر الأنفاق، وصولًا للأقصى المبارك.
يا ليتني أستطيع
عجوزٌ طاعنةٌ في السنّ، ترقبُ برج الاحتلال الحدودي، متمنيّة أنها تستطيع أن تعمل في أنفاقِ المقاومةِ، ومساعدتها على قتال العدو الإسرائيلي المجرم، الذي استباح الحرمات ودمّر البيوت الفلسطينية.
وودعتنا بابتسامةٍ، قائلة: "الله يحمي المقاومة وأهل الأنفاق، ورجال الأنفاق".
هذه عينة، بسيطة، من شعبٍ كبير بتضحياته، بتفانيه، باحتضانه للمقاومة، فمقاومة تقاتلُ ومن خلفها الشعب الفلسطيني، من الصعب هزيمتها، عسكريًا، أو إعلاميًا، بتحريك آلة إعلامية ضخمة، للتفريق بين المقاومة والشعب الفلسطيني، فكان الرد الشعبي يأتي سريعًا، على أي هجوم إعلامي على المقاومةِ، من أي جهةٍ كانت.