على مدار 68 عاماً، اعتاد الفلسطينيون على القرارات الإسرائيلية اللاإنسانية بحقهم، لكن قرار مكاتب لجنة الصليب الأحمر الدولية والقاضي بتقليص زيارة الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى مرة واحدة شهريا بدل مرتين كان صادما للأسرى وذويهم.
والدة الأسرى .. أم سامر العيساوي قالت: " كفانا معاناة، نحن أهالي الأسرى نطالب الصليب الأحمر بالعدول عن قراره الظالم بحقنا وحق أبناءنا الأسرى، حرام عليكم أين الإنسانية التي تدعونها".
علي عوض أسير محرر، ووالد لثلاثة أسرى، تحرر منهم اثنين مؤخرا فيما بقي ثالث في سجون الاحتلال يتهم الصليب الأحمر بأنه جلاد ومتواطئ مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما وصف والد أسير آخر بأن الصليب الأحمر واتفاقية جنيف وحتى الأمم المتحدة بأسرها متآمرة على الفلسطينيين وأسراهم، وكل ما يفعلونه هو فتح مكاتب وإرسال موظفين "أجانب" لترأسها بمبالغ ضخمة دون تقديم خدمة تذكر للفلسطينيين.
خدمة للاحتلال
مركز أسرى فلسطين للدراسات وعلى لسان مديره أسامة شاهين استنكر قرار الصليب الأحمر الذي صدر من جنيف بعد الموافقة الصادرة من "تل أبيب "والقدس، بحجة عدم مبالاة أهالي الأسرى حيث يسجل للزيارة ثماني حافلات لا يحضر منها إلا أربع .
وأوضح شاهين مخاطر هذا القرار الذي ألغى حق وإنجاز جاء بعد تضحيات جسام من إضرابات وشهداء للحركة الأسيرة والتي تمثلت في حرمان عدد كبير من أهالي الأسرى من حق الزيارة، وارتفاع الضغط في عدد الزيارة الواحدة للزوار والذي سيؤدي إلى استنزاف وقت أطول من أهالي الأسرى خلال الزيارة، سواء في التفتيش على الحواجز أو إدخال الملابس والأموال.
وأضاف شاهين أن هذا القرار لا يخدم سوى الاحتلال ومصلحة إدارة مصلحة السجون "الشاباص" من خلال التخفيف عليهم من ضغط الزيارات وعمليات التفتيش والحراسة. كما أنه سيحرم أصحاب التصاريح محددة المدة والممنوعين أمنيا من لقاء ذويهم واقتصار الزيارة على عدد محدود من ذويهم. والصليب اليوم يتساوق مع الاحتلال في التضييق على الأسرى.
مبرر القرار مالي "فقط"
أمجد النجار مدير نادي الأسير الفلسطيني في الخليل، وفي حديث خاص لـ"فلسطين الآن"، قال بأن قرار الصليب الأحمر صدر بجمود تام ودون أدنى توضيح عدا التعريج على أن مبرر القرار هو مالي بحث، وبين النجار بأنه وبعد عملية تقصي لجذور القرار توصل إلى أن ممثلي مكاتب الصليب الأحمر " الأجانب" في الضفة هم من رفعوا توصيات اتخذ بناء عليها هذا القرار، حيث ذكروا بأن الباصات التي تقل ذوي الأسرى تخرج فارغة نظرا لعدم التزام الأهالي بالزيارة وهذا يكلف الصليب الأحمر ملايين الشواكل سنويا.
وذكر النجار بأنه وبعد الرجوع إلى الحيثيات التي أصدر ممثلي الصليب الأحمر توصياتهم، تبين أنه وفي شهر تشرين أول الماضي، وفي ذروة انتفاضة القدس وعملياتها، كانت عملية إغلاق القرى والمخيمات الفلسطينية وانتشار الحواجز الإسرائيلية تحول دون استطاعة الأهالي الوصول إلى مكاتب الصليب الأحمر والتوجه لزيارة أبنائهم، واستغل الصليب الأحمر تلك الفترة تحديدا وأجرى عملية حسابية " حقيرة" أصدر بناء عليها توصياته بتقليص عدد الزيارات الشهرية.
وأضاف النجار أنه من الواضح أن الصهيونية العالمية قد تغلغلت في مراكز القوى في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف، وقد يكون ممثلي الصليب الأحمر في الضفة من أصول يهودية.
وأوضح النجار بأنه يرفض قرار الصليب الأحمر جملةً وتفصيلاً، وسيكون هناك خطوات احتجاجية مقبلة من أهالي الأسرى تتمثل في مقاطعة مكاتب الصليب الأحمر، ورفض الأسرى داخل السجون لزيارة مندوبي اللجنة.
وحول مبررات الصليب الأحمر لاتخاذ القرار، قال النجار بأن الناطقة الإعلامية للجنة في فلسطين نادية الدبس أشارت إلى أنه ونظراً لاشتداد الأزمات الإنسانية في عدة دول محيطة فإن اللجنة مضطرة لتقليص خدماتها في فلسطين المحتلة.
مضيفاً بأن ما صرحت به الدبس هو عذر أقبح من ذنب، فبدل أن تسعى اللجنة لرفع المنع الأمني عن أهالي الأسرى تقوم بتقليص الزيارات، كما أنه لا دور للصليب الأحمر في منع عمليات التفتيش المذلة التي يتعرض لها ذوي الأسرى خلال زيارة ابناهم أو حتى عمليات اعتقال أمهات وزوجات الأسرى خلال الزيارات بحجج واهية، متهما اللجنة بالتساوق مع توجهات الاحتلال بما يخص الأسرى الفلسطينيين.