13.34°القدس
13.1°رام الله
12.19°الخليل
17.48°غزة
13.34° القدس
رام الله13.1°
الخليل12.19°
غزة17.48°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

تقرير "فلسطين الآن"

20% من الوفيات والإصابات بالأمراض سببها "البيئة"‎

Egypt-air pollution-by Kim Eun Yeul-World Bank-780x439
Egypt-air pollution-by Kim Eun Yeul-World Bank-780x439
رام الله - مراسلنا

فجر الخبير البيئي ومدير وحدة الدراسات في مركز العمل التنموي/ "معا" جورج كرزم، مفاجأة كبيرة، حينما تحدث عن تأثير العوامل البيئية في فلسطين في ارتفاع حالات الوفاة والإصابة بالأمراض، محذرا من مواصلة الجهات الرسمية والأهلية والشعبية إهمال الملف وعدم منحه الاهتمام المطلوب، نظرا لتأثيراته الكبيرة على مختلف مناحي الحياة.

جاء هذا في وقت، قالت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الشامل الأخير حول الوفيات والأمراض في العالم بسبب عوامل بيئية، إن "نحو ربع الوفيات في العالم، أي حوالي 12.6 مليون، سببها عوامل بيئية في أماكن العمل أو السكن؛ علماً أن العوامل البيئية مسؤولة عن 22% من إجمالي الإصابات بالأمراض في العالم.  وهي بشكل أساسي الهواء، الماء، التربة، التعرض للمواد الكيميائية (بما في ذلك تلك التي في المواد الغذائية)، وتغير المناخ والتلوث الإشعاعي".

النسبة العالمية للوفيات بسبب عوامل بيئية قريبة من نسبة الوفيات بسبب العوامل ذاتها في منطقة شرق البحر المتوسط، إذ بلغ عدد الوفيات عام 2012 بسببها نحو 854 ألف، وتحديدا بسبب المعيشة والعمل في بيئة غير صحية. وهو يعادل حوالي 20% من إجمالي الوفيات في المنطقة نفسها التي تضم أساسا فلسطين التاريخية، سوريا، لبنان، الأردن وقبرص.

وفي الضفة الغربية وقطاع غزة هناك أكثر من 2600 وفاة، من أصل نحو 13,300 حالة سنويا (لعام 2014 بحسب وزارة الصحة الفلسطينية) يموتون بسبب عوامل بيئية.  هذه النسبة التقديرية تنسجم مع حقيقة أن الأمراض السرطانية (بحسب وزارة الصحة) تأتي في المرتبة الثانية للأمراض المؤدية إلى الوفاة عند فلسطينيي الضفة والقطاع، وبنسبة تفوق 14%؛ بينما 30% من الوفيات في المنطقة ذاتها سببها أمراض القلب الوعائية التي تعد المسبب الأول للوفيات.  واللافت أن هناك زيادة بارزة في نسبة وفيات السرطان المبلغ عنها في الضفة الغربية تحديدا، خلال الفترة 2007-2014؛ إذ ارتفعت النسبة من 10,3% إلى 14,2% على التوالي، ويعد سرطان الرئة المسبب الأول للوفيات من مجموع الوفيات (المسجلة) بسبب السرطان، وذلك بنسبة 19,6%.

مقدار الارتفاع في حالات السرطان المسجلة سنويا بين عامي 2000 و2014 كان نحو 114% (1073 حالة عام 2000 و2294 حالة عام 2014)؛ بينما بلغت نسبة الزيادة السكانية خلال الفترة حوالي 49% (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني).

عوامل التلوث

وأشار كرزم -في حديث خاص مع "فلسطين الآن" إلى أن "عوامل التلوث البيئي في المستوى الفلسطيني كثيرة جدا، وأبرزها فوضى الكيماويات والمبيدات الزراعية المستخدمة، إلى جانب الفوضى القائمة في تسويق السلع الغذائية المصنعة التي تحوي مكونات كيميائية خطرة، وأحيانا كثيرة تتستر تلك المكونات بأسماء مضللة؛ فضلا عن تسويق السلع الغذائية التي تحوي مكونات معدلة وراثيا، دون معرفة المستهلك؛ ما يعد انتهاكا صارخا لحق المستهلك في معرفة ماذا يأكل ولحقه في الاختيار". 

يضاف إلى ذلك النفايات الإسرائيلية السامة والخطرة التي يدفنها الإسرائيليون في مناطق مختلفة بالضفة الغربية (قلقيلية، بعض قرى غرب رام الله، مناطق الخليل-بيت لحم...)؛ فضلا عن عشوائية طرق التخلص من النفايات الفلسطينية السامة، وبخاصة النفايات السائلة الناتجة من معاصر الزيتون (الزيبار)، النفايات الطبية والإلكترونية والبطاريات وما إلى ذلك.

وهنا يلفت كرزم أيضا إلى التلوث الإشعاعي الناتج عن المفاعلات النووية الإسرائيلية، والنفايات النووية التي تدفن في أراضي الضفة الغربية (صحراء الخليل)، وبالطبع الملوثات الإسرائيلية السامة المنبعثة إلى الهواء والأرض والمياه من المنشآت الصناعية الإسرائيلية.

يمكننا أيضا، وفق كرزم، إضافة عوامل التلوث الناتجة عن مقالع الحجر والكسارات الإسرائيلية الآخذة في توسيع نشاطاتها بالضفة الغربية؛ إلى جانب مقالع الحجر والكسارات الفلسطينية.  يضاف إلى ذلك ظاهرة التصحر في قطاع غزة، والمخلفات الإشعاعية والكيميائية الخطرة الناتجة عن الأسلحة الإسرائيلية-الأميركية المستخدمة ضد الإنسان والبيئة في قطاع غزة.

ومن عوامل التلوث الخطرة جدا أيضا الاقتلاع المتواصل للأشجار والمساحات الخضراء بالضفة الغربية لأغراض التوسع الاسمنتي وحطب التدفئة وصناعة الفحم، دون تعويض المساحات التي تم تشويهها وتخريبها. وليس أقل خطراً من ذلك مستويات التلوث الإشعاعي (الراديوي غير المؤين) الناتج عن أبراج الخليوي المنتشرة عشوائيا في الضفة وغزة.

التلوث الهوائي

يضيف كرزم، "من المفيد التذكير هنا بما توصلت إليه الدراسة البيئية التي نفذتها جامعة "ييل" الأميركية التي نشرت في كانون ثاني الماضي، ومفادها أن ما يحفز التلوث الهوائي هو واقع أن مساحات ضخمة من الغابات تقدر بنحو 180 ألف كيلومتر مربع في المتوسط تباد سنويا في العالم. 

ويوضح كرزم، بأن الوقود الأحفوري وتحديدا النفط والفحم والغاز يعد من أخطر مصادر التلوث البيئي؛ ما يتطلب العمل الفني والعلمي الجدي لتقليل استعمال هذا النوع من الوقود، وصولا إلى التخلص النهائي منه، من خلال التحول نحو الوقود النظيف أو الاستخدام الواسع للمواصلات العامة. علاوة على حظر استعمال المواد التي تأكد ضررها الصحي بشكل قاطع. والتوقف عن استخدام المواد السامة يتضمن بعدا اقتصاديا وجيها أيضا.

ويعطي مثالا لذلك ما ورد في تقرير منظمة الصحة العالمية بأن التوقف عن استخدام الرصاص لأغرض منزلية مختلفة في الولايات المتحدة الأميركية، أدى إلى فوائد اقتصادية تقدر قيمتها بنحو سبعين مليار دولار. 

لذا، يحث التقرير المذكور على ضرورة تقييم الجدوى الاقتصادية للأساليب المختلفة الهادفة إلى منع التلوث وبالتالي تقليل الأضرار الصحية.