ليس خوفًا من شعبية عمر سليمان، ولكن خوفًا على مستقبل مصر التي يراد لها الارتباط بعقلية أمنية متجهمة اعتادت على الكواليس والعمل من منطقة الظلام. ما ننادى به لا يتناقض مع الحريات وحقوق المواطنين لأن الثورة تطيح كلية بالنظام الذي اقتلعته ولا تسمح له بالخروج من الباب والدخول من نافذة الديمقراطية. ثورة مصر لا تزال بكرًا، والأجهزة الأمنية المتوحشة جاثمة على البلد لم تتزحزح، ومن الخطر والخطيئة السماح بعودة رجلها الأول عبر انتخابات لا يمكننا أبدًا التفاؤل بأنها ستمر نظيفة شفافة، فترشيح عمر سليمان يجعلها عرضة للتزوير بواسطة تلك الأجهزة الفعالة التي لم تتوقف عن التخريب في مصر طوال الشهور الماضية وافتعال الأزمات في ظل غياب الإرادة السياسية. عمر سليمان لن يكون منافسًا عاديًا، بل مسنودًا بأجهزة تتلصص وتدخل البيوت بدون استئذان وتقتاد الناس إلى المجهول، ومن الظلم الشديد للشعب الذى رفضه ليلة 10 فبراير، أن يؤتى به وسط حراسة عسكرية مدججة فى موكب رئاسى مقدمًا أوراق ترشحه ليعود من النافذة، وفى اليوم التالى يفتح النار على الإخوان ويتهمهم بترتيب محاولات لاغتياله، ما يعنى أنه يأتى محملاً بالضغائن والثأر ورغبات الانتقام، وسيكون مهندس إعادة أحداث عام 1954. مصر كلها يجب أن تهتز لترشح سليمان، فهو انقلاب عسكري أبيض لا يجب أن يمر، والبرلمان يستطيع بالإقرار السريع لمشروع قانون العزل السياسي لمسئولي نظام مبارك خلال الخمس سنوات الأخيرة، أن يمنع ذلك الانقلاب من تحقيق أهدافه، وأن يلزم رئيس المخابرات ونائب الرئيس السابق بالبقاء فى بيته والتفرغ لرعاية أحفاده كما كان يروج خلال الشهور الماضية. عمر سليمان يرى أن شعب مصر غير ناضج ولا يحمل ثقافة الديمقراطية، حسب قوله للصحفية الأمريكية كريستيان أمانبور، عندما التقته في ذروة ثورة 25 يناير، فكيف تأتى به الديمقراطية التى لا يؤمن بها؟! فى اللقاء نفسه، اتهم شباب الثورة بأنهم مدفعون بأجندة خارجية، فكيف يقول إنه جاء ليحقق أهداف الثورة، إلا إذا كان يعتبر الانقلاب الذى ينفذه حاليًا تحت ستار الانتخابات هو الثورة! عندما سألته الإعلامية الأمريكية: هل يمكن أن يرشح نفسه، أجاب بالنفى وبرر ذلك بكبر سنه، فهل عاد له الشباب خلال الشهور الماضية، أم كان يخشى حينها رئيسه ومعلمه حسنى مبارك ونجله الوريث، الذي كان عمر سليمان مجرد كومبارس له؟! لن يتراجع سليمان ومن وراءه، سوى بتوحد القوى الوطنية والوقوف جبهة واحدة صلبة أمامه، وإلا فإنه قادم لا محالة، لتنكب مصر سنوات طويلة بنائب رئيس يصبح رئيسًا بنفس الطريقة ولكن هذه المرة بانتخابات مزورة وليس باستفتاء التسعة وتسعين فى المائة. لنسرع بإغلاق نفق يقودنا إلى المجهول، الكلمة لا تزال فى يد الشعب عبر ممثليه فى البرلمان، فإذا لم نقلها سنندم يوم لا ينفع الندم
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.