15.57°القدس
15.33°رام الله
14.42°الخليل
17.88°غزة
15.57° القدس
رام الله15.33°
الخليل14.42°
غزة17.88°
الأحد 22 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: الملف المسكوت عليه

ما يدهشني في ترشح السيد عمر سليمان لرئاسة الجمهورية أمران، الأول انه ليس لديه أي شعور بالذنب جراء الدور الذي قام به في نظام أذل مصر وشعبها طوال ثلاثين عاما. الثاني أنه في لقاءاته بعد الترشح يتحدث بثقة شديدة مطمئنا إلى فوزه، معتقدا أنه أصبح المخلِّص الذي سيُخرج مصر من أزمتها. وهو في ذلك لا يستهين بالشعب المصري وثورته فحسب، ولكنه يفترض في المصريين البلاهة والغباء، ويراهن على أنهم شعب بلا ذاكرة. إن الرجل حرص على أن يقدم نفسه باعتباره جنديا خادما للوطن، وأنه لم ولن يجامل على حساب ذلك الوطن. وكان قد ذكر في بيان اعتزامه الترشح أنه باعتباره جنديا لم يعص أمرا في حياته. كأنما أراد أن يخلي مسئوليته عن جرائم نظام مبارك، وأن يقنعنا بأن دوره لم يتجاوز حدود تلقي الأوامر وتنفيذها. إذا صح ذلك. فليس أمامنا في رد ما يدعيه الرجل سوى أن نستدعي ملفه، وأن ندعو إلى التحقيق في محتواه، لتحديد حجم مسئوليته في ظل النظام الذي ثارت الجماهير ضده. أدري أن ثمة ثغرة في هذه الدعوة، وهي أن محاسبة أركان النظام السابق لا تزال حتى الآن محصورة في دائرة الجرائم الاقتصادية والجنائية. أما الجرائم السياسية التي أفضت إلى تدمير سمعة مصر والإضرار بأمنها الوطني وإلحاقها بمعسكر التبعية، فإنها لا تزال حبيسة صندوق المرحلة المباركية الأسود، الذي لم يُفتح بعد. وأغلب الظن أن إغلاقه حتى الآن هو الذي أغرى عمر سليمان وأمثاله بادعاء البراءة والوطنية والظهور في الفضاء السياسي والإعلامي، إلى الحد الذي دفعهم إلى احتقار المشاعر الشعبية من خلال الترشح لرئاسة الجمهورية، ومن سخرية الأقدار أن نائب الرئيس السابق الذي يحاول خوض الانتخابات الديمقراطية كان قد صرح للتليفزيون الأمريكي قبل سقوط النظام بأن الشعب المصري ليس مؤهلا للديمقراطية. هل كان عمر سليمان بعيدا عن الفساد الذي غرق أعوان مبارك في مستنقعه طوال العشرين عاما التى قضاها الرجل إلى جواره؟ هذا أحد الأسئلة التي ينبغي أن تُطرح ولا تُستبعد إذا ما فتح الملف، لأن غموض الرجل وحساسية منصبه وبعده عن الأضواء من العوامل التي أسهمت في التعتيم على ذلك الجانب. مع ذلك فإنه لم يسلم من الشائعات والأقاويل التي تحتاج إلى تحقيق. ومنها ما يتعلق بتضخم ثروته العقارية التي كان يحوزها ثم يتصرف في بعضها بالبيع، أو بتعاملاته المالية مع بعض الأمراء العرب، أو بمشاركته في بعض الصفقات الكبرى التي تعلقت بأراضي البحر الأحمر ومنتجعاته. وأكرر أن تلك كلها مجرد شائعات وعلامات استفهام تتطلب جهدا لإثباتها أو نفيها. ولأن الرجل كان يمسك بأهم إن لم يكن كل ملفات علاقات مصر الخارجية فثمة اسئلة أخرى ينبغى أن تُطرح عليه تتعلق بدوره وموقفه ومسئوليته إزاء عناوين عدة منها ما يلى: استجلاب عناصر الجماعات الإسلامية الذين يشتبه الأمريكيون في انشطتهم لتعذيبهم واستنطاقهم في مصر ــ تنفيذ المخططات الأمريكية في المنطقة التي أشارت إليها وثائق ويكيليكس ــ دوره في توقيع اتفاقية الغاز مع إسرائيل ــ العلاقات الخاصة التي ربطته بالقادة الإسرائيليين الذين رحبوا بترشحه (سيلفان شالوم نائب رئيس الوزراء اعتبر ترشحه أمرا ايجابيا وبنيامين اليعازر النائب الحالي والوزير السابق أعلن تفاؤله بترشحه واعتبره أمرا ايجابيا) ــ دوره في الاجتياح الإسرائيلي لغزة وإحكام الحصار حول القطاع ــ تحيزه لصالح الإسرائيليين في علاقاتهم مع الفلسطينيين ومسئوليته عن تعطيل المصالحة بين حركتي فتح وحماس ــ مسئوليته عن تنفيذ سياسة عزل مصر عن محيطها العربي وانخراطها تحت المظلة الأمريكية فيما سمي بمحور الاعتدال ــ الفشل الذي منيت به المخابرات المصرية في انقلاب حماس في غزة وانفصال جنوب السودان وفساد علاقات مصر مع دول حوض النيل. إذا قيل إن الرجل في كل ذلك كان ينفذ سياسة مبارك، فذلك لا يخلي مسئوليته كشريك وأداة للتنفيذ، ثم انه يعني انه لم يكن خادما لمصر كما ادعى، ولكنه كان خادما لمبارك. أخيرا أذكر بأنني في 21 فبراير الماضي حذرت من تحرك حزب جديد يعد لاستلام السلطة في مصر مراهنا على فشل الآخرين. واضيف اليوم ان ظهور عمر سليمان في الأفق يؤيد ما قلته، وحملة الدعاية له وجمع 60 ألف توقيع لحسابه التي استمر الاعداد لها بعيدا عن الأضواء طوال الأشهر الماضية، ذلك كله يعني ان الحزب تشكل وأنه بدأ نشاطه على الأرض ــ وذلك انذار جديد للعلم والنظر.