23.3°القدس
23.01°رام الله
22.66°الخليل
26.54°غزة
23.3° القدس
رام الله23.01°
الخليل22.66°
غزة26.54°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

بدو فلسطين.. الهوية الفلسطينية ملاذًا!

هشام منور
هشام منور
هشام منور

نحو ربع مليون شخص من عشائر فلسطين البدوية لا يزالون يعانون آثار النكبة عام 1948 وتبعاتها. وتواجه هذه العشائر، بين الحين والآخر، تحديات وأخطارا، وعمليات طرد وترحيل ليس من مناطق سكنهم الأصلي بصحراء النقب جنوب فلسطين، الحدودية مع سيناء المصرية، أو في مناطق الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل فحسب، بل من المنطقة الشمالية من فلسطين، حيث تمركزهم.

النكبة هي رديف الكارثة التي لا يزال يعايشها عشائر البدو في فلسطين المحتلة، مقولة تتردد في كل لقاء يجمع أبناءها وهم يواجهون الطرد والترحيل من مناطق سكنهم الأصلية، ومناطق اللجوء داخل الضفة الغربية، وحول القدس المحتلة، سواء في قرية اللقية، أو في العيزرية على تخوم القدس، وفي مناطق الخان الأحمر قرب القدس.

جديد الانتهاكات بحق أبناء الشعب الفلسطيني من البدو ما كشفت عن الصحافة العبرية من مخطط جديد، يسعى من خلاله جيش الاحتلال لتجنيد العرب من بدو النقب، فيما يعتبره معارضوه محاولة جديدة لسلخهم عن هويتهم الفلسطينية، وإمعانا في سياسة فَرِّق تَسُد.

يأتي هذا المخطط بعد الانخفاض المطّرد في معدلات الالتحاق بجيش الاحتلال في أوساط عرب النقب في السنوات الأخيرة، وارتفاع حالات التهرب من الخدمة، الأمر الذي يصفه مناهضو التجنيد بـ"النجاح اللافت" والتعبير الحقيقي عن فشل مشاريع التجنيد. يعزو جيش الاحتلال هذا الانخفاض إلى العدوان الأخير على غزة، والاحتجاجات التي شهدتها النقب ضد مخطط برافر، والذي سعى الاحتلال من خلاله إلى تهجير عشرات الآلاف من أهل النقب ومصادرة عشرات الآلاف من الدونمات من الأراضي.

ووفقًا للمخطط، يخضع المجندون لمرحلة تصنيف أولي، ومن ثم مرحلة تحضيرية لمدة ثلاثة أشهر، تتضمن استبيانًا أمنيًا، ودورات في اللغة العبرية في قاعدة ألون العسكرية، شمالي فلسطين المحتلة، وفي ختام الأشهر الثلاثة يتم تجنيدهم أو تسريحهم، حسبما ورد في التقرير.

كما يعتزم جيش الاحتلال إتاحة المجال للانتساب، إضافة لكتيبة "التجوال الصحراوية"، ووحدة "قصاصي الأثر"، إلى وحدات التكنولوجيا، وفي سبيل ذلك يعمد إلى تقديم إغراءات مالية وتسهيلات في سوق العمل للملتحقين، بحسب ما جاء في المخطط.

شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في نسبة الملتحقين من عرب النقب بجيش الاحتلال، والذين لا يتعدى عددهم الـ280، مقارنة بـ320 من العام الفائت، علما أن جمعيات الخدمة الوطنية، التي تعتبر مقدمة للخدمة العسكرية، صارت تنشط بشكل كثيف في النقب.

مخططات تشجيع عرب النقب من البدو على الالتحاق بجيش الاحتلال إقرار بفشل مخططاتهم السابقة، ومحاولة بائسة لإعادة عجلة الزمن للوراء، بعد تمدد وتمكن الفكر الوطني، وارتفاع الوعي، مقابل فضح مشروع (إسرائيل) الاستعماري.

الملتحقون سابقًا بجيش الاحتلال مجموعة هامشية منبوذة بأغلبيتها، ولا تعبر عن أهل النقب، الذين يعانون الأمرين من سياسة مصادرة الأراضي وهدم البيوت، فما لا يفقهه الإسرائيليون أن المسألة ليست منافع ومغريات، بل مسألة انتماء لشعبنا الفلسطيني، وأن البدو في النقب هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، ومحاولة سلخهم عن هويتهم فاشلة لا محالة.

شباب النقب والبدو بوجه عام شباب أضحى واعيًا بهويته الفلسطينية، وواعيًا بخطورة المحاولات الإسرائيلية لاستعماله في حروبها ضد أهلنا وشعبنا، ولن يرضى باستعماله وقودًا لآلة الحرب الإسرائيلية. وهناك إجماع في الداخل على رفض مخططات التجنيد، فـموقف لجنة المتابعة العليا واضح وبيّن ضد التجنيد. وحكومة الاحتلال تحاول تضييق الخناق على أهلنا في النقب والبدو تحديدًا، من خلال سياسة تكميم الأفواه، تبعا لقاعدة ما لم يتأتَ بالقوة يأتي بالمزيد من القوة.

مساعي الاحتلال ورغم المخططات المعلنة مصيرها الفشل كما يرى أهلنا في النقب وعشائر البدو، إذ لا يمكن لعمليات الدجل والتضليل أن تحجب الحقيقة البسيطة أن أهل النقب يتعرضون للملاحقة والتنكيل وهدم البيوت ومصادرة الأراضي من مؤسسات الدولة ذاتها وأذرعها العسكرية. هذه الخدع لن تنطلي على أهلنا، وستذهب مخططاتهم أدراج الرياح، كما سابقتها، والإغراءات المادية المقدمة لا تساوي شرف وكرامة المرء.

ورغم أن الكنيست الإسرائيلي صادق، في مطلع شهر يوليو/ تموز، على قانون ينص بفرض عقوبة السجن الفعلي لمن يحرض ضد التجنيد، إلا أن الدعوات لمواجهة مخططات تشجيع الالتحاق بجيش الاحتلال في الداخل الفلسطيني ما تزال مستمرة، وهي ترى في الهوية الفلسطينية ملاذًا لها في مواجهة المغريات والتهديدات الإسرائيلية، الرسمية وغير الرسمية، على حد سواء.