20.18°القدس
19.86°رام الله
19.66°الخليل
25.32°غزة
20.18° القدس
رام الله19.86°
الخليل19.66°
غزة25.32°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

تَمْهيدُ رَبِّ العالمين والنّبيِّ الأمين لفتحِ فلسطين

خالد الخالدي
خالد الخالدي
خالد الخالدي

قبل أن يُكلِّفَ اللهُ (تعالى) النبيَّ محمدًا (صلى الله عليه وسلم) وأُمَّتَه بتحرير الشام وفلسطين مهَّد لذلك بأمور كثيرة، لعلَّه أراد أن يعمّق بها حبَّ هذه البلاد المقدسة في قلوب المسلمين، ويجعلَهم يبذلون أرواحَهم وأموالَهم في سبيل فتحها والحفاظ عليها على طول الزمان، ومن هذه الأمور: 1- اختيار المسجد الأقصى قبلة أولى للمسلمين، ومسرى للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومعراجًا له إلى السماء، ومسجدًا يصلي فيه إمامًا بالأنبياء (صلوات الله وسلامه عليهم)، ويرث فيه منهم هو وأمته حق الإمامة في هذه الأرض المقدسة.

2- بيان فضل هذه الأرض، وأنها مباركة مقدسة بآيات يتلوها المسلمون، ليصبح حبّها عقيدة راسخة في قلوبهم. 3- أوحى الله (تعالى) لنبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) أن يبين للمسلمين فضل بيت المقدس والشام، فذكر فضلهما في أحاديث كثيرة {وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحيٌ يوحى}.

4- جعلها مقرَّ الطائفة المنصورة القاهرة لعدوها المحافظة على دينها، قال رسول اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): "لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ من أمتي على الدِّينِ ظَاهِرِينَ، لِعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ، لاَ يَضُرُّهُمْ من خَالَفَهُمْ إلا ما أَصَابَهُمْ من لأْوَاءَ حتى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ"، قالوا: "يا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟"، قال: "بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ".

5- أوحى إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن يبشر أمته بأنها ستفتح على أيديهم، ليقدموا على فتحها، مهما كانت الصعوبات، فقال يوم الخندق: "الله أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، والله إني لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ من مكاني هذا".

6- أوحى إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يحضِّ أصحابه وأمته على السكن فيها، فقال (عليه الصلاة والسلام) في الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه، وأحمد في مسنده، وصححه الألباني: "ستكون هجرة بعد هجرة، فخِيارُ أهل الأرض ألزمهم مُهاجرَ إبراهيم، ويبقى في الأرض شرارُ أهلها تلفظهم أرضوهم تقذرهم نفس الله".

7- جعل الله (سبحانه) خيرَ مكان للرباط أرض فلسطين، إذ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الذي أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، وصححه الألباني: "فَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ جهادِكُمُ الرِّبَاطُ، وَإِنَّ أَفْضَلَ رباطِكُمْ عَسْقَلانُ".

ومهَّد رسول الله الأمين الطريق لفتح فلسطين بالخطوات التدريجية التالية:

1- نبه إلى فضلها، وحث على الهجرة إليها، والرباط فيها، وبشر بفتحها، كما بينت الأحاديث التي أشرنا إليها سابقًا. 2- أرسل سنة 7هـ الرسائل إلى الحكام والملوك يدعوهم إلى الإسلام بصفته رسولًا إلى كل البشرية، فمزق كسرى كتابه، فدعا عليه أن يمزق الله ملكه، أما قيصر الروم فمال إلى الإسلام، ورغب في الدخول فيه، غير أنه خاف من الروم على نفسه وملكه، وكان هرقل في تلك الحقبة قد انتصر على الفرس وأجلاهم عن الشام والقدس، وهو النصر الذي أشار إليه القرآن الكريم {غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ...} [الروم: 2 - 4].

3- فتح خيبر وفدك سنة 7هـ، فاقترب من الشام.

4- في السنة السابعة نفسها كانت غزوة مؤتة، وقد وقعت المعركة في شرق الأردن جنوب مدينة الكرك بنحو 11 كيلو متر، وسببها إقدام أحد زعماء الغساسنة (واسمه شرحبيل بن عمرو الغساني) على قتل رسول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحارث بن عمير الأزدي إلى ملك بصرى، كان جيش المسلمين ثلاثة آلاف مجاهد، واجهوا مائة ألف من جند الروم، ومائة ألف أخرى من العرب المناصرين بقيادة مالك بن رافلة، واستشهد في المعركة أمراء المسلمين الثلاثة: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، وتمكن خالد بن الوليد الذي تولى القيادة من تحقيق انسحاب كريم موفق، وقتل في المعركة مالك بن رافلة الزعيم العربي الموالي للروم.

5- بلغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن الروم وحلفاءهم من العرب يحضرون لغزو المدينة، فقرر أن يبدأهم هو بالغزو، فقاد بنفسه نحو ثلاثين ألفًا من المسلمين سنة 9هـ، وتوجه إلى الشام، وعندما وصل إلى تبوك الواقعة في شمال جزيرة العرب على مشارف الشام تَبَيَّن له أنه لا حشود للروم، فقرر أن يستثمر هذه الغزوة، لتوطيد سلطة المسلمين في تلك المناطق، فأرسل خالد بن الوليد ففتح دومة الجندل، وصالحه أهل أيلة (إيلات) وأذرح وتيماء وجرباء على أداء الجزية.

6- نجح المسلمون في نهاية العهد النبوي في إيصال الإسلام إلى بعض القبائل في شرق الأردن، بمناطق تبالة وجرش، ومن هذه القبائل بطون من قضاعة.

7- أعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبيل وفاته جيش أسامة، وأمره بالانطلاق إلى الجهاد حيث قتل أبوه زيد بن حارثة، وعقد له اللواء آخر يوم من صفر سنة 11هـ (28/ مايو/ 632م)، ومرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجعل يقول في مرضه: "أنفذوا جيش أسامة، أنفذوا جيش أسامة"، وفي 12 ربيع الأول توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فتأخر خروج هذا الجيش، حتى أمره الخليفة أبو بكر بذلك، فخرج في أول ربيع الآخر 11هـ (27/ يونيو/632م)، وثبَّت جيش أسامة شوكة الإسلام على تخوم الشام، وعاد سريعًا إلى المدينة، في وقت انشغل فيه المسلمون بحرب الردة، وقد فهم المسلمون من وصية نبيهم وهو على فراش الموت بإنفاذ جيش أسامة أنه يستحثهم على مواصلة الجهاد لفتح الشام وبيت المقدس، فقاموا بهذه المهمة في عهد خليفته الأول أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)، وأتموها في عهد خليفتهم الثاني عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).