أنصح كل عربي أن يقرأ رسالة السيد عباس إلى السيد نتنياهو عدة مرات، والتي عرفت بأم الرسائل، وأنصح كل فلسطيني أن يعلقها على باب بيته، وأن يضع خطاً أحمر تحت الفقرات التي يخاطب فيها عباس نتنياهو قائلاً: السيد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أعود وأؤكد التزامنا بسياسة عدم التسامح مع (العُنف). وفي نفس الوقت، فإنني أمل تفهمك بأن استمرار بناء الاستيطان ينزع ثقة الفلسطينيين بالتزامك بتحقيق حل الدولتين. هل لاحظ القارئ؛ أن عباس يتكلم بلغتين، لغة القوة والعزم والحزم والصرامة حين يتعلق الأمر بالفلسطينيين، ليؤكد على عدم التسامح مع المقاومة، التي يسميها "العنف" ويسميها الإسرائيليون "الإرهاب"، ويتحدث عباس بلغة الرقة والهمس الناعم والكلام الحنون الشفاف حين يتوجه إلى نتنياهو قائلاً: آمل تفهمك، بمعنى آخر، فإن السيد عباس يأمل أن يتفهم الذئب حجم الوجع الواقع على قطيع الماعز. في رسالة السيد عباس اعتراف خطير جداً، حين يقول: نظراً لسياسات الحكومات المتعاقبة، فإن السلطة الفلسطينية لم يعد لها أي سلطة، وأصبحت دون ولاية حقيقية في المجالات السياسية والاقتصادية والجغرافية والأمنية، أي أن السلطة فقدت مبرر وجودها. وهذه حقيقة، لقد فقدت السلطة الفلسطينية مبرر وجودها، والسبب يرجع كما يقول عباس إلى سياسات الحكومات المتعاقبة، وهذا أول اعتراف من قبل السيد عباس؛ أن لا فرق بين الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سواء كانت يمينية أم شمالية، أم وسط، فكلهم يهود، أسهموا في جعل السلطة الفلسطينية بلا سلطة. لقد اعترف السيد عباس أنه تنازل عن 78% من فلسطين دون مقابل حين يقول: لقد وافقنا على إقامة دولة فلسطين على حدود 22% من أراضي فلسطين التاريخية. وفي هذا التنازل التاريخي يكون عباس قد ألغى بنفسه مضمون الفقرة التالية من رسالته، والتي يقول فيها: "حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين". لأن الحل المتفق عليه مع اليهود سيكون خارج حدود 78% من فلسطين التاريخية التي تنازل عنها السيد عباس. إنما الأخطر في رسالة السيد عباس، حين قال: سنستمر في تنفيذ ما علينا من التزامات بما في ذلك تفعيل اللجنة الثلاثية ضد التحريض، وهذا لا يعني مواصلة التعامل مع المخابرات الإسرائيلية، وتبادل المعلومات الأمنية معها فقط، وإنما سيشرع عباس في تطبيق شرط "نتنياهو" لاستئناف المفاوضات، والقائل بوقف التحريض، وهذا يعني استكمال تغيير المناهج التعليمية، ورسم خرائط فلسطين ضمن حدود غزة والضفة الغربية فقط، وعدم مناداة العدو الإسرائيلي إلا بلفظة الجار الإسرائيلي، أو الطرف الآخر، أو أبناء العمومة، والتوقف عن تلاوة آيات القرآن الكريم التي يرد فيها ذكر بني (إسرائيل).
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.