18.29°القدس
18.16°رام الله
18.01°الخليل
24.74°غزة
18.29° القدس
رام الله18.16°
الخليل18.01°
غزة24.74°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

الجدار العازل وعقلية الجيتو في الوجدان اليهودي

وليد القططي
وليد القططي
وليد القططي

لا شك أن الجدار العازل الذي أقامه الكيان الصهيوني على حدود الضفة الغربية وداخلها وحول القدس أُقيم على أساس نظريته الأمنية , وجزء من منظومة التحكم الاحتلالية , وإحدى وسائله لإلتهام الأرض الفلسطينية وتقوية مشروعه الاستيطاني في الضفة , ولكنه أيضاً يُعتبر تجسيد لُعقدة الجيتو المتغلغلة في الوجدان اليهودي منذ القدم , تلك العٌقدة التي أصابت عقولهم ونفوسهم وانعكست على طريقة التفكير والعمل لديهم فكان الجدار العازل إحدى إفرازات ونتائج هذه العقدة المستحكمة في عقولهم وقلوبهم ونفوسهم .

يقول أورى افنيري – أحد منظري اليسار الإسرائيلي – عن الجدار العازل " إن فكرة الجدار محفورة بعمق داخل الوعي الصهيوني , وهي ترافق هذا الوعي منذ نشأة الصهيونية " ونحن نذهب أبعد مما ذهب إليه أورى افنيري لنقول إن فكرة الجدار راسخة في الذاكرة اليهودية ومتجذرة في الوجدان اليهودي قبل نشأة الفكرة الصهيونية وقيام الحركة الصهيونية , وهذا ما تؤكده توراتهم المزيفة وتلمودهم الذي كتبوه بأيديهم التي تدعوهم إلى بناء الأسوار والجدران والمتاريس والحصون والقلاع والأبراج للاختباء خلفها وداخلها عند القتال . ولقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة عند اليهود في قوله تعالى " لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ " وهذه الحقيقة يؤكدها تاريخهم القديم والمعاصر لا فرق في ذلك بين يهود الجزيرة العربية قديماً , كحصون خيبر وغيرها , ويهود ( اسرائيل ) حديثاً الذين أقاموا خط بارليف وحصون المستوطنات والجدار العازل .

فبناء الجدار العازل ينسجم مع عقلية ونفسية الجيتو الانعزالية اليهودية المتسقة مع صفاتهم الأخرى , ومنها : حب الدنيا وكراهية الموت مصداقاً لقوله تعالى " وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ... " أي حياة مهما كانت ذليلة ومهينة , وقوله تعالى لهم : " فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا " حتى لو كان الموت فيه عزتهم وكرامتهم وحياة شعبهم , وحب الدنيا وكراهية الموت يؤديان إلى الجبن وهي صفة ملازمة لهم أكدها القرآن الكريم وتاريخهم الملئ بالخداع طريقاً للهروب من القتال . ويتسق أيضاً مع إحساسهم بالتميز والأفضلية على شعوب الأرض فوصموا بالعنصرية والاستعلاء على الآخرين ( الجوييم ) وبرروا ذلك بقولهم : " ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ " وهذه النظرة الاستعلائية هي التي جعلتهم يعزلوا أنفسهم عن الآخرين في حارات وجيتوات مغلقة , وخلف أسوار وجدران عالية , وداخل حصون وقلاع محكمة , محبوسين داخل جبنهم وخوفهم تـــارة , وداخل عنصريتهم وغطرستهم تارة أخرى .

وأخيراً يُمكن القول أن الجدار العازل جزءٌ من منظومة الاحتلال للتحكم بالضفة الغربية والتهام المزيد من أراضيها والتضييق على أهلها , وتجسيد لأحد أركان نظريته الأمنية لإيجاد حدود مصطنعة لحماية كيانه ومستوطنيه , ولإيجاد عمق استراتيجي وهمي غير موجود , ولكنه فوق ذلك وقبله يضرب بجذوره في الأرض الفلسطينية , وأُسسه قوية في الدين اليهودي والوعي الصهيوني قبل أن توضع أسسه الواهية في التراب الفلسطيني , وأسواره راسخة في التاريخ اليهودي والحركة الصهيونية قبل أن تُبنى أسواره البائدة في الوطن الفلسطيني . وبالجدار العازل تحوّل الكيان الصهيوني إلى جيتو كبير بداخله جيتوات صغيرة يسكنها كتل بشرية مذعورة ومرعوبة تنتظر مصيرها المحتوم بتدمير إفسادهم وإزالة كيانهم .