25.52°القدس
24.43°رام الله
25.1°الخليل
26.88°غزة
25.52° القدس
رام الله24.43°
الخليل25.1°
غزة26.88°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

خبر: أذهل الشاباك.."شبل الخليل" في غزة

كان حلمه ، أن يواجه جنود الاحتلال "بالبندقية" ، فكان له ذلك ، إذ كان أول من "أشعل نار الانتفاضة" في خليل الرحمن التي لا يبعد منزله عن الحرم سوى خمسة أمتار ، لكن الإجراءات الأمنية حالت كثيرا دون الصلاة فيه ، كما يقول المحرر المجاهد القسامي "لؤي قفيشة" الذي حل ضيفاً على غزة في صفقة "وفاء الأحرار" الأخيرة. التقيته لأول مرة في زيارة شبابية إلى منزله في غزة ، سألناها عن أبرز محطاته الجهادية، تكلم كثيرا و أنصتنا لحديثه الذي لا يمل ، فرغم صغر سنه إلا أنه كان "أسطورة جهادية" بمعنى الكلمة ، أحدنا عبر عن ذهوله بهمته ورباطة جأشه بالقول : "لو كنت أنت المحرر الوحيد بالصفقة لكفى". بدأ حديثه مع انتسابه إلى جهاز المخابرات العامة ، الذي ترأسه توفيق الطيراوي آنذاك ، حاز فيه أفضل الدورات العسكرية والأمنية وفي كل مرة يثبت أنه الأفضل ، شغل منصبا حساسا في الجهاز ، رغم تساؤلهم : كيف لابن حماس أن يصل إلى هذا المستوى وهذا من المحرمات كان ، وفشلت محاولات لإقصائه من الجهاز ، فكان يقول : "إن الله يجهزه لأمر ما يعلمه هو" . . أعجب الطيراوي كثيرا به بعد أن أثبت جدارته وحاز الجوائز والأوسمة رغم صغر سنه و"حجمه" كما يقول ، فاشتهر " بالشبل " ، قربه منه كثيرا بل وأمنه على أهله ومنزله ، ، حار المقربون من الطيراوي سألوه ذات مرة : لماذا تؤمن الشبل على أهلك وبيتك و لا تأمن "لفلان " الذي عايشك عشرين سنة في تونس وهنا ، فكان رده : الشبل مربى ابن مسجد أما فلان غير مربى ابن شارع ، فكان شهادة حق ، منحت الشبل مزيدا من الثقة والهمة. بدأت رحلته الجهادية مع اعتقال وقتل " العملاء " ، من خلال جهازه إذ لم يستسلم لسياساته الأمنية"التنسيقية" ، يصف عمله هذا بالوطني ، تم قتل قرابة 12 عميلا ، أحدهم يحمل "الجنسية الإسرائيلية"، هنا بدا فصل جديد في حياته ، طرق مسامع "الشاباك " ، فأوعزوا إلى نظرائهم في نفس الجهاز الذي ينتمي إليه "الشبل" أن أوقفوه. تزايد الضغوط على "ياسر عرفات" مطلع الانتفاضة ، فاضطر إلى حل " الوحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب " في جهاز المخابرات ، خوفا من تنحرف عن مسارها الحقيقي في ملاحقة " الإرهابيين " و كان "قفيشة" أحد مسؤوليها ومقرها بيت لحم وكانت تضم قرابة 800 عنصر ، تميزت بالتدريب العال والدعم الغير محدود. تفرقت " القوة الخاصة "على المحافظات ، فعاد "الشبل" على رأس قرابة 30 عنصرا مدربا إلى موطنه الخليل ، استبشر خيرا بتحقيق حلم مواجهة العدو بالسلاح ، مرت الأيام ، فكان اللقاء ، في ساحة القتال ، اشتبك مع جيب عسكري في "شارع حساس" من شوارع الخليل ، أصيب من أصيب وقتل من قتل ، وانسحب مع رفاقه ، ثم عاد بعد ذلك لتقييم "الهجوم الأول" ومن السهولة لمسؤول أمني مثله أن يصل إلى "شوارع التماس" مع جنود الاحتلال خاصة في الخليل. وصل إلى مسامع المسؤولين في الجهاز ، أن الشبل هو من يقف وراء الهجوم ، استدعي للتحقيق لكن دون إدانة له ، لم يتراجع ، شن هجوما آخر على طريق يسلكه المستوطنون ، أيقن مسؤوله هذه المرة أنه هو المنفذ ، استدعاه مسؤوله المباشر وقال له : أنت شاب في مقتبل العمر والمستقل أمامك وغيرك يتمنون ما وصلت إليه ، لكن الشبل ترك دنياه وراء ظهره وقال : "حلمي أن أواجههم بالسلاح وها هو قد جاء الوقت" ، تأثر المسئول الأمني بكلام"الشبل" ، فما كان منه إلا أن حضنه ، ووعده بالمساعدة والتمويه عنه ، يقول الشبل : موه عني أكثر من عشرة أشهر وأنا أطلب منه العون حتى جاء غيره وتغيرت الأمور بعده. [color=red]ضاقوا ذرعا به[/color] كثيرة هي التفاصيل والمشاكل التي سببها لجهازه الأمني الذي وجد لغير الطريق الذي سلكه الشبل ، تم التضييق عليه وتولى الجهاز إسماعيل فرج ، الذي ساهم بتسليمه بشكل أو بآخر فيما بعد. ضاق فرج ذرعا بصيت "قفيشة" ، فسافر بنفسه من رام الله إلى الخليل ليعرف من هو "الشبل" ، التقى به وسمع منه كلاما لم يعجبه ، عبر عن غضبه منه بقوله : "كيف لو أنك حجمك أكبر شوية كان شو عملت؟". سأله هل أنت "قسام " من يدعمك ومن مسئولك الأعلى " لم يجب على أسئلة كان يرد "أنا مسئول أمني ولي صلاحيات" ، طلب منه الاستقالة ، فتقدم بها ولحق به "الثلاثون الآخرون، وبدأوا عملهم الجهادي الوطني ، اشتروا السلاح من مالهم الخاص بل ومن "مهور" زوجاتهم. تميز الشبل ، "بالقنص " ، نفذ أكثر من واحدة ، أحدهم جاؤوا به بعد اعتقاله للشهادة ضده في المحكمة ، يقول : "وضعوا له جهازا خاصة للسمع وكان لا يتكلم كثيرا فيكتب على ورقة" ، يضيف " شهادته أفادتني لأنه قال لا "أعرف من أصابني فقط يعرف الزمان والمكان". لم يتبن" الهجوم" ، لا يحب الإعلام كما يقول ، تفاجأ بأن فصيلاً ما أعلن المسؤولية ، ولما التقى المسؤول العسكري في السجن ، أخبره أنه هو القناص وكان التقاه قبل الأسر دون أن يخبره بأنه المنفذ في حين فاخر هو بالأمر. عاد ونفذ هجوما ليليا على مستوطنة في الخليل ، هدف من ورائه إرباك الجنود وإرسال رسالة لهم "نحن هنا" ، قنص جميع "كشافات" أبراج المراقبة التي كان يتخفي الجنود أعلاها " بضوئها القوي " ، ثم تمكن من قنص السلاح من يد " الجندي " . بعدها اشتدت الملحمة ، كان مختبئا وراء صخرة وجدار ، حاصره الرصاص من كل جانب ، حاول القفز من مكان لآخر ، سقط "مخزن الرصاص " من سلاحه ، لم يتبق إلا رصاصة واحدة في "بيت النار" ، يقول : "خفت في هذه اللحظة وكل إنسان معرض للخوف ، لكني لم أخف من الموت ، خفت من الاعتقال حيا" ، يضيف : "لكن الله سلم وتمكنت من الانسحاب بعون الله وبمساعدة رفاقي أطلقوا النار بكثافة من بعيد كما هو مخطط للتمويه على انسحابي". . يتابع : عدت بعد أيام لأرى مكان "الملحمة " ،فاجأه أن الصخرة التي احتمى بها تكسرت من هول ما أصابها من رصاص بل إن الجنود كان قريبون منه دون أن يكتشفوه ، يعلق بالقول : "كنت أقرأ القرآن أعماهم الله عني و تكفل بحمايتي". ضاق الصهاينة به ، ما من هجوم في بداية الانطلاقة المباركة في الخليل إلا وترصده كاميرات المراقبة ، حاولوا اغتياله ، نجا جريحا ، لم تحن بعد " نهاية الأسطورة " التي أربكت حسابات الشاباك في الخليل التي اعتقد أن أمنها وهدوءها سيطول أمده. تمر الأيام والشهور ، إلى أن جاء عام 2002 ، ذلك العام حيث فرح الصهاينة "بصيدهم الثمين " ، وقع الشبل في الشباك " ، يوضح المحرر لؤي : حاصروني في مستشفى الأهلي في 29/4 ، هربت بلباس أطباء ، في اليوم التالي تم محاصرتي في منزل ، بعلم مسبق من سيمح زهرة مسؤول شرطة تفوح . واتهم المحرر لؤي المدعو زهرة بتسليمه للاحتلال بعد أن أوعز لأربعة من عناصره بمرافقتي إلى المنزل الذي حوصر بداخله ، ونظرا لأنه لم ينم طيلة ثلاثة أيام متتالية ، غط في نوم من شدة التعب وبعد استيقاظه ، لم يجد رفاقه ، تبين له أن اسماءهم وهمية ، فروا وسلاحه معهم. حاصرته قوات كبيرة ، لم يجد ما يقاوم به ، بدأوا في تدمير المنزل و اطلاق النار للضغط عليه لتسليم نفسه ، فلم يجد بديلا غير ذلك بعد ساعات من الحصار و الضغط و الارهاق الشديد ، فاقتادوه أسيرا ، مقيدا ، إلى مسؤول القوة الغازية. هنا كان الموقف الذي لم أنساه ، يفخر الشبل : طلب المسئول من الجنود فك قيدي ووقف أمامي وحياني "بتحية عسكرية " حارة ، ثم قال : لؤي قفيشة أنت شغلت أكثر من 3000 جندي بمعداتهم ودورياتهم وناقلاتهم لاعتقالك أو قتلك. [color=red]مرارة السجن[/color] ومرحلة جديدة ، في سجون الاحتلال لم يردها "لؤي" ، لكن قدر الله ، التقاه ضابط المخابرات أخبره : في كل صباح نضع ملفك على مكتب رئاسة الوزراء لاعتقالك أو قتلك. فاجأه الضابط بشريط مسجل لهجوم نفذه في الخليل ، يقول قفيشة : التسجيل يظهر أنني كنت بين قوات من أمامي وأخرى من خلفي ، محاطين بي ، لكن السؤال الذي حيّر ضابط الشاباك ولم يجد له إجابة هو : كيف استطعت أن تفلت منا في تلك اللحظة وأنت محاصر من كل جهة والتسجيل يثبت؟ ، الجواب عند لؤي : إنه الله سبحانه وتعالى الحافظ. جلسات متتالية من التحقيق والتعذيب لانتزاع اعترافاته ، أدانوه بهجمات وقتل العميل "صاحب الهوية الإسرائيلية " بعرفهم هو "مواطن إسرائيلي " ، حاكموه (107) سنوات ثم خففت إلى (33 عاما) مقابل التنازل عن قضايا رفعها بسبب تعذيبه بأبشع الأساليب. ويمضى عشر سنوات في السجن ، حتى لاح في الأفق "مولد جديد " للشبل ، كان ضمن أسرى الحرية الذين أفرج عنهم في إطار صفقة "وفاء الأحرار" ، تم إبعاده إلى غزة خوفا من أن يعود " حلم الخليل المزعج". قبل الخروج من السجن طالبوه بالتوقيع ، فوقعوا ثم جاء أمر القيادة بعدم التوقيع ، فأبوا الخروج إلا بعد تمزيق توقعاتهم ، أخروا "تنفيذ الصفقة " ، ما أزعج ضباط المخابرات ، فلم يجدوا بدا إلا الاستجابة لهم ، فخرجوا في عزة رغم أنوفهم. أوصاه ضابط الشاباك عن غزة وحذره في آن واحد : باب السجن يفتح مرة واحدة وها قد فتح لك ، المرة الجاية "من الأرض إلى السماء ، في إشارة إلى اغتياله في حال عودته للمقاومة من جديد. لكن الشبل ، سخر من تهديدهم ، ومزق توقيعه "إربا إربا" ، ثم نشره فوق رؤوسهم ، فصرخوا أن أخرجوه بسرعة. وزغردت غزة بقدوم الشبل وأمثاله الأسود الآخرين ، لم يخطر بباله أن يجد هذا الاستقبال والحفاوة التي حظوا بها من معبر رفح إلى غزة حيث كان الاحتفال الشعبي الكبير. لم ينس الشبل تضحيات أهل غزة ، التي تزوج من "إحدى كريماتها" ، حفظ ود وجهاد أبطالها وعاهد الله على " تلبية نداء الواجب إذا نادى نادي الجهاد".