تقف الطالبة أماهر ماضي أمام مشروعها التكنولوجي الإبداعي الذي نفذتها مع إحدى زميلاتها، في المعرض التكنولوجي للأطفال، وتشرح للزوار طبيعة مشروعها وفكرته والأدوات المستخدمة فيه وآلية عمله والفائدة المرجوة منه في أرض الواقع، كحال عشرات الطلبة الذين شاركوا في المعرض.
وافتتح مركز نوّار التربوي للثقافة والفكر الحر، صباح أمس الاثنين بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، مشروع "نوّار تك" التكنولوجي، كأوّل معرض تكنولوجي للأطفال يعرض منتجات إلكترونية ومشاريع إبداعية لمجموعة من الطلبة من سن 12-16 عامًا، بعد أكثر من عام من التدريب والإنتاج.
إبداع طفولة
رغم أن الطلبة المشاركين في مشاريعهم الإبداعية تتراوح أعمارهم بين 12- 16 عامًا، إلا أنهم قدموا مشاريع إبداعية تدلل على الجهد المكثف والكبير الذي بذل من أجله، ومن ضمنهم الطالبة أماهر ماضي 13 عامًا في الصف الثامن بمدرسة عبد القادر الحسيني.
وخلال حديثها لـ"فلسطين الآن" أوضحت ماضي أنها شاركت في مشروع "جهاز الإنذار للأم الصماء" كجهاز يخدم شريحة من ذوي الاحتياجات الخاصة، مبينة أنه يهدف إلى مساعدة الأم الصماء على معرفة بكاء طفلها عندما يبكي.
وشرحت فكرة المشروع بقولها: "يتكون من جهازين إرسال واستقبال، المرسل يكون عند الطفل والمستقبل عند الأم على شكل أسوارة في يدها، فعندما يبكي الطفل يعطي إشارة للأم من خلال اهتزاز الأسوارة على يد الأم، فتعلم الأم أن طفلها يبكي".
وأشارت أنهم تلقوا طيلة عام كامل تدريبات مكثفة في قسمين البرمجة والقسم الإلكتروني، ونوهت "واجهتنا معيقات في عدم توافر بعض المواد الإلكترونية اللازمة، حيث تمنينا أن يكون أطول مسافة فالمسافة التي يرسها 100 متر فقط، ، وعملنا على قدر الأدوات التي نملكها".
وأضافت:"رغم كل الحصار ورغم كل الذي يحدث في غزة نحن طلاب نبدع ونبتكر، هناك مشاريع كثير إبداعية في المعرض ومن ضمنهم مشرورعنا، رغم كل الحصار والإغلاق".
وفي مشروع آخر، نفذ الطالبان أسامة عرفات وعدي عرفات في الصف الثامن الإعدادي من مدرسة عبسان الجديدة مشروع "الريبوت المستكشف"، وأوضح أسامة 14 عامًا أن فكرة المشروع إرسال ريبوت متحرك يحمل كاميرا يستكشف المناطق الخطرة بدلا من إرسال فرق إنقاذ.
وقال:"الجهاز يحمل شبكة واي فاي ومحركات عربة وبطاريات ودارة تحكم ووحدة اتصال لاسلكي وجوال لاستقبال الصور ووحدة إرسال وعصا للتحكم".
وأضاف: "يتم إرسال الجهاز على المكان بواسطة عصا التحكم وعن طريق الكاميرا الموصولة بالواي فاي ترسل الصور من المكان المراد استكشافه، ويتم استقبال الصور عبر الجوال".
وأشار الطالب عرفات أن قلة الإمكانيات في السوق كانت أكبر معوق في المشروع، وعدم توفر ميزة GB3 التي تجعل إمكانية استقبال الصور من مسافات بعيدة، ونوّه أنه لا يمكن الحصول على الصور إلا بوجود الواي فاي.
وبين أن استكشاف المناطق الخطرة ممكن أن يعطل الجهاز أو يكوّن عقبات أمامه لا يمكن أن يتخطاها، و"هذا الجهاز مزود ببرنامج مناداة إذا كان هناك أي شخص واعي أن يسمع النداء"، مؤكدًا أنه بديل من المخاطرة بحياة البشر لإرساله في المناطق الخطرة وترى بالصوت والصورة.
وبدوره قال المشرف على مشروع "الريبوت المستكشف" المعلم علاء أبو قرشين إن المشروع كان عن طريق وزارة التعليم بالتنسيق مع مركز نوّار التربوي، الذي قدم كل هذه الخدمات والأجهزة، وخاصة توفير الكاميرا التي عانينا كثيرًا حتى حصلنا عليها.
وقال:"الفكرة أخذناها من الطلاب أنفسهم، حيث هم يسكنون في المناطق الحدودية التي شهدت أوضاع وحروب صعبة بحاجة إلى هذا الجهاز حتى لا نفقد مزيدا من البشر، فأن نقد جهازًا أفضل من الإنسام"، مضيفًا:"بالنسبة للريبوت موجود معهم في المنهج التكنولوجي الجديد بشكل موسع وكبيرجدًا".
لم يختلف الطالب عمر عابدين 13 عامًا من مدرسة الشهيد أحمد الدرة عن السابقين في إبداعه، حيث قدّم مشروعًا عبارة عن ريبوت لتخطي الحواجز، وأوضح أنه يتكون من ثلاثة كاميرات أمامية حتى ترى الحواجز، وبعض المقاومات وبعض الاستشعارات والمجسات يقوم باستشعار الحواجز ويتخطاها تلقائيا.
وقال: "نستخدمه لنوصل الراكب للمكان دون أن يصطدم بشيء دون أن يكون سواق في السيارة، بهدف تعدى الحواجز دون أن يصيب العنصر البشري أي ضرر"، مشيرًا أن الدافع من هذا المشروع كثرة الحوادث التي تحدث في القطاع".
وتابع:"رضنا الفكرة وعملنا نموذج مبسط ونتمنى أن يكون في المستقبل على شكل سيارات ويصل لأرض الواقع ويصل خارج القطاع، ونثبت أننا رغم الحصار خرجنا بهذا الإبداع".
أكثر من عام مكث الطلبة من مدارس متعددة في إنجاز مشاريعهم التكنولوجية الإبداعية، تلقوا خلالها دورات برمجية وحاسوبية في مركز نوّار التربوي ومركز التعليم الخاص في خانيونس.
13 مشروعًا
ومن جانبها أوضحت مديرة مركز نوار التربوي نجوى الفرا أن مشروع "نوّار تك" التكنولوجي هو مشروع يهتم بإبداعات الأطفال، في ظل الحصار الاقتصادي والاجتماعي المطبق على قطاع غزة، ولتقريب الفجوة بيننا وبين الغرب في التطور في تكنولوجيا المعلومات.
وقالت: "نسعى أن يقضي الطفل أو الطالب وقته في أشياء إيجابية بعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي التي يمكن أن يساء استخدام الحاسوب فيها، فنحاول لفت انتباههم لاستخدام الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات في أشياء مفيدة، كاختراعات تخص ذوي الإعاقة وأشخاص عاديين".
وأضافت: "بدأت تدريبات مكثفة على التدريب الإبداعي واستخدام التكنولوجيا والكمبيوتر، وبدأ الأطفال بوضع الأفكار الأساسية للأجهزة التي قاموا باختراعها بالتعاون مع مصادر التعلم".
واعتبرت الفرا أن "هناك اختراعات تسجل لها براءة الاختراع، لم يُفكر فيها من أصل، من ضمن 13 اختراعًا تعتبر كبيرة"، وقالت:"للأسف لا يوجد مؤسسات ترعى المخترعات والأبحاث، وهناك جامعيين سجلوا براءات اختراع ولكن مشاريعهم في طي الأدراج، لأنه لا يوجد إمكانيات مادية ولا معدات لهؤلاء الطلبة أو مؤسسات ترعى اختراعاتهم".
وأكدت أن وزارة التربية والتعليم كانت في غاية الشوق لتنفيذ مثل هذا المشروع، لمدة عام كامل ونحن ننهي مع الطلبة مشاريعهم، عام كامل ما بين تدريب وما بين وضع أفكار لهذه المخترعات وتجهيزها وتنفيذها، منوهة أن المديريات تعاونت معنا لأبعد الحدود، وكان في المركز يتم التدريب بالتواصل مع مصادر التعلم لوجود إمكانيات لتنفيذ هذا المشروع.
وأشارت أن 10 مشاريع لم يتم تنفيذها بسبب عدم توفر المواد اللازمة لها، مضيفة:"كنا نحضر الأدوات الناقصة من الخردة ومن سوق الأربعاء، لأن المعابر والقيود عليها تمنع الأسمنت فما بالك بالأدوات الكهربائية والإلكترونية".
وختمت بحديثها:"هذا المشروع مفيد للتربية والتعليم والطلبة ومجتمعنا الغزي المحاصر السيئ اقتصاديا، ومفيد لطلبتنا المبدعين الذين يخرجوا من بلادهم حتى يعمروا في بلاد أخرى".