طوال ثلاثة عقود متتالية، لم يتمكن الأسير باجس نخلة من العيش باستقرار مع أسرته، فسيف الملاحقة والاعتقال الإداري مسلط على رقبته، لدرجة أن عائلته لم تعد تحصي كم مرة اعتقل.
حالة الاستنزاف التي يعيشها المناضل الفلسطيني نخلة بسبب الاعتقالات المتتالية، والتحويل للإداري، تعاظمت مع تعرضه للعزل الانفرادي، وفوق هذا ملاحقة أولاده، وهو ما تمثل باعتقال نجله معروف نخلة.
والقيادي الذي زاد عمره عن نصف قرن، يسكن مخيم الجلزون قرب رام الله، وهو أب لخمسة أبناء، غاب عنهم طويلا، فبعضهم أنجبته زوجته وهو داخل الأسر.
أم فارس، رفيقة الدرب تقول: "أبناؤنا ليسوا كبقية الأبناء الذين يقضون معظم أوقاتهم بين العائلة، ويقضي الشباب الذكور فيها المناسبات برفقة آبائهم كالأعياد والزيارات وصلة الأرحام، إلا أننا هنا نفقد هذا الشيء، بسبب الاحتلال الاسرائيلي".
وعن الاعتقال الأخير لزوجها أبو فارس، الذي كان بتاريخ 15/3/2016، تشير إلى ما رافقه من عمليات تفتيش وتخريب في ممتلكات البيت، وقد جاء بعد تحرره بمدة لا تزيد عن أشهر معدودة، لدرجة أن غالبية أصدقائه لم يأتوا لبيتهم بعد، لتهنئته بفرحة الإفراج.
وتضيف -والحزن يبدو على صوتها-: "المسؤولية التي تقع على عاتقي في ظل غياب أبو فارس عن المنزل ثقيلة جداً، فالأولاد يكبرون وتكبر همومهم، والعبء يزداد في كل يوم يكبرون فيه، خاصة أن والدهم ومنذ 24 عاماً، والاحتلال يعتقله ثم يفرج عنه، وتتكرر المعاناة".
وعن المعاناة من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي والاعتقالات التي تعرض لها الأسير باجس نخلة، ذكرت أم فارس أن زوجها أبعد إلى مرج الزهور عام 1992 لمدة سنتين، وقضى حوالي 15 عاماً في سجون الاحتلال، أكثر من نصفها كان اعتقالاً إدارياً، وأن الاعتقال الأخير قضى فيه 39 شهراً.
كما تطرقت لاعتقال اثنين من أبنائها، تزامنا مع فترة وجود زوجها داخل الأسر، وهما فارس -25 عاما- ومعروف -23 عاما-، فالأول اعتقل عام 2007 وكان يبلغ من العمر في ذلك الحين 19 عاماً، ومكث 70 يوماً في مركز تحقيق المسكوبية، وحكم عليه بالسجن أربعة سنوات ونصف ليلتقي بوالده في السجن، واعتقل شقيقه معروف الذي يصغره بعامين عام 2009 وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات مع دفع غرامة مالية قيمتها 5000 شيكل، كما أن الاحتلال أعاد اعتقال معروف مرة أخرى، قبل يومين فقط (24/1/2017) بالتزامن مع نقل والده للعزل الانفرادي.
إذا، لقد كان السجن هو المكان الوحيد والفرصة الوحيدة التي استطاع بها فارس ومعروف الالتقاء بوالدهم والجلوس معه والتعرف عليه أكثر فأكثر... هكذا هي حياة الفلسطيني، الذي وهب حياته لله ولقضيته.
