يتجول المؤلف حسني العطار داخل مكتبته ويتنقل بين رفوفها يقلب صفحات الكتب، يقضي فيها جُلّ وقته قراءة ومطالعة تارة وكتابة وتأليفًا تارة أخرى في معارف وعلوم شتى؛ لتحمل رفوف مكتبته العديد من الكتب التي توجت باسمه وتأليفه؛ ولكنها بقيت حبيسة الأدراج ولم تحظ بالنشر والطباعة والاهتمام.
البيئة التي نشأ فيها العطار في عائلته التي اهتمت بالعلم والكتب وكان من ضمن أبنائها العلماء والخطباء، كان لها الأثر الكبير في شغفه وحبه للقراءة والتأليف منذ صغره، خصوصًا في ظل وجود مكتبة لأعمامه تحتوي الكثير من الكتب في معارف مختلفة.
بلغت مؤلفات العطار حوالي 57 كتابًا اهتمت في قضايا دينية وثقافية وفكرية ووطنية مختلفة، وظلت هذه المؤلفات حتى اللحظة تنتظر دعمًا ماديًا وماليًا، لتخرج إلى النور في المكتبات وبين يدي القراء، مما أورثه شعورًا بعدم تقدير الجهات المعنية للعلم، وأن ما يكتبه ويؤلفه جهد ضائع.
بداية الشغف
بدأ شغف واهتمام حسني محمد العطار (61 عامًا) بالقراءة والكتب والقضايا الوطنية والقدس، منذ صغره، امتدادًا لجذور عائلته التي سجلت اهتمامًا بالغًا في العلوم الشرعية والدينية، وخرجت من أبنائها العلماء واهتمت في العلم والقراءة، فوجد نفسه نشأ وسط مكتبة أعمامه في مخيم يبنا بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.
ولد العطار في مدينة رفح جنوب القطاع في مخيم يبنا التي هاجر إليها أهله وعائلته بعد النكبة 1948، وتلقى فيها تعليمه الأساس والإعدادي؛ لكنه اختار دراسة الثانوية العامة في مدينة القدس المحتلة، كما أوضح خلال حديثه لـ"فلسطين الآن".
وتحدث عن صغره قبل أن يخط القلم قائلا: "قدرٌ جميلٌ أنني ولدت في مكتبة لأعمامي في مدينة رفح وبدأت أكبر شهرًا بعد شهر وأمامي الكتب أقلّبها ولا أعرف ماذا فيها، حتى تعلمت القراءة والكتابة وبدأت أقرأ الكتب مع انجذاب نفسي إليها بطريقة لافتة".
واعتبر العطار أن سنوات دراسته الثلاث للمرحلة الثانوية في مدينة القدس كانت علامة فارقة في حياته وشخصيته واهتماماته، حيث درس في مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية التي كان مديرها آنذاك مفتي فلسطين الدكتور عكرمة صبري، زاد خلالها عشقه وحبه للقدس، فكانت من ضمن ما ألف عنها في كتاباته.
وعاد إلى غزة بعد مرحلته الثانوية ليحصل على إجازة في أصول الدين والحديث من الجامع الإسلامية، ثم انتقل إلى القاهرة ليدرس الفلسفة الإسلامية في جامعة الأزهر، ثم حصل على ماجستير تخصص مذاهب معاصرة من الجامعة الإسلامية.
وأشار العطار خلال حديثه، أن عائلته تشتهر باهتمام أبنائها بالعلم الديني الشرعي، وخرجت الكثير من العلماء، منهم جده أحمد عبد الرحيم العطار من كبار علماء فلسطين، وعمه علي العطار رئيس بلدية يبنا قبل احتلال فلسطين، والعالم الأزهري رجب العطار، وعمّاه فوزي وسليمان العطار اللذان تتلمذا على يد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا، وكان لهم دور مهم في الجماعة.
ولم تخل حياة العطار الأدبية والعلمية من منغصات الاحتلال الإسرائيلي البغيضة، حيث اعتقل إداريًا وغرم بغرامات مالية وصودرت مؤلفاته بحجة حظر الكتابة والتأليف في المواضيع التي كانت تستهويه.
وتابع العطار بقوله: "كانت سلطات الاحتلال تمنع إدخال المؤلفات التي تتحدث عن المقاومة والكفاح ضد الاحتلال، مما اضطرني في بعض الأحيان لنزع أغلفة الكتب واستبدالها بأغلفة أخرى لا علاقة لها بمواضيع الكتب التي بداخلها، لكي يتم تهريبها إلى غزة".
57 مؤلفًا
وبين العطار أن مكتبته التي تقع في منزله بمخيم يبنا، تضم أكثر من 4500 كتاب جلبها من دول عدة، مشيرًا إلى أنه قرأ معظمها، وقرأ أضعاف ما فيها، خاصة أن الظروف المادية لم تمكنه من شراء جميع الكتب التي أعجب بها.
وعن أول مؤلف قام العطار بتأليفه، أشار أنه كان بعنوان "الماسونية.. أخطر الجمعيات السرية"، حيث ألفه ضمن مسابقة عقدتها الجامعة الإسلامية عام 1984م، منوهًا أن مؤلفاته تنوعت في صنوف الفكر والثقافة وعلوم القرآن والتفسير وعلوم الحديث والفقه والتاريخ والأدب والقضية الفلسطينية، وبلغت حوالي 57 مؤلفًا.
وقال: "تنوعت اهتماماتي في الكتابة الدينية حتى وصلت لهذا الكم الكبير، منها ما هو مطبوع ومنشور في مصر ومعظمها ينتظر الدعم والخروج للنور"، مطالبًا وزارة الثقافة الفلسطينية والمنتديات العلمية والأدبية وأصحاب رؤوس الأموال بالاهتمام بالعلم والعمل على نشر المؤلفات، مضيفًا "أبذل جهودًا كبيرة وأواصل الليل بالنهار من أجل البحث والكتابة، لكن معوقات النشر تقف سدًا منيعًا أمام انتشار المؤلفات وتوزيعها".
وأكد العطار أن جميع مؤلفاته مُحكمة أكاديميًا وفق مناهج البحث العلمي من أساتذة كبار في الجامعات المختلفة، وبعضها منشور في المكتبة الشاملة ومكتبة السنة النبوية الإلكترونية، منوهًا أنه تقدم في مسابقات داخل فلسطين وخارجها وحصل على المراتب الأولى ونال جوائز مالية واعتبارية.
وعن الكتب التي ألفها عن القضية الفلسطينية سبعة كتب، وتحمل عناوين "القضية الفلسطينية رؤية إسلامية، القدس بين التهديد والتهويد، القدس ماضٍ مجيد ومستقبل موعود، فضائل بيت المقدس في الكتاب والسنة، الوعد الإلهي لليهود في امتلاك فلسطين".
وقال العطار: "كما تناولت في كتاب آخر وصف مدينة القدس: شوارعها ومبانيها ومؤسساتها ومقابرها وكل أحيائها ومعالمها، خاصة أنني عشت في القدس لمدة ثلاث سنوات".
وأكد أن "مكتبته في المنزل مفتوحة أمام الباحثين في الأدب واللغة العربية والعلوم الإسلامية والفلسفة، وحتى اليوم لا أتورع عن جلب كتب جديدة لإثراء المكتبة بكل جديد، ولا أبخل على الكتاب بمالي".