مع فجر كل يوم، ينطلق الشاب عمر أبو طبيخ، برفقة أمه الخمسينية "يسرى"، بحثاً عن العكوب البري، أو ما يطلق عليه باللفظ الثاني " الكعوب"، في جبال محافظة الخليل وبراريها، ذلك النبات الذي يستهوي الكثيرين بطعمه المميز وفوائده الجمة لدى أهل محافظات شمال الضفة لا الجنوب حيث ينبت.
ساعده المثقل بالتعب وكفة يده التي تحنّت بلون قشور نبات العكوب، وظهره الذي أصابه الكثير من الألم، تروي تفاصيل معاناة رحلته اليومية في البحث عن العكوب وقطافه.
بعد القطف
وعن سؤالنا للشاب عمر، عن كيفية التعامل مع نبات العكوب بعد قطفه، يقول لمراسلة "فلسطين الآن"، المرحلة الثانية بعد البحث والقطف، تنظيفه من الأشواك والتراب، وتنشيفه من الماء، لكي لا يتغيّر طعمه ولونه، ومن ثم تعبئته بأكياس الخيش.
ويضيف عمر: "مهمتي هي تنظيف الأشواك والقشور الزائدة عن العكوب، ووضعه في سلال مخصصة، لتقوم أمي بتنظيفه وتعبئته، لنقله إلى الأسواق الفلسطينية، ومهمة البيع يتكفلها شقيقي موسى، خصوصاً في شمال الضفة المحتلة، " نابلس ورام الله وقلقيلية".
وعن سؤال مراسلة "فلسطين الآن"، لعمر قاطف العكوب عن سبب تسويقه للعكوب في شمال الضفة، قال عمر: إن أهل الشمال يستلذون بطعمه، ويتقنون طهيه بكثرة، وهو مشهور اكثر من منطقتنا، وهناك يمكن تسويقه بسرعة عالية وبوقت أقل.
وحسب محاسب سوق الخضار المركزي في مدينة نابلس، عنان بشكار، فإن تجارة العكوب، تُدرُّ ما لا يقل عن 330 ألف شيقل يومياً على سوق الخضار المركزي في نابلس وحدها.
خصوصية نابلس بالعكوب
وعن سبب الكميات الكبيرة التي يُباع فيها العكُّوب في نابلس تحديداً قال بشكار خلال تصريح له لصحيفة محلية، تابعته مراسلة "فلسطين الآن"، إن قصة العكوب متأصلة في نابلس وتناوله له فوائد صحية كبيرة حسب اعتقاد الأهالي، والأمر الأكثر جمالاً في انتشار العكوب، هو أن الأهالي يتباهون في شرائه وطبخه، سيما أنه ارث من الآباء والأجداد، كذلك هناك إشاعة تقول أن بعض النساء يبعنَ ذهبهن لشراء مخزون من العكُّوب، كما أفاد بشكار.
وأضاف بشكار إن المرأة في نابلس غالبا تخزِن ما بين 10 إلى 15 كيلوغرام من العكّوب، وهناك بعض النساء على حدّ قوله يمتلك "فريزر" خاص بالعكوب فحسب، فأهل نابلس يخزنون مالا طوال العام لشراء العكوب في موسمه من أجل الخزين والأكل في الموسم.
موطن العكوب
وتتركز مزارع العكُّوب في جنوب الضفّة الغربية، وتزداد كميات العكوب وتتناقص حسب الأمطار، وانقطاع رعاة الأغنام عن المنطقة، لأن أنفاس الغنم وشتى الحيوانات، تقتل النبتة وتجعلها مصفرّة .
ويبدأ موسم قطفه منذ نهاية شهر شباط، وحتّى بداية شهر نيسان لما لا يزيد عن 40 يوماً لا أكثر، بحسب ما قال المحاسب بشكار، مضيفاً "يكون خلالها السوق يعجّ بالمشترين للعكوب، حيث تباع 12 طن منه خلال ساعتين من كل يوم، أما في آخر موسمه فإن الطلب يقل عليه لأنه يصبح أكثر قساوة ويفقد كثيرا من لذَّته".
إلى البداية
عودة إلى ذي بدء، حيث الشاب عمر، الذي أكد بدوره عن ضعف محصول هذا العام، لافتا إلى قلة الامطار إضافة للمشكلة العقيمة حسب تعبيره، بالانتشار الكبير لقاطفي العكوب، واستهتارهم بطريقة القطف، والذي اعتبرها "القطع الجائر"، حيث عزى ذلك الى عدم معرفتهم بالطريقة الصحيحة، وهي بأن يتم قطف رأس النبتة وإبقاء جذرها وبعض أوراقها لكي تنبت من جديد في العام القادم.
وكان عمر، قد أخرج من جيبه نقوده لأكثر من خمس مرات وهو يعدها، في طريقة احتجاجية وعدم رضى عن المبلغ الذي بلغ 5 آلاف شيكل، وعن الكمية التي جمعها أصلا من العكوب، وقال:" أرجو أن يكون نصيبي في العام القادم عشرون ألفا ويزيد".