ملفات كثيرة ومهام جسيمة تنتظر المجالس المحلية الجديدة التي باشرت عملها خلال الأيام القليلة الماضية، إثر فوزها في الانتخابات المحلية التي جرت في الضفة الغربية يوم 13-5 الماضي.
أبرز التحديات هو القدرة على الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، كالمياه والكهرباء والنظافة، وتعبيد الطرق، وغيرها، في ظل ديون ضخمة لتلك المجالس على المواطنين تصل لمئات الملايين من الشواكل، وكذلك الديون المتراكمة عليها لموردي الخدمات، مثل شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية وشركات التوريد الفلسطينية، وغيرها.
الدكتور محمد هاشم المصري رئيس بلدية قلقيلية الجديد تسلم مقاليد العمل برفقة الأعضاء الجدد قبل عدة أيام فقط. يدرك تماما صعوبة المرحلة وحجم الانجاز المطلوب منهم.
يقول لـ"فلسطين الآن": "قلقيلية مدينةٌ تنبض بالحياة، لكنها محاصرةٌ بجدارِ الفصلِ العنصريِ الذي يخنقُ أهلها.. الشوارع ضيقة وأزمة السيرِ جلية. هذا بالإضافةِ إلى أزمةِ المياهِ والكهرَباءِ والديوانِ المتراكمة للبلدية وعليها".
ملفات كثيرة
الرجلُ الذي يملكُ خبرةً سابقةً في العملِ العام، تحدثَ عن تطويرِ البنى التحتيةِ وإنشاءِ مدرسةٍ صناعيةٍ وتوفيرِ قطعةٍ أرضٍ لإقامةِ مركزٍ ثقافي، وتوسيعِ الخارطةِ الهيكليةِ للمدينة، مؤكدا أن "الكهرباء.. النفايات.. المشاريع المستقبلية.. المظهر الجمالي للمدينة.. كلها ملفات سيتم البدء فيها مباشرة".
ويشير المصري إلى أن المجلس البلدي الجديد سيعمل مع الجميع بروح الشراكة وبالتعاون مع المحافظ والأجهزة الأمنية والمؤسسات كافة نحو خدمة قلقيلية.
ويتابع "الوضع المالي للبلدية ليس جيدا وليس سيئا.. هناك رسوم سيتم دفعها لغايات الكهرباء.. وتسديد رواتب الموظفين وسنعمل على تسديد كافة المستحقات".
ويضيف "الملفات الهامة سيتم العمل بها مباشرة منها، وأبرزها المخطط الهيكلي للمدينة الذي سيتم التعامل معه بكل دقة وشفافية والاستعانة بالخبراء والتشاور المباشر مع المجتمع المحلي لتحقيق المصلحة العامة".
وكذلك موضوع النفايات وترحيلها والتعامل معها بطرق علمية وإدارية حديثة، منها تقسيم المدينة لمربعات جغرافية للجمع ودراسة امكانية تدوير النفايات، مؤكدا أن المحافظة على نظافة المدينة أولوية قصوى.
وتطرق المصري إلى المشاريع التطويرية والخطة المستقبلية للمجلس البلدي، قائلا إن "النهوض بالمدينة من مختلف النواحي الاقتصادية والسياحية والتعليمية هو هدفنا، ولدينا مجموعة من الأفكار التطويرية للعمل عليها، وخطة لتجنيد الأموال والحصول على منح خارجية"، مؤكدا أن "تنظيم الوضع الداخلي للبلدية من النواحي المالية والإدارية يعتبر أولوية لأنه سيكون نقطة انطلاقنا".
حل مشكلة الكهرباء
ويرسل المصري برقية طمأنة للمواطنين بشأن مشكلة الكهرباء قائلا "رفع حمل كهرباء المدينة بات أمرا محسوما.. فقد أبلغنا الارتباط المدني الفلسطيني على موافقة الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ أعمال الحفريات للخط الأرضي الذي سيتم الربط من خلاله لنقطة الربط الجنوبية في المدينة". مشيرا إلى أن أعمال الحفر ستبدأ مباشرة، وستحتاج لعدة أسابيع وستحصل المدينة بعدها على الحمل المطلوب 20 ميجا واط.
وأكد المصري أن البلدية ستتابع ملف الكهرباء بمختلف تفاصليه، بالإضافة إلى البحث الجاد عن وسائل الطاقة البديلة والخضراء الصديقة للبيئة وتوفيرها كبدائل حقيقية. مضيفا أنه تم إجراء العديد من الاتصالات الأولية مع الشركات المختصة في هذا المجال للاستفادة منها بشكل عملي.
العمل الجماعي
وفي نابلس، جرَت مؤخرا مراسمُ تسلمِ الأعضاءِ الفائزينَ في الانتخاباتِ لمهامِ عملِهم في إدارةِ البلدية.
المهندسُ عدلي يعيش، شغلَ رئاسةَ البلديةِ سابقا.. يرى في العملِ الجماعيِ القائمِ على التخطيطِ السليم، والتنسيقِ مع اقسامِ البلديةِ المختلفةِ والنهوضِ بواقعِ العاملين، وكذلكَ التشاورِ والتعاونِ مع مؤسساتِ المجتمعِ المحلي.. الرافعةَ التي ستقودُ سفينةَ المدينةِ والبلديةِ إلى برِ الأمان.
يقول لـ"فلسطين الآن" إن حالة إحباط تسيطر على المواطنين، وهو ما ظهر جليا من خلال نسبة الاقتراع المنخفضة جدا في نابلس وفي غيرها من المواقع، وهذا مرده لزعزعة الثقة بين المجلس المحلي والمواطنين، ودورنا اليوم إعادة بناء جسور الثقة بين الجهتين.
ويشير يعيش إلى أن العمل سيسير باتجاهين، الأول على المدى القريب، ويتمثل في توفير الخدمات الأساسية، وأبزرها في نابلس ملف المياه، لا سيما أن نسبة الأمطار التي هطلت هذا الشتاء كانت قليلة، ومن هنا بدأنا بوضع الخطط لضمان وصول المياه للمواطنين كافة وبعدالة في التوزيع، كما أننا سندرس إنجاز كافة الملفات المتعلقة بحفر آبار جديدة، لإيجاد مصادر مياه.
ويلفت يعيش إلى أن الأزمة المرورية تفرض نفسها بقوة في الساحة النابلسية، خاصة في محيط المركز التجاري ودوار الشهداء.. ومن هنا سيتم إعادة تقييم الوضع العام بمساعدة خبراء لإجراء التعديلات اللازمة لتنظيم حركة السير والمرور.
خطط بعيدة
أما على الصعيد الاستراتيجي، "فالأصل أن يقدم المجلس البلدي خططا استراتيجية نوعية تراعي الحاجات المستقبلية خلال السنوات العشرة القادمة على الأقل"، وهنا يذكر بالخطة الاستراتيجية التي أنجزها المجلس البلدي الذي قاده بين عامين 2005 و2012، لكنها وضعت على الرف.
ويطالب يعيش المواطنين بالتعاون التام مع البلدية، "فيد واحدة لا تصفق، ونابلس تحتاج لجهود الجميع للنهوض بها، لتعود عروس الشمال والعاصمة الاقتصادية لفلسطين".
ويرى أن الواجبات والحقوق متبادلة "البلدية عليها واجبات كثيرة، وعلى المواطنين أيضا أن يوفوا بما عليهم من التزامات مالية، من أجل تحسين الجباية وتوفير أموال تساعد على تنفيذ المشاريع اللازمة".
ملف الجباية
وزارةُ الحكمِ المحلي، تُعَدُ جهةً إشرافيةً على أداءِ المجالسِ المحلية.. قربُها هذا يجعلُها على اطلاعٍ على أهمِ العقباتِ التي تعيقُ عمَلها، خاصةً الأزمةَ المالية.
يقول مدير عام وزارة الحكم المحلي سمير دوابشة إن الوزارة تتابع عن كثب أداء المجالس المحلية سواء البلدية أو القروية، وهي تقف معها وتساندها بكل ما استطاعت من أجل القيام بالواجبات الملقاة على عاتقها.
ودعا دوابشة المجالس لتفعيل ملف الجباية، حتى تستطيع أن تقوم بالدور المطلوب منها، "خاصة أنها تعاني من أزمات مالية خانقة، والحكومة غير قادرة على مساعدتها".. "فلا يعقل أن تزيد الديوان المترتبة على المواطنين لبلدية نابلس عن 420 مليون شيكل".
وتابع "تخيل لو أن هذا المبلغ في خزانة البلدية، فكيف ستكون المشاريع التي تقوم بها؟ ستكون مميزة وتسد حاجة المواطنين في مختلف المجالات".