تفاقمت الأزمات وازدادت معاناة المواطنين في قطاع غزة منها مع حلول شهر رمضان المبارك، فبدءًا من أزمة الكهرباء التي لا تصل أكثر من ثلاث ساعات يوميًا، مرورًا بأزمة المياه التي لا تصل إلا كل بضعة أيام، وليس انتهاءً بأزمة غاز الطهي المتواصلة منذ أكثر من ستة أشهر على التوالي.
ومع حلول الشهر الفضيل، تضاعفت معاناة العائلات الغزّية التي باتت تحصل على أنبوبة غاز مرة واحدة في الشهر، في ظل تكسّد الأنابيب في محطات التعبئة والتوزيع في محافظات غزة ولدى الموزّعين.
ويبلغ معدّل استهلاك قطاع غزة خلال فصل الصيف 350 طنًا من غاز الطهي، لكنّ إجمالي الكميات التي يسمح الاحتلال بإدخالها في الأوقات الحالية تبلغ ما بين 250 إلى 290 290 طنًا؛ وهو ما يساهم في تكرار واستمرار الأزمة بشكل سنوي.
أسباب الأزمة
ويرجع استمرار أزمة غاز الطهي إلى أسباب عدّة، أبرزها استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة وتقليصه للكميات اللازمة لسدّ احتياجاته، وتزايد جشع بعض الموزّعين وبعض أصحاب المحطات الذين يستغلّون معاناة المواطنين في كسب المزيد من الأموال، إضافة إلى استعمال بعض السائقين لغاز الطهي بديلًا عن الوقود.
السائق "م.ص" البالغ من العمر (48 عامًا) -رفض كشف اسمه خشية مخالفته-، اعترف خلال حديثه لـ"فلسطين الآن" أنّه يحصل بشكل يومي على أنبوبة غاز من أحد الموزّعين، رغم أن الأنبوبة في الأصل ليست خاصة به وليست ملكًا للموزّع، إنّما تعود ملكيتها لأحد المواطنين الذين ينتظرون دورهم في الحصول على غاز الطهي.
وأضاف "ثمن جرّة (أنبوبة) الغاز للمواطن العادي يبلغ 57 شيقلًا، وأنا أدفع للموزّع في السوق السوداء 75 شيقلًا يوميًا لأحصل عليها".
وحول علمه المسبق بأنّه يؤخذ شيئًا خاصًا بمواطن آخر ويحرمه من الاستفادة منه، برّر السائق فعلته بالقول إن الخطأ ليس خطأه إنّما خطأ الموزّع الذي يعطيه الأنبوبة ويحرمها عن مستحقها.
استخدام أنابيب المواطنين
ولا يختلف حال السائق "ع.خ" البالغ من العمر (55 عامًا) عن سابقه -رفض كشف اسمه خشية مخالفته-، إذ يتّبع نفس الإجراءات ويدفع نفس المبلغ للحصول على اسطوانة غاز يوميًا ليستخدمها على سيارته.
ويوضح، خلال حديثه لـ"فلسطين الآن"، أنّه لا يشعر بأزمة غاز الطهي في بيته أبدًا، قائلًا "أحصل على أنبوبة من الموزّع متى أردت ذلك، حتى إن لم تكن أنبوبتي الخاصة".
وتابع "كثير من المرات استخدمت أنابيب تعود لمواطنين آخرين أسماؤهم مسجّلة عليها، وبعد انتهائها أقوم بإعادتها إلى الموزّع لأحصل على أخرى، والذي بدوره يعيد تعبئتها ويسلّمها إمّا لصاحبها وإمّا لسائق آخر مثلي".
وحمّل السائق الحكومة سبب تفاقم أزمة غاز الطهي من خلال دفعهم السائقين إلى الاعتماد على الغاز في ظل الضرائب والمخالفات الكبيرة التي تفرضها عليهم، إضافة لجشع وطمع بعض الموزّعين وبعض أصحاب المحطّات الذين ساهموا في إيجاد هذه الظاهرة وتعزيزها.
وكانت شرطة المرور في قطاع غزة نفّذت خلال فصل الشتاء الماضي حملة مرورية تستهدف ضبط السيارات التي تعمل على غاز الطهي، وقامت بمصادرة جهاز الغاز الخاص بالسيارة فرض غرامة بلغت 100 شيقل على السيارات المضبوطة، الأمر الذي ساهم في التخفيف بشكل محدود من أزمة غاز الطهي في تلك الفترة.
وينتظر المواطنون بفارغ الصبر أن تتعاون إدارة شرطة المرور ووزارة النقل والمواصلات، وهيئة أصحاب محطات تعبئة الغاز والوقود مجددًا للعمل على ضبط هذه الحالة والقضاء عليها؛ بما يسهم في التخفيف من حدّة الأزمة المتواصلة.