يمر قطاع غزة بفترة حرجة نتيجة تزايد الأزمات التي ألقت ظلالها على جميع مناحي الحياة، حيث تعتبر أزمة الكهرباء عبئ متواصل على المواطن، وأزمة رواتب موظفي غزة المستمرة منذ سنوات على آلاف الأسر، وأزمة رواتب موظفي السلطة بغزة بعد خصومات الحكومة بحقهم عبئ جديد يضاف على سكان القطاع الذي استشرى الحصار فيه.
20 مليون دولار القيمة التقديرية لخصومات موظفي السلطة في غزة، حيث تسبب قرار الحكومة بإيقاع خصومات على موظفيها في غزة بتفريغ السوق من 20 مليون دولار شهريا الأمر الذي فاقم الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، وتسبب في تحويل العائلات ميسورة الحال إلى عائلات مستورة الجدران.
أسواق مكتظة بلا مشترين
تكتظ أسواق العيد في جميع محافظات قطاع غزة في العشر الأواخر من شهر رمضان، حيث تتجهز العائلات الغزية لاستقبال عيد الفطر من خلال رسم البسمة على وجوه أطفالهم بملابس وأحذية جديدة كما جرت العادة في كل عام.
لكن في هذا العام، ومع دخول موظفي السلطة في غزة قائمة خط الفقر أصبحت أسواق غزة متنزه لتمضية الوقت وللتسلية، فتجد الأسواق مكتظة بالناس، شديدة الزحام، كثيرة الضوضاء، غير أن المحلات التجارية الممتدة على جانبي الشوارع شبه فارغة من المشترين.
بائع الأحذية عبد الرحمن هارون من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أكد في حديثه لـ"فلسطين الآن" على أن موسم عيد الفطر الحالي يمثل نصف ما باعوه خلال المواسم الماضية، مشيرا إلى أن وضع التجار في قطاع غزة يمر بحالة متردية.
ونوه هارون إلى أن عدد كبير من أصحاب المحلات التجارية قام بتقليص عدد العمال للتماشي مع الأزمة الاقتصادية التي يمر بها قطاع غزة، مشددا على أن أزمة رواتب موظفي السلطة كشفت ضعف التجار في قطاع غزة.
واعتبر هارون التاجر صاحب رأس المال الكبير هو الوحيد الذي يستطيع الصمود أمام الأزمة الحالية، مضيفا :"التاجر الذي باع ذهب زوجته واستدان بعض المال لفتح مشروع، تسبب الأزمة الاقتصادية الحالية بخسارة كبيرة له تكاد تحرمه الاستمرار في سوق العمل".
وعلل بائع الأحذية بسوق النصيرات سبب عزوف الناس عن شراء ملابس العيد واقتصارهم على أرخص الأسعار إلى أزمات قطاع غزة المتلاحقة، مطالبا جميع المعنيين بالوقوف عند مسؤولياتهم، واحترام تضحيات أهل غزة، وعدم الزج في حياة المواطن الغزي بالخلافات السياسية.
طقوس لا بد منها
وتحرص عائلات وأسر قطاع غزة على رفع مبلغ من المال في كل عيد من أجل شراء بعض الملابس والأحذية الجديدة لأطفالهم من أجل رسم البسمة على وجوههم، غير أنه في هذا العام تحاول العائلات الغزية إصلاح القديم، وشراء الأشياء الضرورية من أجل عيد الفطر.
موظف السلطة عبد المتعال سمارة تزوج قبل نحو الأربعة أشهر، أشار إلى أن عيد الفطر الأول له ولزوجته بلا بهجة، نتيجة الديون المتراكمة عليهم، والتي وضعتهم في مأزق وتحدي جديد أمام متطلبات الحياة المتجددة.
وأوضح العريس سمارة في حديثه لـ"فلسطين الآن" أنه لن يستطيع إهداء زوجته ملابس جديدة كما وعدها في أول عيد لهما، متمنيا أن يعوضها في الأعياد القادمة.
وفي ذات السياق أقنع الموظف إبراهيم حسن أولاده بارتداء آخر ملابس اشتراها لهم باعتبارها لا تزال جديدة، مشيرا إلى أن الأزمة الاقتصادية في غزة باتت تخيم على كل ملامح الحياة، وداعيا في الوقت ذاته جميع الأطراف إلى إيجاد حل يجنب الغزيين مزيدا من الأزمات.