تعج الساحة الفلسطينية بالأحداث المتواترة تباعاً، قد تختلف قطاعاتها لكنها أبدا لا تتمايز بأهميتها، ولا تؤثر قضية على الأخرى سلباً، فكل حدث هنا له من يكتوي بناره ويستصرخ لتوفير سبل النجاة، وهنا لا ينسينا ما يحدث في المسجد الأقصى وما حوله قضية اعتصام الأسرى المحررين وذوي الأسرى المقطوعة رواتبهم منذ ما يزيد عن الشهرين.
"فلسطين الآن" التقت السيدة سحر القواسمي زوجة الأسير عباس عبد الله شبانه من محرري الصفقة المعاد اعتقالهم قبل ثلاث سنوات من الخليل، والذي أمضى سابقاً 20 عاما في الأسر، ولديه من الأبناء (سدرة وعبد الله)، تعود سحر بالقصة من بدايتها فتقول: " أرسل البنك كالعادة رسالة قصيرة ليخبرني بنزول راتب زوجي، وعند الذهاب لاستلامه تبين أنه لا يوجد رصيد، اتصلت مباشرة بمن اعرف من نساء الأسرى وتبين أن رواتب أزواجهن أيضاً قطعت".
وتضيف القواسمي: "اتصلت بعدها بهيئة شؤون الأسرى بالخليل، حيث تفاجأوا بالأمر وقالوا انه ليس لديهم أي معلومات عما حدث".
وعن وعود رئيس هيئة الأسرى عيسى قراقع بحل المشكلة وتحميل مسؤولية ما حدث لوزارة المالية، قالت القواسمي: "أخبرنا قراقع أن الأمر سيحل خلال يومين ولكن ذلك لم يتم إلى الآن".
العوامل المؤثرة
وأوضح الكاتب والإعلامي سليمان بشارات بأنه لا شك أن هناك أكثر من عامل لاتخاذ هذا القرار، أولها يتمثل في الاستجابة للضغوط الأمريكية الإسرائيلية، وكانت هذه الخطوة تستهدف هذه الشريحة بالتحديد لتتناغم مع الواقع السياسي الفلسطيني الداخلي الذي يعاني من انقسام سياسي، وبالتالي كان ممكن تبرير هذا القرار بطرق عدة حتى يتم امتصاص أي ردة فعل تجاهها.
وأضاف بشارات: "والعامل الثاني يتمثل في الانقسام السياسي، ومحاولات الضغط على حركة حماس خاصة بعد ذهابها إلى خطوة لم تكن متوقعة خاصة تفاهمات القاهرة، وبالتالي فإن اتخاذ القرار جاء بمحاولة مزيد من الضغط على الحركة".
وحول المتوقع في الأيام القادمة، أكد بشارات بأن خطوة الاعتصام المستمر في رام الله للأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم جاءت لتوقف مزيد من قطع رواتب الأسرى، لأن اعتصامهم عمل على إخراج القضية من بعدها السياسي الذي وضعت فيه إلى بعد إنساني حقوقي لا يستطيع أحد إنكاره أو تجاهله. وهذا ما يمكن أن نبني عليه الخطوة المقبلة للسلطة التي قد تذهب باتجاه إعادة رواتب المحررين من الضفة والمعتقلين داخل السجون حتى لا تبقى تتعرض للإحراج نتيجة الاعتصام القائم والإبقاء على قطع رواتب المبعدين سيما في غزة كخطوة ضغط سياسي على حماس".
الرأي الرسمي
وفي إجابة مقتضبة سريعة، أكد أمجد النجار مدير نادي الأسير الفلسطيني في محافظة الخليل على موقفه من قضية رواتب الأسرى المحررين والأسرى، مؤكداً أن النادي ضد وقف رواتب الأسرى، وأن الراتب حق مقدس لكل إنسان مناضل وأسير، لكن حل الموضوع ليس لدى نادي الأسير الفلسطيني .
من جانبه أكد قدورة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني على أن رعاية أسر الأسرى واجبة، مشيراً إلى دور "إسرائيل" وضغوطها لجعل الأسرى والشهداء عبرة لغيرهم. مضيفاً: " أن قرار قطع رواتب الأسرى هو قرار مقيت يأتي في إطار الصراع السياسي الداخلي، واصفاً القرار بـ"التخبط، والخاطئ، وغير مقبول مؤكدا على أن القرار " لقيط" لأن جميع الجهات الرسمية، بما فيها الحكومة تتنصل من هذا القرار ولم تتبنّه أي جهة".
ويعقب عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى على الأمر قائلاً: "قرار قطع الرواتب إجراء سياسي على خلفية تداعيات الانقسام وخلافات مع حماس، ولا علاقة لنا بالموضوع".
يشار إلى أن الأسرى المحررين مستمرون باعتصامهم منذ الثامن عشر من الشهر الماضي، حيث نقلت خيمة الاعتصام إلى دوار الساعة وسط مدينة رام الله المحتلة، وذلك بعد أن فضت أجهزة السلطة الاعتصام من أمام رئاسة الوزراء بالقوة، وإعلان المنطقة عسكرية مغلقة وذلك ليلة عيد الفطر الماضي.
ويذكر أن الأسرى المعتصمين قد خاطبوا رئيس السلطة محمود عباس بعدد من الرسائل، إضافة لمخاطبة رئيس الحكومة ووزير المالية وهيئة الأسرى، كما تم تسليم القنصلية المصرية والقنصل التركي العام بالقدس رسائل، إضافة لرسائل تم توجيهها لمؤسسات حقوق الإنسان التي زارت الخيمة وسجلت إفاداتها من بينها مؤسسة الحق، والهيئة المستقلة، والضمير، ومنظمة العفو الدولية.