أثار بث تلفزيون "فلسطين" مسلسل "في حضرة الغياب"، الذي يتناول السيرة الشخصية للشاعر الراحل محمود درويش، ردود أفعال متباينة بين مجموعتين من المثقفين والكتّاب والإعلاميين الفلسطينيين، الأولى ترى فيه عرض إساءة لتاريخ الراحل، والثانية ترى في المطالبة بوقف بث المسلسل نوعا من الاستبداد والاحتكار لإرث درويش. فمع بث الحلقات الأولى للمسلسل، أصدر ناشطون وأكاديميون بيانا يطالب تلفزيون "فلسطين" بوقف بث مسلسل "في حضرة الغياب"، الذي وصفوه بـ"المهزلة" وبأنه ذو طابع تجاري يسيء إلى صورة درويش. واستغرب الموقعون مما وصفوه بـ"تورط" تلفزيون فلسطين ببث هذا المسلسل الذي سبق وان تم التحذير من أهدافه ودوافعه التجارية منذ أشهر، كما أدانوا "تورط" الفنان مارسيل خليفة والكاتب حسن يوسف والمخرج نجدت أنزور في هذا العمل السطحي المُزيف". وأضافوا "نَرى في هذا العمل تَشويهاً لذاكرة جَميلة ومحاولة للصعود والتسلق على ما تَركه دَرويش خلفه من أجل جَني الأرباح فَقط. لَم نَجد في الحلقات الأولى من المُسلسل إلاّ عاشقاً يحوّل حياة العظيم دَرويش إلى حالة عَاطفة رَخيصة لجذب انتباه المُراهقين بشكل درامي بحت. كما نُحذّر من السيناريو البَعيد عَن الحقيقة والمَليء بالتسطيح والإخراج الدرامي". وزادوا "عَناصر التزييف والتزوير والتسطيح كُلّها اجتمعت لقتل الذاكرة الدرويشية فينا.. ونحن نرى أن حرية الإبداع لا تعني حرية الإساءة وتشويه الحقائق وتزييف الوعي". ومع تصاعد الحملة، رد عدد من الكتّاب والإعلاميين والفنانين على ذلك، رافضين منع أي عمل فني أو ثقافي، رافعين شعار "لا للمنع وضد الاستبداد الثقافي في فلسطين"، معتبرين ان هذه المواقف "استبداد واحتكار ثقافي وهو يعود بالذاكرة لصور ظلامية حدثت في التاريخ الإنساني كإحراق كتب ابن رشد وصلب الحلاج وقتل "فرج فودة" ومحاولة قتل نجيب محفوظ ومنع كتاب "قول يا طير"، الأمر الذي كان يرفضه الشاعر الراحل ويقف ضده" على حد تعبيرهم. ورأى الموقعون على البيان الثاني "أن عقلية المنع التي يتحلى بها عدد من المثقفين الفلسطينيين هي مؤشر خطير يدلل على عقلية استبدادية ومحاولة لاحتكار إرث الشاعر العظيم الذي تجاوز حدود فلسطين"، واعتبروا أن هذا المنع هو مقدمة لمنع أي عمل ثقافي لا يتفق ورؤيتهم. واعتبر البيان أن دور المثقف الحقيقي يكمن في تقديم رؤى نقدية تهدف إلى توعية المجتمع وسياسة المنع هي عقلية أحادية قمعية، مشيرا إلى أن موقف الموقعين لا يعني بالضرورة موافقتهم على العمل الفني وليس انتقاصا من قيمة محمود درويش.