منذ السابعة صباحا تراه إما على مكتبه في مقر البلدية، أو يقف على رأس المشاريع التي تنفذها البلدية، وبين الناس يستمع إليهم ويتناقش معهم في مشاكلهم التي لا تنتهي.
مرحلة صعبة جدا مرت بها بلدية نابلس بعد أسابيع فقط من تسلم المجلس البلدي الجديد مهام عمله، برئاسة المهندس عدلي يعيش، وهو يدرك تماما وجود ملفات عالقة وشائكة جدا، لا تبدأ بالديون المتراكمة على المواطنين وتقدر بالملايين، مرورا بالترهل الإداري الذي تعاني منه المؤسسة الخدماتية الأولى في نابلس، وصولا لأزمات عدة منها المياه والنظافة والبنية التحتية، وليس انتهاءً بأزمة السير وضعف الجباية وغيرها.
"فلسطين الآن" اقتنصت ساعة أو حتى أقل للحديث مع يعيش، الذي سبق وقاد البلدية بين عامي 2005-2012، وحقق إنجازات مع فريقه آنذاك لا يمكن إنكارها.
يقول المهندس يعيش إن البلدية وضعت خطة ستعمل عليها حتى نهاية العام الحالي، تتضمن العمل ضمن أربعة أولويات، تشمل النظافة العامة، وتنظيم الأسواق والبسطات، وتجاوز أزمة المياه بأقل الخسائر، وحل أزمة السير.
مديونية المياه
بدأنا بملف المياه، والديون المتراكمة على المواطنين، التي تزيد عن 200 مليون شيكل. إذ طالب يعيش كافة المواطنين المتراكم عليهم مبالغ مالية للبلدية بضرورة تسديدها، تحديد تلك الخاصة بالمياه، أو التوجه للبلدية في موعد أقصاه 1/10/2017 لعمل "تسوية" على المديونية.
وأكد يعيش أن القرار بملاحقة المتخلفين عن السداد قانونيا، جاء بعد عدة جلسات ومشاورات مع متخصصين من داخل البلدية وخارجها في إطار وضع خطة مستقبلية لضمان عدم تكرار أزمة المياه التي ضربت بالمحافظة مع بداية فصل الصيف الجاري، التي أخذت في حينها جهدا ووقتا كبيرين من البلدية والجهات ذات العلاقة حتى تم حلها، وصولا إلى عودة دورة المياه مؤخرا إلى طبيعتها، وخير دليل كان عدم ورود أي شكاوى من المواطنين حول تأخر وصول المياه خلال فترة عيد الأضحى المبارك وما بعدها".
وأشار يعيش إلى أن ضرورة تسديد هذه المبالغ الضخمة لصالح البلدية، التي تصل إلى ما يقارب "210 مليون شيقل" تكمن في سعي البلدية ضمن خطتها لتوسيع مصادر المياه وتحسين الشبكات خاصة في المناطق الجديدة، وهذا يكلف مبالغ ضخمة، لا يمكن جنيها إلا من خلال تسديد تلك الديون، حسب تعبيره.
وفيما يخص الإجراءات التي ستتبعها البلدية بحق عدم الملتزمين بالدفع، خاصة ممن تراكم عليهم مبالغ كبيرة قال يعيش: "سيكون هناك إجراءات قانونية، ومن الممكن تحديد كمية المياه المزودة لغير الملتزمين لإلزامهم على تسديد ما عليهم من ديون، لكن لن نقطع المياه عن أي منزل مهما كان"، مؤكدا أن الإجراءات بدأت بالقطاع التجاري ثم ستشمل المنازل ممن تراكم عليهم مبالغ مالية كبيرة، وسيتم النظر بعين الرحمة للمحتاجين والحالات الخاصة.
وشدد يعيش على أن البلدية مستعدة لمساعدة المواطنين ممن يواجهون مشاكل في عداداتهم أو فواتيرهم، حيث سيتم دراسة كل الحالات، وسيتم التعامل مع كل منطقة في المدينة باعتباراتها الخاصة، وهناك تعليمات صدرت لقسم الجباية بالتعامل مع المواطنين بلطف، لكن في الوقت ذاته دعا المواطنين إلى التعاون مع موظفي البلدية، كما دعاهم إلى مراقبة عداداتهم لأنه من الصعب عليهم مراقبة كل عدادات المدينة التي تصل لحوالي 50.000 اشتراكا.
وفيما يخص العدادات مسبقة الدفع أكد يعيش أنها اختيارية وغير إلزامية، إلا أنها قد تكون إلزامية في بعض الحالات وفي بعض المناطق، خاصة المرتفعة منها، حسبما تقتضي الحاجة.
شريان الحياة
أما المشروع الذي يعول عليه كثيرا لحل أزمة المياه، فهو خط ناقل من منطقة الباذان لنابلس، أطلق عليه اسم "شريان الحياة"، الذي سيمكّن المدينة من الاستفادة من مياه الآبار الزراعية في سهل "سميط" بالفارعة، التي تزيد عن حاجة المزارعين في فصل الصيف بسبب اعتمادهم على الزراعات الشتوية.
وأوضح أن هناك حاليا خطاً ناقلاً قديما قطره 12 إنشاً، في حين يحتاج المشروع الجديد إلى خط بقطر 16 انشاً.
وأضاف "أن مراحل تصميم المشروع باتت جاهزة، وتم طلب الدعم له من الجهات المانحة في الكويت والمانيا، حيث تبلغ تكلفة هذا المشروع 9 ملايين شيكل، (2.5 مليون دولار(.
وأكد أن هذا المشروع اذا تم البدء به قريبا فانه سيكون جاهزا قبل صيف العام القادم، ولن تشعر نابلس بالعطش على الاطلاق.
الخطة المرورية
أما على صعيد أزمة السير والمرور، فأكد المهندس يعيش أن نابلس بحاجة للتعاون المشترك بين كافة الفئات، سواء من السائقين أو من إدارة مجمع السرفيس الموجود في مركز المدينة، أو من المواطنين ونقابة السائقين، بالإضافة إلى الشرطة والبلدية والمحافظة، لحل أزمة انتظار الركاب داخل المجمع التجاري وأزمات السير.
وأضاف أن "البلدية تبذل جهودا كبيرة لإيجاد حلول جذرية لأزمة انتظار الركاب لساعات طويلة داخل مجمع السيرفس، خاصة ساعات الذروة الصباحية وبعد الظهيرة".
وكانت بلدية نابلس قد عقدت سلسلة اجتماعات مع أخصائيين من جامعة النجاح والشرطة لتجربة خطة جديدة للسير في مركز المدينة، كما اتخذت قرارا بحفر نفق من أمام المستشفى الوطني حتى النفق الأول في المجمع التجاري، وهذا المشروع في طور الدراسات حاليا.
توليد الكهرباء
مشروع استراتيجي أخر نجحت البلدية في البدء به، يتمثل افتتاح مشروع توليد الكهرباء من غاز الميثان بمحطة تنقية المياه العادمة الغربية، وتوقيع اتفاقية مع بلدية "نورنبيرغ" الألمانية لتنفيذ مشروع أخر لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في المحطة لتشغيل مضخة نقل المياه المعالجة للخزان ليتم توزيعها بشكل انسيابي على المزارعين.
وقال يعيش إن مشروع توليد الطاقة من غاز الميثان هو الأول من نوعه في فلسطين، ويهدف لاستدامة محطة التنقية عبر الاستفادة من كامل مخرجاتها، وخفض مصاريف التشغيل.
ووصف المشروع الجديد بأنه مشروع قومي وخطوة مهمة على طريق التحرر من التبعية الاقتصادية للاحتلال، عبر الاستفادة من محطة التنقية بتوليد الطاقة، بالإضافة لاستغلال المياه المعالجة في الزراعة وإنتاج أصناف مختلفة من المحاصيل الزراعية، وتوفير فرص عمل للأيدي العاملة.
وبلغت قيمة المشروع 768 ألف يورو، بمنحة من البنك الألماني للتنمية، وبمساهمة من بلدية نابلس بقيمة 10%.
وتصل القدرة الاستيعابية للوحدة 3700 متر مكعب من الغاز الميثان، وهي كافية لإنتاج 400 كيلو واط/ ساعة، أي بمعدل يزيد عن 7000 كيلو واط في اليوم، وهي كمية كافية لتشغيل المحطة بالكامل، وبيع الفائض مستقبلا لشركة الكهرباء.
وأشار إلى أن البلدية وقعت مؤخرا على اتفاقية لتنفيذ مشروع آخر للاستفادة من الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء داخل محطة التنقية.
كما تم توقيع اتفاقية لتنفيذ مشروع للطاقة الشمسية في متنزه سما نابلس بتمويل من USAID، مبينا أن البلدية ستشجع المواطنين على استغلال الطاقة الشمسية لتوفير الموارد المالية، ولتخفيف الضغط على مصادر الطاقة، ولتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
النظافة.. الملف الشائك
كما باشرت بلدية نابلس بإجراءات وعقوبات مشددة، بحق المواطنين والتجار وأصحاب البنايات السكنية الذين يلقون نفاياتهم في الأماكن العامة والشوارع وفي محيط محلاتهم التجارية، وفي الأراضي الفارغة المنتشرة في مختلف أنحاء المدينة؛ وذلك ضمن الإجراءات الصارمة والخطط التي وضعتها مؤخرا، لتحسين الوضع البيئي والصحي في المدينة.
وعلى ذلك يعقب رئيس البلدية إنه "رغم النداءات والمناشدات وحملات التوعية المستمرة والمتكررة التي تصدر عن البلدية، إلا أن إلقاء النفايات في الشوارع والأماكن العامة واستباحة حق المواطنين في التأثير سلبا على المظهر الحضاري للمدينة مستمر".
وأوضح أن طواقم الصحة والبيئة تقوم بجولات ميدانية يوميا في مختلف مواقع المدينة وأحيائها، خاصة في وسط المدينة والبلدة القديمة لضبط وضع النظافة والمخالفين، وتحويلهم لمحكمة الصلح، مؤكدا انه تم تحرير أكثر من 50 مخالفة للتجار الذي يلقون نفاياتهم أمام محلاتهم، بما في ذلك مواطنين غير ملتزمين بتعليمات النظافة العامة.
كما أن فرق التفتيش التابعة لقسم الصحة والبيئة عملت على فرض غرامات كبيرة للعديد من أصحاب المحلات غير المرخصة قانونيا بموجب القانون المعمول به في بلدية نابلس، "إذ فرضت غرامات على أكثر من 45 من مختلف المحلات وأصحاب المهن بمبالغ وصل أقصاها إلى 2000 شيقل".
وتوجهت بلدية نابلس إلى كافة أصحاب المحلات التجارية والمخازن الخاصة والمستودعات والبقالات والكراجات، بعدم استخدام حاويات النفايات صغيرة الحجم لنفاياتهم التجارية مثل الكرتون والنايلون والخردة والأثاث، وإنما الحاويات الكبيرة المخصصة لذلك. وحذرت أصحاب محلات الدواجن واللحوم من إلقاء المخلفات أمام محلاتهم، إنما وضعها في أكياس محكمة الإغلاق ووضعها في الحاويات المخصصة لذلك في المنطقتين الشرقية والغربية للمدينة وفي فترة المساء.