ما تزال الأزمة بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وجموع اللاجئين عبر ممثليهم في لجان الخدمات الشعبية في مخيمات الضفة الغربية، مشتعلة.
وبعد عدة فعاليات ميدانية شملت اعتصامات ومسيرات ووقفات احتجاج نفذها اللاجئون في مواقع متنوعة رفضا لسياسة التقليصات التي تنتهجها الوكالة، واتهامها بالرضوخ للإملاءات الإسرائيلية والأمريكية، خرج مدير عمليات "الأونروا" الإنجليزي "سكوت اندرسون" ليتحدث بشكل صريح وعلني عن بعض القضايا قيد الجدال، أبرزها إغلاق مستشفى قلقيلية، والتقليصات التي طالت مجالات خدماتية حساسة، كالصحة والتعليم.
وكان الخلاف قد تفجر، مع قرار وكالة الغوث بإغلاق قسم الولادة في المستشفى التابع لها في قلقيلية وقلصت خدماتها بعدة قطاعات، وأبقت فقط على قسم الطوارئ، الأمر الذي رفضه أهالي المحافظة، إذ أنه يقدم الخدمات الطبية لعشرات آلاف اللاجئين ويعمل فيه 125 موظفا، وهو قائم منذ العام 1950 بعد نكبة الشعب الفلسطيني وتهجيره من الاحتلال.
وكشف "اندرسون" عن الأسباب التي دفعت الوكالة لإغلاق قسم الولادة بالمستشفى، بعد أن شهد حوادث سيئة كان أبرزها وفاة طفلين في عام 2013 و2017 أثناء الولادة.
وأشار إلى أن الوكالة أجرت تحقيقا مطولا للوقوف على أسباب الحادثة، إذ أفاد التقرير النهائي للجنة بوجود مؤشرات سلبية دعت "الأونروا" لاتخاذ القرار، معترفا بـ"الفشل في إدارة القسم، وبالتقصير في معالجة الأخطاء في المستشفى"، واعدا بعدم تكرارها.
وأضاف "اندرسون" أنهم بحثوا عن شريك قادر على إدارة المكان والحفاظ على تقديم الخدمات للاجئين. كاشفا في هذا السياق أن الوكالة عرضت الشراكة على عدة أطراف من بينها وزارة الصحة الفلسطينية.
ولفت إلى أن مبنى المستشفى ملك لبلدية قلقيلية.. "من هنا تبرز أهمية البحث والتداول مع الأطراف الحكومية".
الاتهامات كثيرة
وحول الاتهامات التي وجهت للوكالة بأنها "شريك مع الاحتلال" لجهة تقليص بعض الخدمات. قال "اندرسون" إن "أهم مبادئ الأمم المتحدة أنها تقبل وتؤيد الاحتجاج السلمي، وهذه أسس أولية لأي عملية ديمقراطية".
وأشار إلى أن علاقته مع اللجان الشعبية جيدة وفي تواصل دائم لمواجهة الأزمات.
واستدرك مضيفا: "لكنها (العلاقات) تشهد مدا وجزرا بين الحين والآخر، وهو أمر اعتيادي".
واتهم اندرسون اللجان "بشخصنة المشاكل"، داعيا إياها للحوار.
وأضاف: "بالنظر لتاريخي وخدمتي للاجئين والحروب في غزة هذا كفيل لإظهار دوري وقناعاتي، وكنت أحد العاملين الأجانب الذين نزفوا دما من أجل لاجئي فلسطين، آملا أن تعود العلاقة مع اللجان كسابقتها لارتباطهم بهدف واحد".
وأضاف "اندرسون": "قد لا نصل لحل في الوقت الحالي، لكن اذا استمرت المقاطعة وغياب الحوار ستتعقد الأمور أكثر والخيارات تصبح أقل".
التأمين الصحي
وحول التأمين الصحي الذي تقدمه الوكالة ونسبة الدفع المفروضة على المريض، أوضح أندرسون "أنه لا يوجد مستشفى تغطي 100% من تكاليف العلاج، بناء على مبدأ "الدفع المشترك"، الذي يقوم على أساس "كلما ازداد فقرك قلت نسبة اسهامك في دفع تكاليف العلاج".
القسائم الغذائية
وبما يخص القسائم الغذائية التي كانت توفرها الوكالة للاجئين، أوضح اندرسون أن الوكالة تسعى للبحث عن أفضل طرق لتقديم الخدمات، وتبين منها أن تقديم المبالغ المالية أكثر جدوى من المواد الغذائية من منطلق "اعطني الخيار لأحدد أولوياتي بنفسي".
منطلق سياسي
بدوره، أكد الناطق الرسمي باسم لجان المخيمات حسني عودة على أن تقليص "الأونروا" لخدماتها نابع من منطلق سياسي بحت لإنهاء الشاهد الوحيد على جرائم الاحتلال وخروجه من الملف الفلسطيني.
وأضاف "هذه السياسة متبعة منذ سنوات، عدا عن أن تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تدل على معنى واحد وهو انهاء الوكالة لأنها أطالت بعمر القضية".
وشدد عودة على أن الوكالة أصبحت "تشكل شريكا حقيقيا في حصار الشعب الفلسطيني، علما بأنها مؤسسة أخلاقية حقوقية أسست من أجل رعاية اللاجئ وتشغيله لحين عودته، قائلا: "لكنها أصبحت عائقا أمام اللاجئ وتقليص خدماتها مصحوبة بحجج واهية كالعجز المالي".
وأشار عودة إلى أن الوكالة وجدت لأجل قضية انسانية بحتة ومراعاة القضايا الإنسانية وهذه مسؤوليتها وليس على اللاجئ الفلسطيني ايجاد حلول لحججها، ولن يقبل بذلك.
كما طالب عودة بضرورة إعادة النظر بالقضايا التي تم إيقافها مثل قضية المستشفى في قلقيلية.
وقال عودة "المواطن والفصائل الوطنية اصبحت مدركة تمام لما تنتهجه الأونروا بحق اللاجئ، والأمور في تفاقم متزايد، ولابد من حلول ترضي الفلسطينيين".
وأوضح عودة أن التقصير بخدمات الأونروا لم يقتصر على ايقاف خدماتها واغلاق مستشفى قلقيلية، بل طالت المؤسسات التعليمية والصحية والتموين، قائلا: "106 نوع من الأدوية غير متوفر لدى الوكالة عدا عن عدم وجود سيارة اسعاف لنقل المرضى".
وحول التواصل مع الأونروا، يقول عودة: "حاولت لجان المخيمات التواصل مع الوكالة من أجل ايجاد حلول وإنهاء الأزمات، وكنا نتوصل لحل بعضها لأننا نريد أن تبقى شاهدة على قضيتنا الفلسطينية".
مغالطات أندرسون
اللجنة المركزة لمواجهة سياسات وكالة الغوث، ثمنت عاليا موقف البرلمان الأوروبي، المتمثل في تمسكه بالقرار 302، وتأكيده على القرار 194 واستعدادها للوفاء بالتزاماته المالية المترتبة عليها لصندوق الوكالة.
وتابعت "وصولا لهدفنا المنشود المتمثل (باستعادة كل ما سلب وتطوير مستوى ونوعية وجودة الخدمات في مجالاتها المختلفة)، فلا بد من استكمال تشكيل هيكلية البناء التنظيمي للانتفاضة ضد سياسات الوكالة.
وجرى اعتبار اللجنة المركزة هي الإطار القيادي الذي جرى التوافق على تسمية أعضائه لقيادة فعاليات المواجهة في الضفة الغربية، وكذلك استكمال تشكيل الهيئات الوطنية لمواجهة سياسات الوكالة (لتصبح الهيئة القيادية على مستوى كل محافظة)، لتشمل رؤساء اللجان الشعبية لخدمات اللاجئين والاتحاد العام للمرأة وعدد من الكفاءات الوطنية التي تسميها فصائل العمل الوطنية، ورؤساء البلديات، وتفعيل واستكمال تشكيلات اللجان الشعبية لخدمات اللاجئين في المخيمات والمدن والقرى (لتصبح الهيئة القيادية على مستوى المخيم أو المدينة أو القرية) وذلك بالتنسيق مع المرجعيات التنظيمية.
وقالت إنه ما لم يعلن "اندرسون" عن سحب وإلغاء كافة قراراته وسياساته التي هي ترجمة حرفية لإملاءات حكومة الاحتلال، وما لم يتقدم بخطة متكاملة لتطوير الخدمات كافة مناحي خدمات الوكالة وما لم يكن لديه الجاهزية لذلك إذا (فليرحل الآن).
كما حذرت اللجنة من مغبة المساس بالوضع الوظيفي لأي موظف بسبب قيامه بمزاولة واجبه في علاج الحالات العادية أو الطارئة.