منذ ولادته يعاني الطفل محمود شهابي -14 عاما- من تشوه خلقي في الفك السفلي، إذ لا يلتصق كليا بالفك العلوي.
علاج هذه الحالة ليس بالأمر البسيط في فلسطين وتحديدا في ظل الظروف الطبية التي تمر بها، وعدم وجود متخصصين بجراحة الفك، ومع هذا فقد سجل دوره في قائمة الانتظار على أمل خضوعه لعملية جراحية تنهي معاناته.
لكن الأمل بالله لدى الطفل وذويه كان كبيرا، وبالفعل فقد جاء الفرج على يد فريق طبي أمريكي زار فلسطين وأجرى نحو 40 عملية جراحية معقدة لعلاج مشاكل الوجه والفكين في مستشفى رفيديا بنابلس، وكان محمود أحدهم.
وقد نجحت العملية وها هو يتماثل للشفاء، على أن تظهر النتيجة النهائية خلال شهرين فقط.
ساعات عصيبة
يقول والد محمود "سمعنا في الراديو أن فريقا طبيا متخصص في جراحة الوجه والفكين سيحضر لمستشفى رفيديا الحكومي في نابلس، بتنسيق مع جمعية إغاثة أطفال فلسطين، فذهبنا إلى هناك، وأعطونا موعدا بعد أسبوع.. لم أكد أصدق.. وبالفعل خضع محمود لفحص أولي من طبيبة أمريكية، وفهمت من المترجم أن الفريق سيعاين نحو 300 حالة ولاحقا يختار منهم نحو 40 فقط تعد من أشد الحالات".
يتابع "فرحة كبيرة عندما تلقيت اتصالا من السيدة هناء عابدين منسقة الجمعية تبلغني أن محمود سيخضع لعملية بعدما اختاره الفريق الطبي مع نحو 40 آخرين".
وبصوت متحشرج ممزوج بالدموع يصف الأب تلك اللحظات التي خضع فيها نجله للعملية. يقول "لم تكن العملية سهلة، فالجراحة قريبة من الأعصاب والغدد في الرقبة ، وجسمه غض ومناعته ضعيفة نسبيا.. لكنها بفضل الله نجحت بعد 5 ساعات في غرفة العمليات".
تخصصات كثيرة
تقول عابدين إن "جمعية إغاثة أطفال فلسطين تعمل في مجال توفير العلاج المجاني للأطفال في فلسطين والوطن العربي منذ ما يقارب 25 عاما، وذلك في مختلف التخصصات والمجالات".
ومن ضمن تلك التخصصات: جراحة المسالك البولية والعظام والجراحة التجميلية خاصة لحالات الحروق، وجراحة الأعصاب والقلب والأجهزة التنفسية والشفة الأرنبية وسقف الحلق المفتوح وجراحة الوجه والفكين، وجراحة الأسنان لحالات الشلل الدماغي وسواها".
وأضافت في حديث مع "فلسطين الآن" إن ذلك يتم عبر التنسيق مع وفود طبية تطوعية للقدوم إلى فلسطين، أو عبر إرسال الأطفال المرضى أنفسهم للحصول على العلاج في الخارج؛ إذا تعذر عليهم الحصول على العلاج اللازم محليا، وذلك في أفضل المستشفيات والمراكز الطبية الدولية.
عشرات الوفود
وتابعت "لا أستطيع أن أحصي عدد الوفود التي وصلت فلسطين، لكنها بالعشرات ومن مختلف دول العالم، وفي تخصصات كثيرة"، مشيرة إلى أن ذلك كله يتم بالتنسيق الكامل مع وزارة الصحة الفلسطينية التي تفتح أبواب مستشفياتها للطواقم القادمة من الخارج، وتعمم على أطبائها بالتعاون معنا".
ولفتت إلى أن أهمية هذه الوفود يكمن في التخفيف أيضا من المرضى على قوائم الانتظار، واستدركت "تخيل أن بعض المرضى ينتظر دوره لإجراء عملية جراحية منذ 3 سنوات.. وآخرون سينتظرون لعامين قادمين بسبب الاكتظاظ الشديد في تلك القوائم، وقلة عدد الطواقم الطبية وغرفة العمليات".
وأشارت إلى أن الحاجة الماسة لبعض المرضى لإجراء العملية دفعته للاستدانة والذهاب لمستشفى خاص، وهو ما لا يستطيع فعله الكثيرون".
تعاون تام
أما مدير مستشفى رفيديا الدكتور قاسم دغلس فأشاد بأداء جمعية إغاثة أطفال فلسطين ودورها الكبير في التخفيف من معاناة المرضى الفلسطينيين.
وتابع في حديث مع "فلسطين الآن" قائلا إن "وزارة الصحة متعاونة إلى أقصى درجة مع الوفود الأجنبية وهي تقدر قدومهم لفلسطين، وقد عممت على كافة المستشفيات بتسهيل مهمتهم".
وأضاف "لا شك هناك استفادة كبيرة يجنيها الأطباء الفلسطينيون من زملائهم الأجانب نظرا لخبرتهم الكبيرة، وبالمقابل أثبت الأطباء المحليون قدرة فائقة في التعامل مع كثير من الحالات المرضية بشهادة زملائهم الأجانب".
وأشار إلى أن متابعة المرضى بعد خضوعهم للعملية ومغادرة الوفود الأجنبية يقع على عاتق الكادر الطبي المحلي، الذي قد يلجأ للتواصل مع الفريق الأجنبي حال واجته أية صعوبات".
أحدث الوفود
وتابع دغلس بقوله إن فريقا أمريكيا لجراحة الوجه والفكين وصل لمستشفى رفيديا، بعد أسبوع من العمل الرائع الذي غير حياة الكثير من الأطفال المصابين بالشفة الأرنبية وشق سقف الحلق منذ ولادتهم في قطاع غزة.
وأوضح أن الفريق حال وصوله إلى رفيديا قدم الرعاية الطبية لـ 140 طفلا وسيجري العديد من العمليات الجراحية حتى نهاية الأسبوع القادم.
وفد هندي
وهذا الأسبوع، وصل إلى الأراضي الفلسطينية، جراح العيون الأسترالي د.فرانسيس ناثان من جامعة مادراس/جنوب الهند. حيث تستضيفه جمعية إغاثة أطفال فلسطين "PCRF" بالتعاون مع وزارة الصحة ومستشفى رفيديا بنابلس. سينضم أيضا للدكتور فرانسيس زوجته الدكتورة مارلين ناثان وهي أخصائية علاج طبيعي والحاصلة على دبلوم في العلاج المهني من كلية الطب المسيحي ومستشفى فيلور، جنوب الهند.
سيجري خلال زيارته الحالية عدة عمليات جراحية لاستئصال المياه البيضاء من العين للأطفال وتدريب الجراحين المحليين. وستعمل زوجته الدكتورة مارلين على تقديم جلسات علاج طبيعي للأطفال المحتاجين ذوي الإعاقة في مراكز التأهيل في محافظات سلفيت، وطولكرم.
يذكر أن الدكتور فرانسيس وزوجته مارلين قاما بالعديد من البعثات الطبية التطوعية من خلال جمعية إغاثة أطفال فلسطين، وعالجوا العشرات من الأطفال.