13.9°القدس
13.66°رام الله
12.75°الخليل
17.31°غزة
13.9° القدس
رام الله13.66°
الخليل12.75°
غزة17.31°
الأحد 29 ديسمبر 2024
4.64جنيه إسترليني
5.2دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.85يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.64
دينار أردني5.2
جنيه مصري0.07
يورو3.85
دولار أمريكي3.69

تقرير "فلسطين الآن"..

شارع الحدادين برام الله..صناعات تنافس المستوردة

1
1
رام الله - مراسلنا

في مدينة رام الله وعلى امتداد شارع الحدادين شوق ما ­­­زالت أصالة الصناعة اليديوية فيه، يراها المارة بمجرد النظر إلى تصاميم المنتجات، ما يميز هذا الشارع حفاظه على الصنعة كحرفة يديوية ولكن المنتج النهائي متطور ويضاهي البضاعة المستوردة.

 ويمتدّ هذا الشارع من دوّار الساعة إلى موازاة مداخل حسبة الخضار في المدينة، تتراصّ المحلّات على جانبي الشارع الضيّق الذي بالكاد يتّسع إلى مرور سيّارة واحدة في اتّجاه واحد فقط.

مع سماع صوت حبات المطر الأولى مع كل شتاء، ترتفع أصوات المطارق على السبائك التي يحولها حرفيون فلسطينيون إلى مدافئ حطب، بدأت الحرفة مع فتح آبائهم منذ الخمسينيات لهذه المحال، حيث تجمع التجار وبدأوا يطورون الصناعات الحديدية، والتي وصلوا فيها إلى أعلى جودة، بناءً على خبرات اكتسبوها مع الوقت ومع الدورات الصناعية لتحقيق أعلى درجات الأمان.

صاحب إحدى محلات الحدادة في شارع الحدادين سمير الصالحي قال في حديثه لـ"فلسطين الآن" أنه والده افتتح هذا المتجر منذ زمن، واقتصر العمل على بعض المنتجات كالكانون، والأسياخ الحديدية، "وتطورت الصنعة مع الوقت، وتطورت القدرات الفنية لدينا، وأصبحت بضاعتنا مرغوبة بناءً على تجارب الزبائن، فلم يعد عمل والدي كافيا لوحده، وبدأ باستحضار العمالة، عملت أنا وأخواني الاثنين معه لفترة طويلة، واكتسبنا منه هذه المعرفة".

منافسة للبضائع الأجنية

ويضيف الصالحي: "العمل اليوم يضاهي البضاعة الأجنبية، قبل العام 2000 اقتصر سوق الحدادة تقريباً في مدينة رام الله على هذا الشارع، والبضاعة التي كانت تباع هنا كانت نادرة، اليوم ومع بدء عمل وزارة الاقتصاد بمبدا السوق المفتوح،غزت البضاعة المستوردة الأسواق، فتفاجئنا بمنافس شرس لمنتجاتنا، وأصبح التطوير أمراً ملحاً".

يتحرك سمير بلا توقف منذ ساعات الصباح الأولى، هو والحدادين الذين اصطفت محالهم بجانبه، يأخذون لوحاً مسطحاً حديدياً، ويبدأون بثنيه وتشكيله، للوصول إلى شكل للمدفاة المرغوبة، وبدأ العمل على وضع الزخارف والألوان كالذهبي والنحاسي لتضفي صبغة مميزة على الشكل النهائي، ويستغرق العمل على المدفاة الواحدة بين يومين و15 يوما بحسب الحجم والمطلوب فيها.

يقول الصالحي: "لم تعد مدفأة الحطب أمراً مقتصراً على ذوي الدخل المحدود، فأصحاب رؤوس الأموال هنا بترددون علينا ويطلبون بعض المواصفات المختلفة، كوجود حيز للطبخ، وكالطلب الذي يعطي الجمالية الكبرى وهو لوح زجاجي كبير حتى يطهر اللون الأحمر عند اشتعال الحطب داخلها".

لكلِ موسمٍ بضاعةٌ في هذا السوق، يبدعُ العاملونَ هنا في تصميمِ كلِّ ما هو جديد، شارعُ الحدادين، ينتجُ بضاعةً فلسطينيةً خالصة، بأشكالٍ متطورة مع الحفاظ على تراثٍ يزيدُ عمرُهُ عن ستينَ عاماً، يعمل محمد رشاد على مدفأة إنهاء تصميم مدفأة حديدية تستوعب اسطوانة غاز حتى تعمل عليها أيضا، ركب لها العجلات، والبُنية المتينة، إلا أن المنافسة الشرسة التي يلقاها من البضائع المستوردة تجعل بيع هذا النوع من البضاعة والترويج له عملية بطيئة.

 ويضيف محمد: "نعاني من انخفاض الأسعار على البضاعة المستوردة، مع ارتفاع ثقة الزبون بالأجنبي على حساب البضاعة المحلية، نحن نطالب وزارة الاقتصاد أن تهتم أكثر بالمنتجات التي تخرج من هذا السوق، فالأسعار رخيصة، والجودة عالية، ولكن يمكن القول أننا نفقتد إلى ثقة الزبون بمنتجاتنا على الرغم من تجربتها، والتأكد من سلامتها".

انخفاض سعر الحطب عن الغاز

مدفأة الغاز أو الحطب، خامتين تختلف أسعارهما بشكل كبير، فيتغلب الحطب لانخفاض تكلفته، وارتفاع تاثيره في المنازل، وفي هذا العام ارتفع سعر اسطوانة الغاز 4 شواكل خلال شهرين، ليصل سعرها إلى 70 شيكل اسرائيلي، في الوقت الذي يصل فيه معدل الاستهلاك إلى اثنيتن شهريا، أي ما يعادل 140 شيكل، لتصل تكلفتها ما يعادل 1400 شيكل طوال فترة الشتاء، وبدفأ بسيط، في حين لا يتجاوز سعر طن الخشب عن 700 شيكل اسرائيلي.

جولات ربات المنازل في هذا السوق كثيرة، يحاولن الحصول على أكبر نسبة من الدفأ والفائدة ولكن الشك في أمان المدفاة دائما يراود الزبائن، إضافة لعدم الوعي بما وصلت إليه هذه الصناعة، تجعل من التردد بالشراء حاجزاً يفصل النساء عن البت في قرار اقتناء المدفأة.

تقول آمال أبو زيد وهي إحدى ربات البيوت التي توجهت إلى ذلك السوق: "فرق السعر ليس كبير، ولكن صوبة الحطب تُوفر الدفأ بشكل كبير، إضافة إلى الاستغناء عن فرن الغاز أثناء الشتاء، ناهيك أن ما يُصنع هنا من مدافيء يعيش لسنوات طويلة، والأهم الجو العائلي الذي تضفيه صوبة الحطب".

محاولات لتشجيع الصناعة المحلية

دعم المنتج المحلي، واستغلال مواسمه، هدفاً دعت إليه وزارة الاقتصاد بشكل دائم، ويشكل هذا السوق بالنسبة للاقتصاديين مصدراً لصناعات محلية تدعم المنتج المحلي.

مدير السياسات في وزارة الاقتصاد الدكتور عزمي عبد الرحمن أكد في حديثه لـ"فلسطين الآن" على ضرورة دعم المنتج المحلي، هذا موسم يمكن للمواطن أن يحقق هذه الغاية فيه، المدفأة الحطب واحدة من الكثير الكثير الذي يُنتج في فلسطين، وبجودة عالية، ودعم هذه المنتجات يعني قدرتنا على إلغاء تبعيتنا الاقصادية للاحتلال أو للمستثمر الأجنبي.

ويضيف عبد الرحمن:"على التاجر أن يثبت كفاءة المُنتج، وعلى المواطن الوثوق بالمنتج المحلي، ويجب علينا أن دعم مثل هذه الصناعات للحفاظ على موروثنا الاقتصادي، ولتمكين هؤلاء التجار من البقاء على رأس عملهم، في الخطّة الاستراتيجيّة الجديدة للحكومة".

وأكدت وزارة الاقتصاد أنه سيتمّ التركيز على الصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر، والتي تندرج مهنة الحدّادين ضمنها، مشيرة إلى أنّ هناك توجّهاً في الوزارة من خلال هذه الخطّة إلى تقديم الدعم المهنيّ والتدريبيّ، وتأهيل العاملين في هذا القطاع فنيّاً في المعاهد المهنيّة الموجودة في فلسطين.

 كما أُعلن عن خطّة الوزارة التنفيذيّة والتي من المقرّر إعدادها للسنوات 2017 وحتّى 2022، والتي  ستأخذ هذا القطاع في الاعتبار لتطويره وتقديم الدعم إليه وتنظيم العمل فيه.

وما بين الرفض والتشجيع، يتميز هذا الشارع بما يوفره من أجواء فريدة، ويفتح الأفق أمام أي راغب بالحصول على قطعة حيديدة فنية ومفيدة أن يتوجه إليه.