صخور مختلفة الأحجام والأشكال والأنواع مرتبة فوق بعضها البعض بصورة دقيقة متوازنة، كانت بداية الشاب الفلسطيني أحمد العوضي في "فن التوازن"، مهمة تحتاج إلى تركيز كبير وهدوء تام لتضع الأشياء بأحجامها المختلفة متوازنة فوق بعضها، معتمدة على مركز التوازن والثقل لهذه الأجسام.
مقطع فيديو شاهده الشاب العوضي من مدينة غزة قبل حوالي شهرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان له السبب في اقتحامه هذا الفن المسمى "فن التوازن" أو ما يعرف بـ"فن خداع الجاذبية"، ليكثف بعد ذلك مشاهداته وقراءته عن هذا الفن ويشرع في تطبيقه وممارسته حتى أصبح مجيدًا له في غضون شهرين فقط.
وأوضح طالب الثانوية العامة العوضي خلال حديثه لـ"فلسطين الآن"، أن الفكرة بدأت من مشاهدته لأحد مقاطع الفيديو فيه ممارسة لهذا الفن، معبرًا عن إعجابه بهذا الفن والعمل واندماجه وانسجام شخصيته معه.
هدية عيد ميلاده
كان ترتيب الصخور على شاطئ بحر غزة أول الأشياء التي طبقها الشاب العوضي في هذا الفن بشكل كبير بعد أن بدأ بترتيب أشياء صغيرة حوله، فاستطاع أن يرتبها رغم عدم اتساق شكلها وحجمها ونوعها فوق بعضها البعض بصورة متوازنة.
وفي 25 من سبتمبر الماضي الذي يوافق يوم ميلاد العوضي، أراد أن يهدي لنفسه هديته المفضلة كما أفاد، وقال: "خرجت إلى البحر وأردت أن أهدي نفسي هدية جميلة بعمل مجسم كبير من الصخور"، ونجح بعد عدة محاولات ولأول مرة في ترتيب مجسم يعتمد على قاعدة التوازن.
حركات متروية جدا وتركيز عالٍ وهدوء وصمت تامين، رافقت العوضي في ترتيب الصخور حتى تظهر بصورتها النهائية، معتمدًا على مركز الثقل.
وقال العوضي: "البداية بالنسبة لي كانت صعبة، عودت نفسي على التجربة، وكنت على قناعة أنني سأنجح حتّى وأن فشلت البدايات"، مشيرًا أنه عزز ممارسته بالبحث والتعمق بكل تفاصيل الفن عبر المشاهدات وقراءة كل ما كتب حوله حتى يتقنه.
وفي مشهد آخر عصب عينيه ليبدأ بتثبيت زاوية شاشة التلفاز داخل فوهة عبوة زجاجية صغيرة، ونجح بعد دقيقتين من التركيز والهدوء.
ولفت الشاب إلى أنه يقوم كل يوم بممارسة هذا الفن وصنع أشكال جديدة متوازنة، ليطور من نفسه بترتيب أشكال صعبة عبر أجسام مختلفة السطح، وكان آخرها توقيف مجموعة من النقود الحديدية ووضع بيضة فوقها.
وحصدت أعمال العوضي التي يعرضها على صفحته عبر الفيسبوك على إعجاب الكثير من المشاهدين والمتابعين.
طموح
وقال العوضي: "فن خداع الجاذبية يحتاج جوّا هادئا وحالة نفسية مستقرّة كي ينجح ممارسه في التركيز، ويجب أن يكون الشخص متصالح مع نفسه، كي يستطيع إيجاد نقطة الارتكاز التي تثبت عليها الأجسام، وتخدع الجاذبية".
وعبر عن سعادته على إدخال هذا الفن وممارسته كأول فلسطيني في القطاع، وقال: "الناس المحيطين بي كانوا يخبرونني بداية أن الفن لا يعيش بغزة المحاصرة، ولا يوجد أمل لتطوير النفس، لكنني واجهت هذه التحديات بإصرار، وما نصوّره اليوم هو نتاج إصراري".
ويطمح الشاب الفلسطيني أن يكون قادراً على المشاركة في المعارض الدولية في المستقبل القريب.