بكل همة وإصرار وتحدٍ استطاع الشاب محمد الخالدي أن يفتتح مركزه الطبي المختص بالأطراف الصناعية والجبائر، كأول مركز مختص في جنوب قطاع غزة يخدم مدينتي خان يونس ورفح، وأحد مركزين اثنين متخصصين في هذا المجال في قطاع غزة، بعد التدريب والخبرة والتواصل مع مختصين في الخارج، مكث فيها خمس سنوات بعد انتهائه من دراسته الجامعية.
لم تكن انطلاقة الخالدي عادية؛ بل تخصص مركزه الطبي في الأطراف الصناعية كمركز وحيد جنوب القطاع، عدا عن صناعة أطراف صناعية وأجهزة طبية أخرى تخص العظام داخل مركزه بمواد بديلة وبسيطة تكافئ تقريبًا في وظيفتها الأجهزة الطبية المصنعة بمواد طبية من الخارج.
ويقوم الخالدي بإعداد أجزاء من الأطراف الصناعية، وأجهزة طبية لجبر الكسور، وأجهزة تخص ذوي الاحتياجات الخاصة أو كبار السن، وتصنيعها محليًا بحيث توائم الأجهزة الطبية من الخارج بمواد بديلة، ويبيعها بتكاليف أقل بكثير من الأجهزة الأصلية.
خبرة وتواصل
منذ دراسته الجامعية بدأ الشاب محمد عبد المجيد الخالدي 27 عامًا من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، تدريبه وعمله في مراكز متخصصة بالأجهزة الطبية والتعرضية والأطراف الصناعية والعمل مع أطباء العظام، ولم يتمكن بعد تخرجه عام 2012 من إكمال دراسته العليا بسبب تكاليفها العالية في الخارج، كما أشار خلال حديثه لـ"فلسطين الآن".
وأوضح الخالدي أنه تحصل على خبرة لمدة خمس سنوات عمل فيها في مراكز متعددة وتواصل مع شركات وخبراء ومختصين في مصر والسعودية وتركيا، وأشار: "وجدت عملي الذي أعمله على مدار 5 سنوات لا يلبي الطموح المطلوب عندي كمرتبة علمية أو كراتب أو كشخص بعد عشر سنوات، أيضًا التعليم في المجال في القطاع غير متوفر، والدراسة في الخارج بحاجة إلى رأس مال كبير حتى أستطيع أن أكمل الدراسات العليا، وإيفاء الاختصاص".
وقال: "المراكز التي عملت معها لم تكن مختصة بالأطراف الصناعية بل بالأدوات المساعدة، ولا يوجد في الجنوب مركز خاص بالأطراف الصناعية، فقررت أن أفتح مركز يخصني في مدينة رفح".
وأضاف: "في عام 2015 المكان الذي كنت أعمل فيه دخل في أزمة فتركته وكنت مجهز نفسي أن أفتح مركزي، وتوجهت لشركات دعمت المشروع وتوجهت لبعض الأشخاص لتوفير بعض الحاجيات والأهل كلهم دعموني ووقفوا بجانبي والحمد لله تمكنت من فتح المركز في هذا المكان وأطلقت عليه اسم الخالدي".
بدائل أقل تكلفة
الوضع المادي الصعب للمواطنين وحاجتهم لأجهزة تخدمهم بتكاليف بسيطة، دفعت الشاب الخالدي لاستخدام مواد بديلة تخفف على المريض، مبينًا أنه بدأ بالبحث في الكتب والمراجع القديمة والتواصل مع زملاء واستشاريين في الخارج أفادوه باستخدام مواد بديلة لملائمة المواد الأصلية، منوهًا أن مركزه استطاع إيجاد 70% من الأجهزة البديلة وصنعها داخل المركز.
وضرب الخالدي أمثلة على بعض الأجهزة بقوله: "يوجد جهاز لقدم الطفل الملتوية للداخل يكلف 50 دولارًا فقمنا بتصنيع بديل بثمن 100 شيكل فقط حتى نحاول نخفف على الناس، أيضا عندنا جهاز اسمه "آفو" يجعل القدم بزاوية 90 درجة يستخدم للكسور والإصابات الرياضية، هذا تكلفته من الشركات والمواد الطبية تقريبا يطلع على المريض تقريبا 1000 شيكل، صنعناه بتكلفة أقل بكثير".
ويوجد في مركز الخالدي للأطراف الصناعية والأجهزة الطبية وسط مدينة رفح جنوب القطاع، معمل يستخدم فيه بعض الماكينات والمطارق.
وفيما يخص الأطراف الصناعية، أفاد الخالدي أنه استطاع إيجاد بديل لجزء من الحافظة الداخلية، موضحًا أنها عبارة عن مادة تدخل على فرن وتصب في قالب وتتشكل وفقًا له، إضافة إلى توفير بديل لمادة أخرى داخل الحافظة، مؤكدًا أن ذلك خفف على المرضى من ناحية التكلفة.
وقال: "أما الحافظة نفسها الخارجية، أوجدنا بديل بلاستيكي عنها ولكن ليست على نفس النوع، فأوجدنا حافظة بلاستيكية من فوق ومن تحت الساق والقدم يجب استيراده من الخارج فلا نستطيع إيجاد بديل له، وأيضا المرابط نعملها هنا، والذي يفرق عن الأنواع الخارجية، أنها لا تركب على كل الحالات".
وأضاف: "في أشخاص في قطاع غزة قمنا بصيانة أجزاء من الطرف بأجزاء بديلة، لأنه الناس لا تملك مال لتغير حافظة تكلف من 700 لـ 1000شيكل أو غيرها، لأن الأوضاع المادية صعبة وهذه من العقبات، لأن تكلفتها غالية على الطبيب والمريض نفسه، وكذلك تعودت الناس على الجهات المانحة، وأحيانا لا يجدوه، فيضطروا لنا فيعملوا عندنا، وبعض الأطراف مستعدون أن نعملها بمواصفات عالية بأعلى التكاليف".
وطالب الخالدي في سياق حديثه المؤسسات المعنية بدعم هذه المشاريع لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الأطراف الصناعية، عدا عن مساعدة المواطنين المحتاجين لشراء هذه المعدات كأهم عقبة تواجهه في مشروعه.