استحوذ خطاب الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي في ميدان التحرير على اهتمام عالمي غير مسبوق، وإن قلت إن ذلك الاهتمام لم تحظ به خطابات الرئيس الأمريكي اوباما لا أكون مبالغا في الأمر، لأن مصر مع رئيسها الجديد وسياسته الجديدة ستربك الاتجاهات السياسية في المنطقة بأسرها وخاصة السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. أهمية الخطاب التي استشعرها الغرب لم تشعر بها المعارضة المصرية، فاهتم المعارضون المصريون أو من يسمح لهم بالظهور الإعلامي بالشكل على حساب المضمون، فاهتموا بالورقة التي دون عليها بعض الملاحظات والنصوص الهامة مثل القسم، دققوا كثيرا في بعض الكلمات التي رددها أو التي تجنبها بناء على انتقاداتهم السابقة، مثل" أهلي" التي استبدلها بـ" عشيرتي" ، اهتموا بالفنانين والأدباء الذين لم يذكرهم في خطاب الفوز ولكنه ذكرهم بعد الاعتذار في خطاب الميدان، وهكذا. موقف المعارضة من خطاب الرئيس محمد مرسي _وخاصة أن بعضهم قارن بينه وبين الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر_ جعلني أعود مرة أخرى إلى خطابات عبد الناصر التي يرتجلها دون استعانة بأوراق مكتوبة، فوجدت ان ما يقوله عبد الناصر ليس بحاجة إلى أوراق لأنه ببساطة لا يقول شيئا يستحق التدوين،بل يكرر بعض الجمل سهلة الحفظ فيرددها بنغمات مختلفة، ولكنه عندما يرتجل بشكل حقيقي فإنه يدخل في مرحلة الهذيان، ولا أدل على ذلك من خطابه في الإسكندرية يوم مسرحية الاغتيال التي وصف فيها جمهوره بالمهرجين قبل إطلاق الرصاص وبالرجال والأبطال والأحرار بعدها، وأنا أدعو المخدوعين بناصر إلى العودة إلى خطابه في الإسكندرية وأن يقيموه بعقل منفتح ثم يقارنوه بخطاب الرئيس المنتخب د.محمد مرسي، وهي كذلك فرصة للاستمتاع بالمسرحية التاريخية الفاشلة لعبد الناصر. نختم بالقول إن أمام الرئيس محمد مرسي مئة يوم_على الأقل_ لإثبات مقدرته على الحكم، ولا يجب محاسبته من أول يوم وقبل أن يؤدي اليمين الدستورية إلا إذا انقلب على مشروعه و تعهداته،فالرجل بحاجة الى فرصة والى جميع صلاحياته، فإن حصل عليهما بشكل كامل وعادل فإنني اعتقد بأنه سيوفي بما وعد وسيحظى الشعب المصري بحياة كريمة وعدالة افتقدتها مصر منذ مئات السنين.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.