عام واحد فقط كان كفيلا بأن تتم الطالبة في كلية الإعلام في جامعة النجاح بنابلس "أبرار الشاعر" حفظ كتاب الله كاملا، لتنضم إلى أكثر من سبعين من زميلاتها وزملائها اللواتي جرى تكريمهم على هذا الجهد المشكور.
تقول الشاعر إنها: "كانت تحفظ بعض سور القرآن الكريم، لكن ليس بصورة كاملة، ودون ترتيب، وكان لبعض صديقاتها اللواتي سبق لهن الانضمام لملتقى القرآن الكريم في كلية الشريعة دور في تحفيزها على الالتحاق بالملتقى، وترتيب وقتها ووضع آلية مدروسة لمتابعة الحفظ".
تضيف لـ"فلسطين الآن": إنها فرحت جدا بعد أن بدأت فعليا بالحفظ بشكل منتظم، وشعرت بالإنجاز تباعا عندما ختمت أجزاءً متتالية، حتى وصلت إلى المرحلة الحاسمة بتكثيف الحفظ، حتى أتمت كتاب الله كاملا".
وكانت الطريقة التي اتبعتها أبرار تتمثل بحفظ خمس صفحات يوميا، ومراجعتها لتثبيتها، وتخصيص ساعتين يوميا لذلك، مشيرة إلى أن بعض الفتور قد أصابها خاصة خلال فترة الامتحانات النهائية، أو خلال إنجازها للمشاريع التي يطلبها المحاضرون في الجامعة.
لكنها تستدرك قائلة: "هذه حالة أصابت الجميع، لكنها لا تلبث أن تنتهي سريعا، ويعود الإنسان قويا ونشيطا ومثابرا، لأنه يدرك عظيم الأجر الذي ينتظره".
شرف عظيم
أما الطالب مصعب أردنية، فيروي حديث رسول الله صل الله عليه وسلم "تعاهدوا القرآن، فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من أحدكم من الأبل في عقلها"، ويتابع "بعد حفظي لكتاب الله كاملا وضعت خطة لنفسي لأراجع فيها ما أحفظ من القرآن، بحيث لا تؤثر هذه الساعة والوقت المحدد على تحصيلي العلمي".
ويؤكد أردنية "حفظ كتاب الله والالتحاق في الملتقى شرف عظيم قد لا يحوزه أي شخص فإذا ساقتك قدماك لتكون جزءا من حلقات تحفها ملائكة الرحمن لهو توفيق من رب العالمين اصطفاك لتكون حاملا له".
وختم قائلا "ملتقى القرآن يعتبر فرصة كبيرة قد لا تسنح لك في المستقبل لحفظ كتاب الله، فبدلا من تضييع الأوقات في الأمور التي لا تجدي نفعا وتؤثر سلبا على تحصيلك الدراسي بادر بالتسجيل في ملتقى القرآن الكريم لتجمع بين شهادتك الجامعية وشهادة حفظك لأجزاء من كتاب الله".
إقبال كبير
فمن كنف كلية الشريعة سطعت شمس بذور الملتقى قبل أعوام سبع مضت، إذ يعد مشروعا فريدا من نوعه على مستوى الجامعات الفلسطينية، يهدف القائمون عليه إلى مساعدة الطلاب في كيفية استغلال أوقات فراغهم وحفظ أجزاء من كتاب الهدى، بالإضافة إلى جمع الطلبة في جو روحاني يخرجهم من رتابة اليوم الدراسي إلى عالم آخر.
عميد كلية الشريعة الدكتور جمال الكيلاني يقول: إن "العمل على تحفيظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله من أسمى وأشرف الأعمال، ومن هذا المنطلق جاءت فكرة تأسيس الملتقى في جامعة النجاح عام 2011"، مؤكداً أن الهدف من إنشاء الملتقى تعزيز وتوثيق علاقة الطالب الجامعي بكتاب الله وأن يملأ فراغه بشكل مفيد، موضحاً أن الملتقى بدأ بعشرات الطلبة ليتوسع ويتطور، حتى وصل عدد الملتحقين هذا العام إلى 2500 طالبة وطالبة من مختلف كليات الجامعة يشرف عليهم قرابة 150 محفظاً".
كما أوضح الدكتور كيلاني أن الملتقى يعمل وفقاً لجدول منظّم وحلقات وبرامج دراسية كحفظ القرآن الكريم في عام واحد ضمن برنامج مكثف، وتابع "إننا في العمادة نعاني من ندرة توفر قاعات التسميع وتضارب أوقات الدوام مع أوقات الحفظ، كما أننا بحاجة إلى دعم مادي للملتقى حتى يتسنى لنا إجراء مسابقات وتوسيع النشاطات، وهذا يعد عقبة كبيرة أمامنا".
وتجاوز ملتقى القرآن حدود أسوار الجامعة، إذ شارك في العديد من المسابقات الدولية منها (المسابقة الهاشمية لحفظ القرآن) و(مسابقة الملك سعود لحفظ القرآن) وحصل فيها الطلبة على مراكز مشرفة.
فيض من نور
وتأكيداً لدورها الديني الذي يشكل محوراً من أهم محاور رسالتها المجتمعية، نظّمت جامعة النجاح ممثلةً بملتقى القرآن الكريم وعمادة شؤون الطلبة في الجامعة، وبدعم من هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية، الحفل السنوي السادس الذي حمل عنوان (فيض من نور) لتخريج الفوز الثالث من حفظة كتاب الله.
وفي كلمة إدارة الجامعة أكد الأستاذ الدكتور ماهر النتشة على حرص جامعة النجاح أن يكون لها موقع متميز في مجال الأنشطة الطلابية بجانب التعليم الأكاديمي، مشيراً إلى أن الأنشطة الطلابية باتت جزء رئيسيًا من العملية التعليمية للجامعة حيث تعمل الجامعة على توفير البيئة المناسبة للأنشطة الطلابية المفيدة التي من شأنها أن تخرّج طلبة مقدرين لدينهم ومنتجين لوطنهم.
كما أبدى النتشة فخره وسعادته برؤية هذا العدد من طلبة الجامعة من مختلف الكليات ممن حفظوا القرآن الكريم كاملاً، مثمناً ما بذلوه من جهود لتحقيق ذلك، ومؤكداً أن الجامعة تهتم كثيراً في هذا المجال من أجل تخريج طلبة ينافسون على المستوى الدولي، مباركاً للطلبة وذويهم إنجازهم الكبير، وشاكراً كل من ساهم في إنجاح هذا الحفل.