على مدار سنوات طويلة من الحصار على قطاع غزة تتجدد ذات تعبيرات الألم المرسومة على الوجوه، يتفاوتون في فترات انتظارهم الطويلة ويختلفون في أسباب المعاناة التي يكابدونها بين مريض زادت أوجاعه، وصاحب إقامة انتهت أو شارفت على الانتهاء يقلقه مصير عمله ومستقبل حياته، وآخر تأخر في دراسته لعامٍ أو عامين، وأخرى ينتظرها زوجها لسنوات.
عشرات من أصحاب الحالات الإنسانية اعتصموا أمام بوابة معبر رفح الخارجية جنوب قطاع غزة، صباح اليوم الأحد، اعتصامًا احتجاجيًا مفتوحًا للمطالبة حكومة التوافق القيام بواجبها تجاههم ومعاناتهم المستمرة، ولمطالبة الجانب المصري بضرورة فتح المعبر بشكل مستمر لإنهاء معاناتهم.
خيبة أمل تنتاب العالقين على بوابات المعاناة والانتظار أمام معبر رفح البري، في ظل تقديم أولوية الجانب المصري السفر لأصحاب التنسيقات، عدا عن تعرقل مسيرة المصالحة الفلسطينية، وكأن أيام فتح المعبر أيام تجارة بمعاناة المواطنين وحاجتهم الماسة للسفر.
وجوه للمعاناة
وخلال حديث "فلسطين الآن" مع المريض عصام القريناوي الذي يضع على رقبته واقيًا بسبب الغضروف الذي تعانيه، أوضح أنه ينتظر معبر رفح منذ أكثر من 10 شهور للسفر من أجل العلاج، مؤكدًا أنه يملك تحويلة مرضية لجمهورية مصر العربية.
وبين أن يعاني من عدة أمراض غير الغضروف الذي يعانيه في رقبته من مشاكل في المريء والأمعاء والقالون العصبي، مشيرًا " خلال عشر أشهر تأثرت كثيرا صحيا بسبب عدم سفري، فمن المفترض أن أسافر في شهر ثلاثة إلى مصر، ولكن المعبر مغلق على طول".
وقال: "آخر مرة في أبو خضرة تحدثوا معنا أني سأسافر أول مرة، وأول فتحة لم أسافر وثاني مرة لم أسافر، وإلى الآن أنا لم أسافر نتيجة لوجود الواسطات والتنسيقات التي أثرت على المرضى والطلاب وأصحاب الحالات الإنسانية".
وأضاف: "نتأمل أن يفتح معبر رفح لكي نتمكن من السفر للعلاج، ونحن نتوجه للمسئولين النظر بعين الرحمة والرأفة للمرضى والطلاب والزوجات العالقات وأصحاب الإقامات ويفتحوا المعبر، ونتأمل من رئيس جمهورية مصر أن يفتح المعبر بأسرع وقت".
ولم تكن العالقة أم سامي حالها أفضل من سابقها، فهي زوجة عالقة مع خمسة أبنائها تنتظر منذ ثلاث سنوات السفر لرؤية زوجها، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها، ويعيشها زوجها المريض الذي غادر القطاع قبل خمس سنوات ولم يزوره إلا مرة واحدة.
وقالت خلال حديثها والكلمات تخنقها: "الواحد تعب خالص، بنتي شكل والدها لا تعرفه، لأنه خرج وهي صغيرة، كبرت ولما تكلموا على الجوال تقول من هذا، وهي أول مرة قدم فيها لم تعرفه خايفة تسلم عليه خايفة تقرب عليه، حرام عليهم يفتحوا المعبر الناس تعبت كثير".
وأوضحت أنها لم تر زوجها منذ خمس سنوات إلا مرة واحدة حضر فيها شهرين أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2014، مبينة أنها "عملنا فيزا وقاربت على الانتهاء واحنا لسا ما طلعناش وربنا أعلم بالحال كيف دبرنا مصاريها وعملناها، حرام عليهم بيكفي هيك تعبنا، ايش بدكو أكثر من أن البنت تخاف تكلم أبوها".
وتابعت بقولها: "عندي خمسة ابناء، بنت وأربعة أولاد، هذه البنت أصبحت 8 سنوات وأربع سنوات تقريبا لم تر والدها، قدمنا على المعبر من زمان ولكن أجا دورنا وذهب ولم نخرج، وقالوا لنا رابع يوم وأجا ولم نخرج، وكل فتحة أذهب لصالة أبو يوسف النجار دون جدوى، فقط مرمطة وشحططة، وربنا أعلم بالتكاليف التي نقدمها".
وأضافت: "وضعنا صعب جدا وربنا وحده هو الأعلم بالحال، وزوجي أيضا مريض، والشكوى لغير الله مذلة، ونسال من الله أن يفرجها علينا ويحنن القلب القاسية علينا ويفتحوا المعبر، الواحد فاض فيه الكيل وهيك بيكفي".
مطالبات وقفة
وطالب العالقون خلال وقفتهم، الرئيس عباس وحكومة التوافق بتحمل مسئولياتها تجاه الفلسطينيين في قطاع غزة والعمل الفوري والجاد والعاجل على فتح معبر رفح البري ليتسنى للجميع السفر دون قيد أو شرط.
وناشدوا في بيانهم، السلطات المصرية والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بفتح معبر رفح أمام المرضى والزوجات العالقات والطلاب وأصحاب الإقامات.
كما وطالبوا وفد الفصائل الفلسطينية ممثلًا برئيس حركة حماس في القطاع يحيى السنوار، بضرورة وضع ملف أزمة معبر رفح على سلم الأولويات، مطالبين وزارة التربية والتعليم النظر لطلابها المسافرين بتخصيص يوم لسفر الطلاب بالتنسيق مع الجانب المصري.
كما ووجهوا مطالبهم للإدارة العامة للمعابر والحدود بتوضيح آلية تسجيل السفر للمسافرين، وتعيين ناطق إعلامي للمعابر يكون معروفًا للجميع، ليتسنى للصحفيين التعامل معه، وليتابع المسافرين صورة الوضع لعمل المعبر.