رحل الصياد "عبد الله زيدان"، الوحيد بين أسرته، تاركًا زوجته وأطفاله الأربعة، في بيتٍ قديم متهالك ومستور في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، يعانون من أوضاعٍ معيشية صعبة، بعد أن كان معيلًا لها يعمل في مهنة الصيد ليرعى والديه وزوجته وأطفاله.
"فلسطين الآن"، تواصلت مع عالته التي طالبت السلطات المصرية بفتح تحقيق عاجل لمعرفة ملابسات استشهاد نجلها الصياد عبد الله، والذي أصيب بطلق ناري في الصدر أثناء ممارسة مهنته في بحر رفح جنوب قطاع غزة.
أصرا والداه على أن يتابع كل المسؤولين والمعنيين جريمة قتل ابنهم، حتى يتم تقديم المتهمين للعدالة كي ينالوا جزائهم، مؤكدين أن استهداف ابنهم كان عمدًا من قبل الجيش المصري دون أي تجاوز للحدود ملتزمًا بأخلاقيات مهنته.
أمه.. نصيحتي قتلت ولدي
بمرارة الفقد مع الدمع، لم تجد والدة الصياد "أم عبد الله"، سوى كلمات حسبنا الله ونعم الوكيل، التي ما ملت وما فتئت من قولها خلال استجوابها ومعرفة آخر مواقف ابنها الشهيد رحمه الله معها.
وقالت، "كنت دائمًا ما أوصيه بأن يتوجه للصيد في بحر رفح جنوبي القطاع ليبتعد من بطش زوارق الاحتلال وملاحقتها لكثرة ما أسمع كل يوم من اعتقال الصياد فلان واستشهاد الصيّاد علان".
وتابعت، "ليتني ما نصحته.. أبعدته عن حقد الاحتلال.. لكن ولدي استشهد على يد شقيقه العربي المصري".
والده.. ولدي شهيد لقمة العيش
والد الصياد زيدان، أشار خلال حديثه الخاص لـ "فلسطين الآن"، أن نجله عبد الله التحق بمهنة الصيد منذ صغره، كغيره من أقرانه في مخيم الشاطئ، بسبب تدني فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة، فلم يجد سوى البحر لتأمين رزقه وقوت عائلته.
ووصف والده، "رمضان زيدان"، إقدام بحرية الجيش المصري على قتل ولده في عرض البحر، بالجريمة الغير إنسانية التي راح ضحيتها صيّاد أعزل كان يسعى لقوت أطفاله.
وأضاف، "ولدي لم يسئ للجيش المصري، وكان يصطاد داخل الحدود الفلسطينية، وفق ما أفاد به زملاؤه في البحر.
ووفقًا لشهادات الصيادين وأفراد الشرطة البحرية الفلسطينية، الذين تفاجئوا بالجريمة، "أن الصياد عبد الله لم يجتز الحدود مطلقًا ولو كان قد اقترب لتم تحذيره، ولمنع من الاقتراب والاجتياز أصلًا".
مطالبات بفتح تحقيق عاجل
وزارة الداخلية بغزة، وجمعية صيادي غزة، ونقابة الصيّادين وحقوقيين، طالبوا بفتح تحقيق مصري في جريمة قتل الصيّاد عبد الله رمضان زيدان (33 عاما)، من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.
وأكدت جمعية الصيادين في بيانها أن زيدان "أصيب برصاصة في صدره بينما كان على متن مركب صيد في بحر رفح"، ونقل إلى مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار بالمحافظة.
ونقلت الجمعية، عن صيادين كانوا في منطقة الصيد نفسها قبالة منطقة رفح جنوب القطاع إن زيدان "أصيب ليل الجمعة السبت برصاص طراد تابع للجيش المصري المتواجد على الحدود الفلسطينية المصرية".
وطالب نقيب الصيادين في القطاع، نزار عياش، السلطات المصرية بفتح تحقيق في الحادث، معلنًا عن إيقاف النقابة للصيد احتجاجًا على مقتل الصياد، وتعليقها للعمل حتى مساء اليوم الأحد.
من جهتها، طالبت وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة، السلطات المصرية بفتح تحقيق عاجل في حادث استشهاد الصياد الفلسطيني عبد الله زيدان برصاص الجيش المصري الليلة الماضية، ومحاسبة الفاعلين.
وأكد الناطق باسم الوزارة، إياد البزم، في تصريح صحفي، السبت، أن التحقيقات الأولية تفيد بأن قارب الصيد الفلسطيني لم يجتز الحدود المصرية، وأن وزارته تعمل باستمرار على منع أي تجاوز للحدود البحرية.
وكانت جماهير غفيرة، قد شيّعت ظهر أمس السبت، جثمان الشهيد الصياد عبد الله رمضان زيدان (33 عاماً)، بمشاركة أهالي مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، ورفاق الشهيد من الصيادين، انطلاقًا من بيته في المخيم، والصلاة عليه بمسجد عباد الرحمن، ومواراته الثرى بمقبرة الشيخ رضوان.
بدورها، استهجنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إطلاق الرصاص من الجيش المصري مباشرة على الصياد عبد الله زيدان، ما أدى إلى استشهاده فجر أمس.
وقالت "حماس" في بيانها أمس السبت (13-1): "لا يوجد أي مبرر لذلك في التعامل مع سكان القطاع المحاصرين، والذين من حقهم العيش بحرية وكرامة كباقي شعوب العالم".
وتفرض بحرية الاحتلال الإسرائيلي، منذ أكثر من 10 سنوات حصارًا بحريًا محكمًا، من خلال منع صيادي السمك الفلسطينيين من ممارسة عملهم في بحر شمال غزة القريب من حدودها، ما يدفعهم إلى التوجه إلى جنوب القطاع.