يعيش قطاع غزة منذ عقدٍ مضى ظروف اقتصادية صعبة نتيجة الحصار الذي فُرض عليه منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، الأمر الذي أدى إلى نقص الوقود وانقطاع مستمر في الكهرباء وتردي القدرة الشرائية للمواطنين.
لكن هذه الأزمات تفاقمت بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية، ما ينذر بالانفجار والانهيار، الأمر الذي دفع تجار ورجال أعمال وشركات النقل الخاص في القطاع، لوقف التنسيق لإدخال البضائع عبر معبر كرم أبو سالم اليوم، في إطار خطوات مماثلة اتخذت في الأسابيع الأخيرة، احتجاجاً على الظروف المعيشية الكارثية.
وضع كارثي
ويقول مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة، ماهر الطباع، إن عدد الشاحنات المحملة بالبضائع الداخلة إلى القطاع، شهد في الأشهر الأخيرة تراجعاً بنسبة 40%، حيث انخفضت القوة الشرائية.
ويضيف الطباع في حديثه لـ"فلسطين الآن" أن معدلات البطالة بلغت نحو 46% وتصل في صفوف الخريجين وحدهم إلى نحو 67%، مؤكداً أن قرار التوقف عن تنسيق إدخال البضائع، جاء بسبب دخول غزة في "حالة موت سريري".
وأوضح "اليوم يشهد وقفة مركزية احتجاجية لمؤسسات القطاع الخاص كافة، أمام معبر بيت حانون/ إيرز شمال قطاع غزة، مشيراً إلى أن أصحاب الشاحنات التجارية سيشاركون بشاحناتهم في الوقفة، من خلال مسيرة تنطلق من سوق السيارات عند مدخل مدينة غزة باتجاه مكان الوقفة.
ولفت مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارة، إلى أن هناك تدهوراً في مناحي الحياة كافة في القطاع، وأن القدرة الشرائية تتراجع في الأسواق، مما دفع التجار لاتخاذ الخطوات الاحتجاجية لتذكير العالم بالكارثة المعيشية التي حلت بالقطاع.
نداء أخير
من جهته، دق أمين سر جمعيات النقل الخاص ومالك إحدى شركات النقل، جهاد سليم، ناقوس الخطر، مطالباً برفع الحصار المفروض على قطاع غزة وتسهيل إدخال البضائع المتكدسة على معبر كرم أبو سالم، ورفع ضريبة لبلوه التي أعادة السلطة فرضها على القطاع.
ووجّه سليم نداءً إلى الرئيس محمود عباس والرئيس والأمين العام للأمم المتحدة، واللجنة الرباعية والمؤسسات الدولية وأحرار العالم للإسراع بإنقاذ الوضع "الكارثي" بغزة.
ولفت إلى أن مؤسسات القطاع الخاص في غزة تتعرض لحصار قاسِ منذ عام 2007، وإغلاق لكافة معابر القطاع، وعقاب جماعي وإقامة جبرية لشعب بأكمله، مترافقاً مع ثلاث حروب مدمرة آخرها حرب 2014
وقال سليم لـ"فلسطين الآن" إن انعدام القدرة الشرائية في كافة القطاعات الاقتصادية؛ أدى إلى نقص في السيولة النقدية الموجودة بغزة إلى أدنى مستوى خلال عقود.
وأضاف "القطاع الخاص سيواصل الطلب من الرئيس عباس باستعادة الوحدة واللحمة الفلسطينية بين الضفة وغزة، وإنهاء كل آثار الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية على أرض الواقع".
معدلات البطالة بارتفاع
وبحسب إحصائيات اللجنة الشعبية لكسر الحصار فإن متوسط دخل الفرد في قطاع غزة يومياً لا يتجاوز دولاراً أميركياً واحداً، في حين يعتمد نحو 80% من السكان على المساعدات الإغاثية والإنسانية الطارئة، عدا عن ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الخريجين لنحو 60%.
كما أظهرت أرقام حديثة لسلطة النقد الفلسطينية (البنك المركزي)، تراجعاً في حجم ودائع الأفراد والشركات في قطاع غزة إلى 1.122 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي، مقارنة بنحو 1.137 مليار دولار في الربع الثاني من العام ذاته، ونحو 1.125 مليار دولار في الربع الثالث من 2016.
ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة فإن قطاع غزة الذي خاض ثلاث حروب شنها الاحتلال الإسرائيلي عليه في أعوام 2008 و2012 و2014، عدا عن حصار خانق منذ 11 عاماً، لن يكون صالحاً للعيش بحلول عام 2020 بفعل تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والحياتية وغياب أي رؤية تنموية.