فكرة جديدة لاطلاع المسئولين على معاناة المواطنين على أرض الواقع، بدلا من تلقيهم التقارير وهم في مكاتبهم المغلقة. ومن هنا نبعت خطة العمل التي قام على تنفيذها فريق "راديو حياة"، بنابلس، بمساعدة مصورين ومخرجين محترفين.
فقد قاد المذيع أدهم خروبي سيارة عمومية صفراء، وأقل معه محافظ نابلس أكرم الرجوب ورئيس البلدية المهندس عدلي يعيش وتجولوا في أرجاء المدينة الشرقية والغربية، واطلعوا عن قرب على أزمة السير ومعاناة المواطنين وطلاب الجامعات الذين قد ينتظرون وقتا قد يمتد لساعة حتى يجدوا سيارة تقلهم لمنازلهم.
خارج الصندوق
يقول خروبي "نحن في الراديو عادة يأتي لنا المسؤول ويستقبل الاتصالات من المواطنين حول الاختناق المروري وأزمة السير، ويسجلها وينتهي اللقاء، وقد يتخذ إجراءات تجاه ما سمع، وقد لا يفعل شيئا.. لذا أردنا أن نخرج به للواقع المعاش، ليرى بعينيه كيف يعاني المواطن الذي لا يملك سيارة!!، وحتى من يملكها!! في ظل ضعف البنية التحتية خاصة وسط نابلس وقلة عدد عناصر الشرطة، وتجاوز المواطنين للقوانين".
ويشير إلى أن العمل -وهو بمجهود فردي من الاذاعة- استضاف في تجربته الأولى التي اطلق عليها "تكسي حياة" مسؤولان في أكبر مؤسستين في البلد، وهما المحافظة والبلدية. لافتا إلى أنهما رحبا دون تردد بالمشاركة.
وخلال ساعتين تقريبا وهي مدة الجولة، تحركت السيارة من أمام مبنى البلدية وهو قريب من وسط نابلس، حتى مقر المحافظة شرقا، ومن ثم على مدخل شارع القدس، التفت وعادت من شارع فيصل حتى مخيم العين للاجئين، ومنه لأكاديمية جامعة النجاح غربا، ومن ثم استدارت مجددا وشقت طريقها في منطقة رفيديا وصولا لأخر نقطة وهي شارع غرناطة، على مشارف ميدان الشهداء وسط المدينة.
ودار خلال الرحلة نقاش حول كل ما يعيق السير، يتابع خروبي قائلا "المطبات، والحفر الموجودة في معظم الشوارع ونقص الشواخص الارشادية، وقلة عدد أفراد الشرطة، وقطع المشاة للطريق من كل مكان بعيدا عن الخطوط المخصصة لذلك، والاصطفاف المزدوج، وعدم التزام سائقي العمومي والسرفيس والخاص بالقوانين، والتوقف المفاجئ لتحميل وتنزيل الركاب، والاعتداء على الأرصفة، وغيرها من المشاكل.. كلها ملفات تحدثنا عنها بإسهاب".
عمل دؤوب
ومن طرفه، يعلق المحافظ الرجوب على ذلك قائلا "نحن رحبنا بالفكرة لأننا مع حرية الاعلام، ولا نمانع أن نشاركه فعالياته المختلفة"، وتابع "ونحن أيضا على اطلاع بكل ما يجري في نابلس، وخاصة على صعيد أزمة السير، ولدينا من الخطط الكفيلة بالتقليل منها، ودوما نعقد في مقر المحافظة اجتماعات للجنة السير العليا التي أرأسها، ونطرح المشاكل ونتخذ القرارات الحاسمة".
وعما شاهده أكد أن هناك تجاوزات لا يمكن السكوت عنها، سواء من السائقين أو المواطنين، تتسبب دون أدنى شك في تعطيل حركة السير وتأخير الناس عن أعمالهم ومنازلهم.
وشدد على ضرورة قيام المحافظة وبلدية نابلس بكل ما من شأنه التخفيف من أزمة السير، خاصة توفير المزيد من شرطة المرور، واتخاذ اجراءات رادعة بحق المخالفين، وكذلك تطوير البنية التحتية وتوفير المواقف لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السيارات.
الحلول جزئية
أما رئيس بلدية نابلس، فأشاد بفكرة الجولة "رغم أنني أعرف كل كبيرة وصغيرة عن نابلس، وتصلني يوميا تقارير عن الشوارع والأزمات".
وتابع في حديثه لـ"فلسطين الآن" قائلا: "لا شك أن جغرافية المدينة تلعب دورا كبيرا في عدم القدرة على تغيير خطوط السير، فنابلس بين جبلين، والامتدادات الغربية والشرقية محدودة، ولا مجال أمام الناس إلا الهروب من الاكتظاظ في الوسط إلا البناء في الجبال.. لكن شارع فيصل وهو الشريان المغذي لنابلس على حاله منذ وجد قبل عشرات السنين.. ولا يوجد بديل حقيقي له، كما لا يمكن توسعته إلا بهدم البنايات التجارية والسكنية على طوله، وهذا أمر لا يمكن تحقيقه أبدا.
بداية نيسان
وعن معالجة الشوارع المحفرة والمطبات وغيرها، شدد رئيس البلدية على أن مبلغا ماليا كبيرا رصد لعمليات الترميم والتأهيل والتوسعة، وسيبدأ العمل فيها معظم شوارع نابلس بداية شهر نيسان.
وعلل ذلك أن الأمطار تحول دون تعبيد الشوارع، "فالماء العدو اللدود للزفتة".
ويرى يعيش أن كل المشاريع مصيرها الفشل إذا لم يكن هناك تعاون من المواطنين، قائلا "إذا لم تلتزم الناس بالقوانين، وتقف في الأماكن المخصصة، ولا تخترق التعليمات ولا يكون هناك تجاوزات، وغيرها من السلوكيات الخائطة، فنحن سننجح، إذ لا يمكن لنا أن نضع شرطيا على كل مواطن".