فضيحة من العيار الثقيل تلك التي تلاحق حاليا فضائية "النجاح" التابعة لجامعة النجاح في مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، بعد أن تكشفت الأسباب الحقيقية وراء إنهاء عقود عمل نحو 15 موظفا ومتدربا خلال الأيام الماضية.
ففي وقت حاولت إدارة الفضائية -التي تدين بالولاء التام لرئيس الحكومة رامي الحمد الله، والذي ما زال يشغل لليوم منصب رئيس الجامعة- أن تظهر الامر وكأنه نابع من تحسينات إدارية، بهدف تطوير الاداء، من خلال إخضاع الموظفين لامتحان تقييمي، خرج بعض المفصولين وتحدثوا عن ممارسات وإجراءات "معيبة"، ومنها إجبارهم على التغريد على "هاشتاغ" معين، إضافة لتدخل الأجهزة الأمنية من خلال توصيتها بفصل البعض الأخر، بحجة قربه من حماس.
مدير الفضائية وهو غازي مرتجى، -كان يعمل رئيسا لتحرير دنيا الوطن- ومساعده بشار دراغمة -كان مراسلا لصحيفة الحياة الجديدة في نابلس- أبلغوا الموظفين في أخر اجتماع -قبل الفضيحة- بضرورة التغريد عبر صفحاتهم الشخصية على وسم "الاستهداف الجبان"، في إشارة إلى استهداف موكب رئيس الحكومة رامي الحمد الله بداية شهر مارس/ آذار الماضي، في غزة.
مراقبة الحسابات الشخصية
الصحفية آيات عبد الله فرحات، التي كانت تعمل في فضائية النجاح مقدمة أخبار ومراسلة ومعدة لبرنامج إخباري، قالت إن مرتجي ودراغمة هددوا الموظفين بأنه "تمت مراقبة حساباتكم الشخصية، ومنكم من لم ينشر هاشتاغ الاستهداف الجبان".
وأضافت: "لا توجد لدي مشكلة في قضية نشر الهاشتاغات العامة، لكن لا أن يتم إجباري على الحديث بأمور لا أريد الحديث بها، فيما تم تنبيهنا حول قضية نشر أخبار من صفحات أخرى غير صفحات المواقع الإخبارية للنجاح".
وعن الامتحان أوضحت أن الموظفين جميعا تقريبا، فوجئوا خلال الاجتماع الأخير بوجود امتحان تقييمي لهم.. وتابعت "مع هذا نجحت، إلا أنه تم إنهاء عقدي دون أي مبرر او توضيح.. وعندما ذهبت قبل يومين لإنهاء الملف كليا، أبلغتني السكرتيرة بضرورة المغادرة قبل أن يراني المدير".
وسم (#الاستهداف_الجبان)
أما أول من تحدث بالموضوع، فكانت الصحفية مدى شلبك، التي كانت تعمل محررة ومراسلة في الصحافة المكتوبة بموقع "النجاح" الإخباري التابع للجامعة، منذ نحو سنة وشهرين.
وكتبت مدى على صفحتها إنها "اضطرت لتقديم استقالتها أخيراً، بعد رفضها نشر وسم (#الاستهداف_الجبان) على صفحتها الشخصية حينما حاول المسؤولون إجبارها على نشر الهاشتاغ".
وأشارت إلى أنها "ضد استهداف الحمد الله"، لكنها لا تريد استخدام صفحتها الشخصية في العمل، بينما أكدت أنها قدمت استقالتها ولم تتلقَ ردا، بل علمت من خلال زملائها بأنها معفية من مهامها.
نجحت ففصلوني
الضحية الثالثة كانت الموظفة أنوار حج محمد، التي كانت تعمل في قسم المونتاج الإذاعي في إذاعة الجامعة منذ نحو عام ونصف، فأوضحت أن الموظفين تقدموا لامتحان تقييمي ينقسم إلى ثلاثة أقسام (نظري وعملي وتقييم مباشر من المدراء المسؤولين عنهم)، ورغم أنها اجتازت الامتحان، إلا أنه تم إنهاء عقد عملها، مع أن بعض زملائها الذين لم يجتازوا الامتحان، بقوا على رأس عملهم.
وقالت أنوار إن "إنهاء عملها جاء بعد فترة من طلب المسؤولين عن الموظفين نشر هاشتاغ "فوضناك" الذي يتحدث عن مبايعة الرئيس محمود عباس، ووسم "الاستهداف الجبان"، على صفحاتهم الشخصية، وتهديد الموظفين بالفصل من العمل، وأنها لم تنشر تلك الوسوم.
فيما أشارت إلى أن المسؤولين عنها "لم يوضحوا في كتاب إنهاء عملها وجود أسباب لإنهاء العمل، لكنهم قد يستفيدون في إنهاء العمل من قضية التقييم والعقد الشهري وأنه تم إنهاء عقودنا، لكن ما تم عبارة عن مواراة عما يحدث".
تكريم ثم فصل
أكثر المتفاجئين من الفصل كانت معدة البرامج ريما سروجي، إذ أنها قد حصلت قبل نحو شهر على كتاب شكر، "وتقدمت لامتحان تقييمي، لكن الامتحان كان عاما ولم يقيم الموظف بناء على عمله".
وتابعت: "في الاجتماع الأخير للموظفين مع المسؤولين عنا، بعد حادثة استهداف موكب الحمد الله، أخبرنا المسؤول المباشر عنا بأنه لا بد من نشر هاشتاغات على صفحاتكم الشخصية، وسنقوم بإطلاق هاشتاغ آخر وسنرى مدى التزامكم ومشاركاتكم بها على صفحاتكم الشخصية".
فيما ستنتظر ريما إمكانية التوجه بتقديم شكوى لنقابة الصحافيين، وذلك بعد تقييم ردود الفعل على قضية الموظفين الذين تم إنهاء عقودهم.
تهديد مبطن
وفي وقت رفض غازي مرتجى الخروج على وسائل الاعلام وتوضيح ما جرى بالضبط، قام بالاتصال على مجموعة من مدراء وسائل الإعلام طالبهم خلالها بالضغط على مراسليهم الصحفيين الذي شاركوا في حملة إلكترونية على صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، رفضاً لقرارات الفصل التي طالت 17 موظفاً من موظفي مركز الإعلام.
النقابة تتدخل
الصحفي حافظ أبو صبرة مراسل فضائية "رؤيا" الأردنية تساءل عن الفصل التعسفي لموظفين من فضائية النجاح، قائلا "كيف يتم فصل موظف بسبب سوء اداؤه ولانه تقييمه سيء، مع انه قبل شهر تقريبا نال كتاب شكر من المدير لابداعه ومشاركته المميزة في التغطيات المباشرة!!".
من جهتها أعلنت نقابة الصحفيين أنها شكلت لجنة خاصة لمتابعة موضوع الزملاء في النجاح، وقد باشرت عملها منذ اليوم وستبحث في كل شكوى قدمت أو ستقدم لها. وفي ذات السياق أصدر المركز الإعلامي في جامعة النجاح بيان توضيحي أكد فيه على:
1. بَعد عام من إطلاق الخطة التّطويريّة لفضائيّة وإذاعة النّجاح، وموقع النّجاح الإخباري تم تشكيل لجنة مِن المركز؛ لإجراء عمليّة مراجعة شامِلة للنّتائج، وتقييمٍ للآليات التي تمّ استخدامها خلال هذا العام، كما قامت اللّجنة بإجراء عمليّة تقييم شاملة أيضًا لجميعِ الموظّفين والمتدربين في المركز، من خلال امتحاناتٍ نظريّة وعمليّة، وتقييمٍ من المسؤول المباشر للمُوظف، استنادًا إلى مجموعةٍ كبيرة من المعايير المِهنيّة.
2. تمّ نشر نتائج عمليّة التّقييم وعرضها في جدولٍ مطبوعٍ داخل المركز، واطّلع عليها جميعُ الموظفين بلا استثناء، وهو ما يؤكّد النّزاهة والشّفافية التي تم اتّباعها في عملية التقييم، مع الإشارة إلى أنّ جميع الموظفين تم إبلاغهم رسميًا بعملية التقييم التي سيتم إجراؤها بتاريخ 12/3/2018.
3. بناءً على توصيات اللّجنة تم ترقية أربعة عشرَ موظفًا داخل المركز، وزيادة رواتب سبعة موظّفين، وتمّ إجراء ثلاث عمليّات تنقّل داخِلي، وَوقف تَجديد عقود خَمسة موظفين، والاستغناءَ عن سبعة متدربين متطوّعين، كانوا قد طلبوا التّدرّب في المركز؛ لأنّهم خريجونَ جُدد، وتجدر الإشارة أنّهم حصلوا على قيمة مواصلاتِهم مِن المركز رغم أنّهم متدربونَ فقط.
4. بناءً على عمليّة التقييم تمّ وقف تجديد عقود الموظفين الخمسة المذكورين، وإنهاء تدريب الآخرين، وتمّ إبلاغ المتدرّبين أنّ بإمكانهم التّقدم للوظائف الشاغرة في المركز، والتي تمّ الإعلان عنها منتصف مارس/ آذار الماضي، وبالفِعل فقد تقدّم البعضُ منهم لهذه الوظائِف، علمًا أنّنا نعتمد في عمليّة التّوظيف على نظامٍ إداري، ولجنةٍ مشكلة من إدارة الجامِعة.
5. فوجِئنا بتسريب محادثات ومراسلات داخليّة لفريق العمل في موقع النّجاح عبر بعض المواقع الصّفراء، ونشرها بطريقة كاذبة ومضلّلة، وهو ما يُعدّ اختراقًا لخصوصيّة وسريّة العمل، وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ مَركز الإعلام يطلق عددًا من (الهاشتاجات) بصورةٍ دوريّة، على صفحات التّواصل الاجتماعي التابِعة للمركز، والفضائيّة، والإذاعة؛ هدفها تَكوين مرجعيّة سهلة لمن يريد الوُصول إلى الأخبار، والتّحقيقات، والتّقارير الخاصّة التي يقوم بها موظّفو المركز حول موضوع (الهاشتاج)، وتُنشر هذه التّقارير معنونة بـ(الهاشتاج) عبر صفحاتِنا التي يصل فيها عدد المشاهدات في أوقات الذّروة قرابة المليونين، وهذا لا يَتعارض في ذات الوقت مع طلبنا الواضِح، وحقّنا الطبيعي في أن يقوم موظفونا بنشر إنتاجنا الصّحفي، والتلفزيوني، والإذاعي على (الهاشتاج) الذين نُطلقه عبرَ صفحاتنا الرّسميّة العامّة، وربّما يشاركونَ تقاريرهم عبر صفحاتِهم الشّخصيّة معنونينها بـ(الهاشتاج) أحيانًا.
6. قامَ بعض الأشخاص الذين تم إنهاء خدماتِهم بمشاركة الأخبار والتّقارير التي تَحمل (الهاشتاج) المذكور بناءً على رغبتهم الشّخصيّة، وذلك تم إثباته عقب الحملة المسعورة التي طالتنا، والوثائِق بحوزة النّقابة، فيما لم يقم عدد كبير من الموظّفين بمشاركة الهاشتاج على صفحاتِهم ولازالوا على رأسِ عملهم ،وحصلَ كثير منهم على ترقية، وحَصَل آخرون عَلى زيادات في الراتب، وكتبِ شكر موجهة من إدارة المركز، ما يثبت أنّ كذبة (الهاشتاج) هي حملة مضلّلة أريد من خلالها تشويه صورة مركز الإعلام وموظفيه .
7. لم يتقدم أيّ موظّفٍ أو صحفيٍ في المَركز بشكوى للإدارة حول إجباره على كتابة أيّ شيء على صفحته الشّخصيّة.
8. خَضَعت المتدرّبة "أيات فرحات عبدالله" لمُقابلة توظيف ضِمن عشرةِ أشخاصٍ تقدّموا للمُقابلة في لجنة تَوظيف مشتركة من إدارة الجامعة والمركز قبل عدّة أشهر، حيث فشلت المَذكورة في اجتياز المُقابلة، وأخفقَت في التّعريف عن نفسها باللّغة الانجليزيّة، وقامت بـ(التّلاسُن) مع أحدِ أعضاء اللّجنة الذي طلب منها الانسحاب نظرًا لأسلوبِها في الحِوار، وعقب ذلك توجّهت المتدربة إلى مُدير مركز الإعلام، وطلبت فرصةً للتدريب، وتم منحها فرصة إضافيّة أسوة بغيرها من المتدربينَ والطّلبة، وخلالَ هذه الفترة تمّ تَدريبها مِن خلالِ الطّواقم الفنيّة في المركز؛ للظّهور على الشاشة، إلا أنّ المذكورة فشِلت في إثباتِ جدارتها في العمل، حيث قامت بخطأ مهني فادِح، تمثل في عدم بثّ موجز الأخبار المكلفة به؛ لأنّها "نسيت ذلك" على حدّ قولها، وهو خطأ فادحٌ لا يمكن أن تَقبله أيّة جهة إعلاميّة، وكان ذلك يوم (23 /آذار) الماضي، كما فشِلت في اجتياز الامتحان التقييميّ، فحصلَت على (12-20)، وأقل من (3 / 5) درجات في تَقييمِ مُديرها المباشر، مما وضعها على قائمة الذين يُمكن الاستغناء عنهم؛ من أجلِ إتاحة الفرصة للآخرين، أمّا التّكريم الذي تحدثت عنه المذكورة، فقد جاءَ في إطار عمليّة تشجيع دوريّة نقوم بها للموظفين والمتدربين في المركز، وهو ما يتنافى مع الاتهامات التي ذكرتها المذكورة بحقّنا في وسائل الإعلام، والتي سنلاحقها قانونيًا إزاءَها.
9. ارتَكبت المحرّرة "مدى شلبك" خطأ مهنيًا فادحًا بنشر خبرٍ معنون بـ (مواطنون يعتَدون على مستوطنيينَ في عينابوس) وهو خطأ لا يُغتفر، ولا يُمكن تجاوزه من مركز الإعلام التابع لمؤسسة تعليميّة وطنيّة مرموقة، تقوم بتخريج مئات الإعلاميين الأكفّاء سنويًا، مما عرّضها لإنذارٍ وظيفي من إدارة الجامِعة والمركز، علمًا أنّ المذكورة تقدّمت في نفس اليوم للامتحان التّقييمي، وبعد حصولها على درجة (12/ 20)، وفشَلها في اجتياز التقييم، قدّمت استقالتها، وافتعلت حملة تحريض وتشويه كاذبة، ستلاحق عليها قانونيًا، حيث قامت بتسريبِ محادثاتٍ خاصة بالعمل، ونشرها على وسائل الإعلام وتفسيرها بصورةٍ مضلّلة.
10. بادرَ مركز الإعلام بالطّلب من نقابة الصّحفيين الحضورَ إلى المركز منذ البداية؛ للاطلاع على حقيقة ما يَدور، وبعد زيادَة التّفاعل مع القضية بعدّة أيام شكّلت النّقابة لجنة للمتابعة، رغم أنّنا كنّا المبادرين بطلب التّحقق من اجراءاتنا القانونيّة منذ البداية، وعقب حضور أعضاء اللّجنة الأفاضِل اليوم الاثنين 2.4.2018، تم إطلاعهم على جميع الأوراق والإثباتات التي تؤكّد زيف الادعاءات التي نتعرض لها، وإننا هُنا لنحترمُ طلب نقابة الصّحفيين بعدم نشر الوثائق والأدلّة التي نتحدّث عنها؛ حتى لا ننجرّ إلى إعلامٍ أصفر حاول تشويه الحقائق، وانتهاك الخصوصيّة، رغم طلب بعض الذين تم إنهاء عملهم عبر الصّحف بنشر نتائج التقييم والوثائق الداخليّة للعلن، إلا أنّنا آثرنا وضعها تحت تصرّف اللجنة المشكّلة من نقابة الصّحفيين، وتم تسليمهم نسخة عنها تتضمنت المراسلاتِ الداخلية أيضًا.
11. إنّ مركز الإعلام يؤكّد أنّه لا يَخضع للضّغوط والابتزاز، وعمليات التّشهير به وبجامعة النّجاح الوطنيّة في وسائل الإعلام المحليّة، والعربيّة، والدولية التي يقوم بها أشخاص مدسوسون، ونطالبُ نقابة الصّحفيين بوقف أعمال البلطجة والعربدة التي تُمارس ضدّ المؤسسات الوطنيّة، والتي تمسّ اسم وسمعة صرحٍ وطني كبير، مشهودٍ له بالنّزاهة والشفافيّة، وخدمة الوطن على مرّ الأجيال.
12. نؤكّد أنّنا سنمضي في اتّخاذ الإجراءات القانونيّة بحقّ كلّ من أساء لاسم وسمعة مركز الإعلام في جامعة النّجاح الوطنيّة، والذي يضمّ في داخله إعلاميين وموظفين ذوي سمعة طيبّة، وكفاءة مهنيّة عالية مشهودٍ لها، ولن نتراجعَ عن هذه الخطوة حتى يتمّ الاعتذار لجامعة النّجاح، ومركز الإعلام وكلّ من تم المساسُ باسمِه، وصورته من زملائِنا بأيّ شكلٍ من الأشكال.