12.23°القدس
11.99°رام الله
11.08°الخليل
17.2°غزة
12.23° القدس
رام الله11.99°
الخليل11.08°
غزة17.2°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: بين غزة قبل الحسم وبعده

غزة قبل الحسم الذي جرى في يوليو2007م كانت موطنا للصراع بين القوى الميدانية فمنهم من يخدم المقاومة ومنهم من يهدمها، أما غزة بعد الحسم فكل فصائلها تخدم المقاومة، وهي الأرض الأولى في العالم الآن للرباط في سبيل الله تعالى، كما أمر الله تعالى في خلاصة سورة آل عمران: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (آل عمران:200)، وهم يقتربون اليوم نفسيا وميدانيا من أقرب نقطة إلى الفلاح، وكنت كلما وصلت إلى سورتي الأنفال والتوبة ومحمد والصف أجد البون شاسعا بين كتاب الله وأمتي، بين التأصيل الشرعي والتنزيل الواقعي حيث تقرأ نصوصا لا وجود لها في الواقع في أكثر بلاد الله تعالى التي تتحدث عن فريضة القتال في سبيل الله التي صاغها الله تعالى بالطريقة نفسها التي صاغ الله بها فريضة الصيام حيث قال تعالى: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة: من الآية 183)، وهو هو سبحانه الذي قال: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (البقرة:216). لكن أكثر الأمة جعلت القرآن عضين ففرقوا بين النصوص القطعيات، وتفاعلوا مع الظنيات والوهميات وتركوا ذروة سنام الإسلام، لذا عندما تقرأ هذه السور نفسها في غزة تشعر أن الأرض تقترب جدا من السماء، فأنت تصلي بجوار الشهيد الحي من أمثال الدكتور الزهار الذي استشهد أبناؤه خالد وحسام أمام ناظريه وأغشي عليه بصاروخ وزنه طن نزل على بيته وحوَّل الطوابق الأربع إلى كومة من التراب لكن الله تعالى اختار ولده خالد وحارسه شهداء، وأحيا الله الزهار العالم والمفكر والسياسي البارع ليكون أكبر نكاية في العدو الصهيوني فصار وزير الخارجية للحكومة الفلسطينية المنتخبة وليست المنتهِبة، وتجد بجوارك في كل صلاة والد الشهيد والشهيدين والشهداء، ومن فقد عينه أو عينيه، ومن بُترت رجله أو رجلاه، أو يده أو يداه أو بعض أصابعه، وغيرهم من الأصحاء بدنًا ممن يتلمظون على العدو الصهيوني، ويمتلئون ثقة وأملا أن يطهروا كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر من الاحتلال الصهيوني، ولا يشك لحظة أن ذلك قادم عما قريب بإذن الله، بل تجد في صفوف الصلاة من جاء بسيارة المعاقين كي يصف نفسه بين المصلين في الصف الأول، وعلى حين تجد في بلادنا يضع الناس أمامهم في الصلاة بعض ما خف وزنه وثقل ثمنه، تجد من أبناء غزة من يخلع رجله الصناعية ويضعها أمامه، وتسلم عليه فتجد كل أمارات الرضا عن الله تعالى، والصمود والتحدي لأعداء الله، ولم ينزوِ في ركن الضحية بل يواصل مشواره في الجهاد لتكون الأضاحي من الصهاينة المعتدين. بل عندما تخاطب النساء أو تزور أم الشهداء السيدة المجاهدة الصابرة المحتسبة "أم نضال " تفاجئ بهالة من النور الرباني يكسو وجهها، وكلمات الصبر تغمر قلبها، وآفاق النصر تسيطر عليها، وكذا أم الشهداء الثلاثة أيمن وخالد وحمد الدحدوح التي تزور المرابطين تثبتهم لإكمال طريق تحرير فلسطين، فتشعر أنك طفل صغير أمام صمودهم وصمودهن، وأن أمة فيها الكثير من أمثال أم نضال وأم أيمن لن تهزم أبداً أمام عدوها. غزة قبل الحسم كانت المقاومة تتحسب كثيرا من العملاء الذين وظفهم الصهاينة، وكان الخونة للأرض وللعرض يجوبون شوارع غزة متسلطين متسلحين على الشعب الصامد، وكانوا يتحركون بين المجتمع مسنودين من أكابر المجرمين الذين يمسكون بزمام الأمور، وكانت السجون تعج بالمجاهدين والمرابطين ويُقتَّلون أحيانا كي يقدم الخونة أبناء غزة البواسل قربانا للصهاينة المعتدين، بل إن هؤلاء الخونة كانوا هم السبب المباشر في التعقب والترصد لكبار المجاهدين، وقد قتل بسببهم خيرة الشهداء منهم الشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة وعماد عقل ويحيى عياش والرنتيسي وسعيد صيام ونزار ريان وإسماعيل أبو شنب، وأيمن وخالد عطا الله، وجمال منصور وجمال سليم، وجمال أبو سمهدانة، وأبو يوسف القوقة، وجهاد العمارين وعمر أبو شريعة. أما غزة بعد الحسم فقد قلمت أظافر الكثير من العملاء المتواصلين بالأخبار مع العدو الصهيوني، وصارت ميدانا خصيبا للتعليم والتدريب لعمليات التأديب للعدو اللدود، غزة قبل الحسم كان الأمن على النفس والمال شبه منعدم لكنك اليوم تسير بشوارع غزة ليلا أو نهارا صباحا أو مساء فتشعر بالأمن والأمان والهدوء والاطمئنان، والراحة والسكينة، والناس تبتسم ابتسامة أبي الوليد وأبي العبد في أمل متدفق يوحي بأنهم يحلمون بمستقبل أطيب خاصة بعد أن أكرمهم الله بجارتهم الكبرى مصر أو أمهم العظيمة – كما يعبرون عنها – بعد نجاح الثورة وانتخاب مرسي، وموت عمر سليمان مهندس المظالم من الحصار وضرب النار لغزة هاشم، واختيار رئيس وزراء شاب عالم واع، والتوجه نحو استكمال تثبيت مؤسسات الدولة واختيار الوزراء والمحافظين، والانتخابات البلدية وحل مشكلة مجلس الشعب والشورى والدستور الجديد لمصر، كل هذا سيفيض على غزة وفلسطين والأمة العربية والإسلامية بالكثير، وعندما عوتب قادة الأمريكان الذين زاروا حزب الحرية والعدالة عن سبب الانحياز الأمريكي الشديد للكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني كان الرد واضحا " لقد كان رئيسكم مبارك مرتميا في أحضان اليهود أكثر مما نحتاج منه"، ولهذا يعود الأمل لأهل غزة وفلسطين الشرفاء بعد الحسم الديمقراطي السلمي من الثورة المصرية. والخلاصة أن وضعنا في مصر وغزة بعد الحسم العسكري والسلمي هو هو ما تنطبق عليه الآية الكريمة: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة: 257)، فتفاءلوا بالخير تجدوه، وتعاملوا مع نواميس الكون التي تُحَل فيها كل الأمور بالتدرج، "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: من الآية 105)، وأيقنوا أن بين النصر والهزيمة صبر ساعة، ويقيني أن ساعة النصر على رأس الحربة من الصهاينة المعتدين تقترب يوما بعد يوم بعد أن نجح الحسم العسكري والسلمي مع هؤلاء المأجورين في غزة هاشم ومصر الكنان.