كل أول شهر يصطف المقاتلون المدعومين من تركيا والموظفون العاملون لدى هيئات تدار من أنقرة، في طوابير أمام محال الصرافة في منطقة بشمال سوريا لتغيير مرتباتهم بالليرة التركية إلى ما يقابلها بالليرة السورية، لكن انهيار العملة التركية ضرب رواتبهم في مقتل.
وتقع هذه المنطقة بين مدينتي عفرين وجرابلس بمحاذاة حدود تركيا، وقد تمت السيطرة عليها بمساعدة الجيش التركي، قبل أن تقام وحدات أمنية من الفصائل المدعومة من تركيا ضمن إدارة محلية تدعمها أنقرة.
وتسبب فقد الليرة التركية نحو 40 في المئة من قيمتها أمام الدولار حتى الآن، خلال هذا العام في صعوبات جديدة للموظفين الذين عينتهم السلطات المدعومة من تركيا ويتلقون أجورهم بالليرة بما في ذلك قوات الأمن.
وقال محمد هادي حسانو (25 عاما)، من مدينة أعزاز الواقعة على بعد عدة كيلومترات من الحدود التركية ويعمل في مجال الصرافة، "الليرة التركية كان لها قوتها في الداخل السوري لغاية الشهرين الماضيين حيث بدأت بالتراجع تدريجيا، حيث كانت 800 ليرة تركية تساوي 100 ألف ليرة سورية، بينما اليوم تساوي 40 ألف ليرة سورية".
وبدأ الهبوط السريع لقيمة الليرة التركية وسط مخاوف من تأثير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية، لكنها انخفضت إلى مستويات قياسية بسبب خلاف بين الولايات المتحدة وأنقرة.
ويتركز هذا الخلاف على مصير قس أميركي محتجز في تركيا بتهم متعلقة بالإرهاب. وفرضت واشنطن بسببه رسوما جمركية على بعض الواردات التركية.
ويعطي تقلب الليرة التركية مثالا جديدا يوضح كيف يمكن أن يغير تدخل القوى الإقليمية أو العالمية في الحرب السورية على أحوال الناس على الأرض.
وإلى جانب تركيا، فإن لكل من إيران وروسيا والولايات المتحدة قوات في سوريا، كما أنها تقدم أشكالا أخرى من الدعم في مناطق تسيطر عليها جماعات معارضة تدعمها.
وقال غسان كنو (23 عاما)، وهو مقاتل ضمن صفوف الجيش السوري الحر من أعزاز، إنه عندما بدأت الليرة التركية في فقد قيمتها أمام الليرة السورية "لم يعد الراتب ذا قيمة بالنسبة لنا".
وأضاف: "المقاتل يقبض الراتب ويذهب إلى السوق.. ليشتري فلا يكفيه أسبوعا واحد وهو واقعنا الحالي. الحالة باتت صعبة جدا ولا يوجد حل".
وقال محمد شيخو (53 عاما)، وهو رجل آخر من أعزاز يتلقى راتبه بالليرة التركية ويعمل لدى منظمة إغاثة طبية، "خسرت ما يعادل 100 دولار أميركي من راتبي من سيعوضني عنها، التجار الذين يرفعون الأسعار أم المنظمة التي تعطيني الراتب؟"، مضيفا أن راتبه كان 525 دولارا في الشهر.
ويؤكد الواقع السياسي والعسكري المحلي أن تقلب سعر الليرة سيظل يلعب دورا مهما في أعزاز.
وقال كنو "الأفضل لنا أن نقبض بالليرة السورية كون التعامل في الداخل بالليرة السورية، ولكن في النهاية نحن نتبع للجهة الداعمة والجهة التي تريد أن تصرف عملتها وتدعم اقتصادها".