مرة أخرى تؤكد الأمم المتحدة على لسان أمينها العام بان كي مون على عجزها واستمرار بقائها ظاهرة كلامية في الملف الفلسطيني الإسرائيلي دون أن يكون لمواقفها أي اثر على الأرض يجبر (إسرائيل) للتخلي عن إرهابها بحق الشعب الفلسطيني وذلك لغياب الرادع الأممي لها. انتقاد كي مون لـ ( إسرائيل ) بشكل حاد ليست المرة الأولي ولن تكون الأخيرة ، لأن الاحتلال لن يتوقف عن سياسته الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني وخاصة الأطفال منه والنساء، وهذا الانتقاد الإعلامي ما لم يجد طريقة نحو التطبيق العملي على الأرض وترجمته عبر اتخاذ موقف صارم تجاه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وفرض عقوبات عليه، لن ينتج إلا مزيدا من الإرهاب والجرائم ولن يوقف الاحتلال عن الاستمرار في سياسته الممنهجة لأنه لا يعير اهتماما للظواهر الإعلامية التي يمثلها بان كي مون الذي يكتفي بالتصريحات والتنديدات فاقدة المضمون والأثر. هذا الانتقاد من أمين عام الأمم المتحدة هو أشبه بالانتقادات التي توجهها مراكز حقوق الإنسان والمراكز القانونية والتي في الغالب بلا قيمة، فهل الأمم المتحدة تحولت إلى مؤسسة أهلية أو مركز لحقوق الإنسان، أم أنها مؤسسة ذات سيادة وذات قرار نجد منها في غير الملف الفلسطيني الإسرائيلي قرارات عملية وسريعة ولكن في الشأن الفلسطيني تعجز عن وقف العدوان عليه أو فرض عقوبة ضد الاحتلال تجبره على التخلي وتكتفي بالشجب الإدانة وكأنها بذلك تعطي تصريحا للاحتلال الإسرائيلي لارتكاب مزيد من الجرائم، وهذا فعلا ما يجري على الأرض، القتل والاعتقال والتهويد وبناء المستوطنات وتغيير المعالم والتميز العنصري لم يتوقف من دولة الاحتلال منذ عشرات السنيين كل ذلك أمام سمع وبصر الأمم المتحدة وأمنائها العامين. هذا لا يعني أن مثل هذه المواقف الإعلامية المعلنة من شخص مثل الأمين العام للأمم المتحدة أنها لا تحمل مؤشرات ايجابية لو أحسن استغلالها إعلاميا للتأثير على الرأي العام الدولي، هذا التأثير وإن كان بطيئا إلا أن نتائجه على المدى البعيد ستؤثر على الصورة النمطية لـ ( إسرائيل ) في العالم والتي عبر عنها سفير بريطانيا لدى الاحتلال والتي أكد فيها أن صورة (إسرائيل) أمام الرأي العام العالمي في تدهور وممكن أن تنهار. ( إسرائيل ) أمام الرأي العام العالمي لم تعد مكانتها كما كانت عليه منذ سنوات اغتصابها لفلسطين، فلم تعد الضحية التي أظهرها فيها الإعلام الدولي المسيطر عليه من قبل اللوبي الصهيوني في ظل تحول العالم بفعل الإعلام الحديث إلى أشبه بشارع في سوق تجاري، وفقدان اللوبي الصهيوني جزء من سيطرته الإعلامية إلى جانب ظهور إعلام يكشف حقيق الاحتلال الإسرائيلي وبشاعته ويكشف حجم إرهابه وجرائمه وبدا هذا واضحا في استطلاعات الرأي في أوروبا والغرب والتي أكدت تراجع مكانة (إسرائيل) في الرأي العام الغربي، فقد اظهر استطلاعا للرأي أجرته شبكة (بي .بي. سي )البريطانية أن (إسرائيل) تقع في المرتبة الثالثة على قائمة الدول الأكثر تأثيراً سلبياً على العالم، حيث تقاسمت إسرائيل وكوريا الشمالية المرتبة الثالثة بنسبة 50 %. وهو استطلاع رأي حديث غطى الفترة الواقعة ما بين ديسمبر 2011 وفبراير 2012 وقد أظهر زيادة قدرها نحو 3% عن الاستطلاع السابق لنفس الجهة ، وأكدت نتائج الاستطلاع أن إسرائيل سجلت وضعا متدهورا لدى الرأي العام في دول الاتحاد الأوروبي ً، حيث أجاب 74% من الأسبان (بزيادة 8 %)، و65 % من الفرنسيين (بزيادة 9 %)، و69 % من الألمان، و68 % من البريطانيين... بأن إسرائيل صاحبة تأثير سيئ على العالم. هذا إضافة إلى كون 65 % من الأستراليين و59 % من الكنديين، ينظرون لإسرائيل بوصفها ذات تأثير سلبي على العالم، فسجلت الدولتان المذكورتان زيادة بنسبة 7 في المائة عما رصده الاستطلاع الماضي نقلا عن كتابات مصراوي. ورغم هذا التأثير لمثل هذه التصريحات من بان كي مون على الرأي العام لو أحُسن استثمارها من قبل الفلسطينيين ومن يتعاطف معهم؛ إلا إن الشعب الفلسطيني ينتظر مواقف عملية من الأمم المتحدة وقرارات توقف الإجرام الإسرائيلي بحق الفلسطينيين وعدم الاكتفاء بالتصريحات الإعلامية وبيانات الشجب والاستنكار.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.