تمر منطقة "الشرق الأوسط" بتغيرات جوهرية لم تشهدها من قبل، فالأوضاع الداخلية في مصر وسوريا شهدت حراكاً كبيراً في الفترة الأخيرة، فيما لا زالت العين الإسرائيلية ترصد ما يحدث، وتتخذ من الإجراءات والتدابير ما من شأنه أن يجعلها أكثر مرونة من أي وقت مضى سواء في السلم أو الحرب. فالحكومة الإسرائيلية وخلال جلستها الأسبوعية صدقت على منح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو صلاحيات شبه مطلقة، تشمل إعلان الحرب وشنها، وبموجب الصلاحيات الجديدة يستطيع تأجيل تنفيذ قرارات وافقت عليها لجان وزارية، وتحديد جلسات نقاش إضافية، واتخاذ القرار عبر مشاورات هاتفية فقط مع الوزراء، وإلغاء قرارات وطلب التصويت على أي قرار، وإعادة التصويت على أي قرار لحين التوصل للصيغة الذي يريدها. وفي سياق متصل، أعلن عضو الكنيست الإسرائيلي آبي ديختر استعداده لشغل منصب وزير حماية الجبهة الداخلية بعد أن عرض عليه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هذا المنصب، ومن المعروف أن ديختر من المتحمسين لضرب المفاعل النووي الإيراني، وسيدعم موقف نتنياهو وباراك في حال توجيه ضربة عسكرية لإيران. وتحليلاً لقرارات حكومة الاحتلال الأخيرة، وتطور الأوضاع بوتيرة متسارعة بعض الشيء، اعتقد المختص في الشئون الإسرائيلية د.عدنان أبو عامر أن (إسرائيل) تواجه تحديات أمنية وعسكرية كبيرة في المنطقة، سواء من دولتي إيران و سوريا أو حتى حزب الله وقطاع غزة، مما يستلزم رفع وتيرة الاستعداد لأي عملية عسكرية تكون فيها (إسرائيل) هي المبادرة أو حتى تدافع عن نفسها. وأشار أبو عامر خلال مقابلة خاصة بـ [b][color=red]"فلسطين الآن"[/color] [/b]إلى أن منح صلاحيات شبه مطلقة لرئيس حكومة الاحتلال والتي في مقدمتها إعلان الحرب جاء للتغلب على الروتين المتبع في مثل هذه الحالات، لأن (إسرائيل) قد تجد نفسها في أي وقت في حرب ضد أي جبهة من الجبهات الأربع. ولفت المختص في الشئون الإسرائيلية إلى أن رائحة الحرب هي التي تسيطر على الإعلام الإسرائيلي في الفترة الحالية، فضلاً عن الدراسات والأبحاث المنصبة باتجاه كيفية التعامل مع حرب قادمة سواء أكانت (إسرائيل) هي المبادرة أم المدافعة، معتقداً أن هذه المرحلة ستستمر حتى إجراء الانتخابات الداخلية الإسرائيلية المقبلة. [title]جبهات ساخنة[/title] وبالنظر إلى جبهات الحرب الأربع، اعتقد أبو عامر أن إيران تمثل "رأس الأفعى" بالنسبة لـ(إسرائيل) وبالتالي فإن قطع الرأس يكون أولى من قطع الأطراف- بالإشارة إلى الجبهات الثلاث الأخرى- وذلك بعملية قصف خاطفة للمنشئات النووية، وتوجيه ضربات مركزة من سلاح الجو لأهداف حساسة. أما سوريا التي تشهد ثورة داخلية، فيمكن لنظامها أن يفتعل أزمة خارجية بشن حرب على (إسرائيل) للتخلص من أزمته الداخلية، وفي الاحتمال الآخر يمكن لـ (إسرائيل) أن تضرب بعض المنشئات السورية التي يتواجد فيها السلاح الكيماوي لضمان عدم انتقاله لأيدي معادية أو استخدامه ضد (إسرائيل). وعلى الجبهة اللبنانية، أشار المختص في الشئون الإسرائيلية إلى احتمالية أن يبادر حزب الله بشن حرب على (إسرائيل) لتصدير الأزمة السورية إلى الخارج، وبالتالي تكون المنطقة في حالة حرب تجعل من الثورة السورية شيئاً ثانوياً غير أساسي، وفي المقابل يمكن أن تقوم (إسرائيل) بضرب حزب الله إذا ما تأكدت من حصوله على أسلحة متطورة مخلة بالتوازن من النظام السوري. وبالنظر إلى جبهة قطاع غزة التي عدها أبو عامر من أقل الجبهات الأربع إحراجاً لـ (إسرائيل) في الوقت الحالي، فأشار إلى عدم وجود بوادر ميدانية تشجع على الحرب، إضافة إلى أن غياب المحفز الحقيقي لشن الحرب خاصة في ظل تهدئة ميدانية معاشة على الأرض. وأوضح المختص في الشئون الإسرائيلية أن شن حرب إسرائيلية على قطاع غزة قد يؤدي إلى أزمة سياسية مع جمهورية مصر العربية، وهذا ما لا تريده (إسرائيل)، لكنه أشار إلى أن المواجهة بين قطاع غزة والاحتلال مواجهة حتمية ولكن توقيتها غير معلوم حتى اللحظة. [title]مفاجآت مرسي[/title] وبالانتقال إلى الأوضاع الداخلية في مصر بعد الثورة وردود الفعل الإسرائيلي عليها، خاصة بعد خطوة الرئيس محمد مرسي "الجريئة" بإقالة المشير السابق محمد حين طنطاوي رئيس المجلس العسكري وزير الدفاع، والفريق سامي عنان رئيس هيئة الأركان، واللواء مراد موافي مدير جهاز المخابرات وغيرهم من قيادات الجيش، فقد أوضح أبو عامر أن الإسرائيليين تفاجئوا بأخبار غير سارة تأتيهم من مصر لأن المجموعة التي أقيلت تتمتع بعلاقات جيدة مع (إسرائيل) وأمريكا. ولفت المختص في الشئون الإسرائيلية إلى أن الخشية في (إسرائيل) تكمن في عدم عودة التنسيق الأمني مع مصر إلى سابق عهده، وسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على زمام الأمور هناك، لكنه استدرك بالقول: "الإسرائيليون يعولون على علاقات مع وزير الدفاع ورئيس الأركان والمخابرات الجدد لأن لهم علاقة سابقة معهم". وعن التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية في سيناء بذريعة الحفاظ على الأمن في (إسرائيل)، صنف أبو عامر تلك التهديدات ضمن الحرب النفسية، مشيراً إلى أن المسئولين الإسرائيليين يعتقدون أن مصر الآن كـ "النمر المجروح" وهم أذكى من استفزاز الرأي العام المصري الغاضب وتوجيهه ضد (إسرائيل). لكن المختص في الشئون الإسرائيلية لم يستبعد قيام الاحتلال بعمليات كوماندوز خاطفة، واغتيالات محددة لأفراد بعينهم، دون الدخول بعملية عسكرية "فظة" بسيناء.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.