الرّداحة في الثقافة الشعبية تكون غالباً امرأة سليطة اللسان، لا تخجل من سب خصومها وشتمهم بأقذع الألفاظ والعبارات في الأماكن العامة سواء كانت في شوارع الحارات أو من شبابيك المنازل.
أما "الندّابة" فهي امرأة "مستعارة" لتمثيل الحزن خاصة في عزاء الأعزاء، وتستخدم في بعض الحالات "قطرة العين" لإقناع من يشاهدها أن دموعها تنهمر من شدة الحزن.
ظواهر "الردح" تطورت في بعض المجتمعات وبدلاً من أن تقوم بذلك امرأة أو مجموعة من النسوة أصبحت هناك مؤسسات متخصصة في وصلات "الردح البلدي"، الذي لا طائل منه سوى تشويه الآخرين بألفاظ وشتائم "سوقية" على الهواء مباشرةً.
وتشترك "الندابة" مع "الرداحة" في أن كليهما له صوت مرتفع وتُستأجران بالمال، فكيف إذا كانت "الندابة" ترتبط بعلاقة مصلحة مع "الرداحة"؟! كيف يمكن توقع وصلات الندب والبكاء إذا تطلب الأمر من الأولى استئجار الثانية؟! حينها ستنهمر الدموع بدون استخدام قطرات العيون وسيعلو الصوت مرتفعاً بالعويل، وقد تضرب الأيدي الخدود لإظهار فداحة ما "جرى" وما "وقع".
ومع ذلك، هناك من لا يحتاج أن يستأجره أحد فهو جاهز دوماً للمشاركة في "الجنازات" ليقضي نفسه منها و"يشبع" فيها لطما.
لكن ما قد يدور في الأذهان: "هل حارتنا اليوم تنقصها أدوار الرداحات والندابات اللواتي يُغلبن علو الصوت ومشاهد التمثيل الصاخب لخداع المستمعين والمشاهدين؟ أم أن هذه المهن قد اندثرت وأصبحت براعة أصحابها في لعب "الخمس ورقات" لا تنطلي على الناس ولا تؤثر فيهم، ولن نقول: "عليه العوض ومنه العوض".