مشهد النساء الفلسطينيات وهن يلاحقن جنود الاحتلال بالأحذية يعكس طبيعة الإنسان الفلسطيني الذي يأبى على الآخر المجهول سرقة حقوقه وتنديس كرامته ، رافضا التسليم لواقع مرير صار فيه العدو حبيب وأصبحت المقاومة عار لا تشرف بائعو الوطن والوطنية على موائد المفاوضات العقيمة. اليوم المرأة الفلسطينية تنير صفحة أخرى في سجلها النضالي ضد الاحتلال الإسرائيلي عبر دفاعها عن حقوقها ولو بالحذاء ، لا نتزاعها من مرتزقة ساهمت أوسلو المشئومة في ترسيخ أرجلهم في أرض ليست لهم. وهي بهذا "الحذاء" تفضح الإنسانية وتعري الديمقراطية التي ترى المرأة الفلسطينية تهان ولا تجد ما تدافع به سوى حذائها ، دون أن تحرك تلك الإنسانية والديمقراطية ساكنا. من زاوية أخرى يجيء سلاح " الحذاء " لينكأ الجراح عن ضفة أضحت مرتعا خصبا لقطعان اليهود والمغتصبين لا رادع لهم في ظل السلاح المرخص من قبل الاحتلال ، وتعيدنا الذاكرة إلى تصريح " الناطق باسم الأجهزة المنسقة مع الاحتلال في الضفة أنه سيتم ملاحقة كل سلاح " غير شرعي " في إشارة خاصة إلى سلاح المقاومة وهو ما يثير عدة تساؤلات عن غياب سلاح المقاومة ودور السلطة في حماية المواطنين و ممتلكاتهم وهي من تتكفل بحماية الاحتلال وتعيد جنوده إن ضلوا الطريق ففي ضفة شبابها ما بين مطارد أو مغيب وراء سجون السلطة أو الاحتلال ومع غياب السلاح الرادع لغطرسة يهود ، تطل علينا تلك النساء بهذا السلاح مسطرات نموذجا آخر في مقاومة احتلال لا يرحم كبيرا ولا صغيرا ، لا شجر ولا حجر ، ولسان حالهم يقول : لن يمنعنا من مقاومة الاحتلال أحد. رغم صغر حجم الحذاء وكبر سن حامله إلا أن وقعه عظيم في رد كيد القوات الغازية إلى نحورهم وهم الذين قدموا إلى القرية المستباحة ، آمنين من أي هجوم أو مقاومة بعد تجفيف ينابيعها من قبل من يوصفون إعلاميا " بالفلسطينيين" والهوية منهم براء . فلا غرابة إن خرج علينا عدنان الضميري وأعلن" الحذاء سلاح غير شرعي ، يمنع استخدامه كغيره حتى "سكين المطبخ " ، في زمن أصبح اللقيط شرعيا بل وفلسطين وجدت ليبقى هذا اللقيط لا ليزول. وقفة إجلال للمرأة الفلسطينية التي جعلت للحذاء قيمة رمزية فاقت قيمة كثيرين " جعلوا من فلسطين موطنا للإسرائيلي " ، وهي بذلك تتأسى بذاك الصحافي العراقي الزبيدي الذي سن سنة القذف بالحذاء في واقعة رمي الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بحذائه الشهيرة ، تعبيرا عن رفضه احتلال أرضه العراق من قبل الأمريكان الذين يدعمون اغتصاب أرضنا واستباحة حرماتنا .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.