8.9°القدس
8.66°رام الله
7.75°الخليل
15.18°غزة
8.9° القدس
رام الله8.66°
الخليل7.75°
غزة15.18°
الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
4.62جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.83يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.62
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.83
دولار أمريكي3.65

حارتنا

مسيرة بلا ذخيرة

4
4
ناهض الوشاح

وفاء أُخيّتي ... حين يُلامس صوتك دفء القلب في أواخر الشتاء سأذهب لأفتح لك نافذة المساء ... سألملم أنفاس الليل ورائحته وأتذكر أنني أدمنت وجودك كمدينة تصنع أقدارها ... فصرت فرحك وحزنك وعنوانك الدائم.

أحببتك أخيتي بريئة كالثمر، كلانا فراشة ولهيب ... أتأبط كلماتك وأهش بها على حلمي ... أسافر إلى قلبك مُعانقا الكحل في عينيك ... أضيع في خطوط يديك لعلي أقرأ طريقا يأخذني مني إليك.

لقد اشتقت لصمتك ولطيفك ولهمسك ... اشتقت لصراخك حين أعود إليك منكسرا من مسيرة لم تُعد لنا حقنا ... أراك تنتظريني خلف ستار النافذة ... تترقبين عودتي ... فهل سأعود يوما لك محمولا على الأكتاف ... لست شهيدا ولا أحمل بندقية ... كل ما في الأمر أنني أصرخ ولا أحد سيهتم لتحطمنا.

فخ الماضي ومتاهة الآتي وانتظار آخر ما تبقى من نبض ... القصائد المعلقة في القلب ... والشعارات المرسومة على الجدران في كل زقاق المخيم ... لن تختصر الطريق ... لأن الغزاة يغلقون كل طريق ويحاصرون حتى اللهفة التي تمنحني الحديث عنك كلما زاد حنيني إليك.

صدقتك فيما تقولين ... والتهمت رأيك قبل أن تسقط أسناني وقبل أن يغزو البياض شعري ... لا فائدة من الصراخ في الحرب ...ما أخذ من القلب لا يُسترد إلا بالحب وما أُخذ من الوطن لا يُسترد إلا بالسلاح ... أما جفّ لعابك من البصاق على الصهاينة ... اخرج يا أخي من غزة ... ماذا تفعل وسط هذا الخراب؟

الاحتلال في كل مكان وما عليه سوى أن يُطلق أول رصاصته على القيم، فإذا نجح في ذلك والغالب ينجح ... تبقى مهمة قتل الرجال من أسهل المهمات.

لا سلاح نحمله سوى الكلمات ... حتى الكلمات يعبثون بها كما يعبثون بعقولنا وربما يرسمون لنا مصائرنا كأننا في زريبة يتصارع فيها الفاسدون والمدلسون في مدينة يدوسها الجنود الحمقى ببساطيرهم الثقيلة دون أن يفكر أحد منهم كم نبي وكم ولي وكم عاشق وكم شهيد مرّ على هذه الأرض المقدسة ... عُكّازة المدن ...(امرأة بسبعة مستحيلات) إنها غزة.

تركتك أخيتي هناك ... وتركت المسيرات ومزقت الهويات وهربت إلى أقرب مدينة ... لعلي أجد على هذه الأرض ما يستحق الحياة ...فما وجدت إلا القمع ... فكل من كتب عنا ... بدءا من العرب ظاهرة صوتية مرورا في الحروب الصليبية كما يراها العرب وصولا إلى العرب وجهة نظر يا بانية كلهم يقولون: إن المجتمع العربي مشغول بفكرة النمط الواحد على غرار الحاكم الواحد والقيمة الواحدة ... يغيب مفهوم الوطن والإنسان ... لتحل مكانه فكرة الجماعة المتشابهة ... المطيعة للنظام السائد ... فأكثر الناس قطعان يسير بها صوت الرعاة من لم يمشِ يندثر.

وها نحن نندثر ... ننزوي كالقطط الخائفة تتصارع فيما بينها من أجل فضلات تُلقيها أيدي من يحمونا يسرقونا. كما سرقوا منا الحجر والشجر وحتى قطعة السلاح الوحيدة أخذوها منا كي نقف كالبلهاء ننظر إلى مستوطن قذر يُشهر سلاحه ويُوقف سيارة شرطة فلسطينية ... خمسة رجال لا يُحركون ساكنا ... يلتزمون بالدعاء والصلاة في قلوبهم أن ينجيهم الله من موت مُحقق ... ثم يعودون إلى بيوتهم يُمسدون شواربهم في الليل أمام نسائهم . هل أنت حُر؟

كلا لست حُرا، كل ما في الأمر أن الحبل المربوط في عنقك أطول قليلا من حبال الآخرين.

أي عار يعترينا أخيتي ونحن ننظر إلى فتى صغير يُدافع عن امرأة تشبه أمي وأمك أمام قطعان من المستوطنين المسلحين ... يرموها أرضا ولم تلامس فينا نخوة المعتصم بحجة التنسيق الأمني ... أهلاً يا تنسيق الجبناء.

وفاء أخيتي ... أظنك رأيت الاحتفال البهيج بالانتخابات الطلابية جامعة الخليل ... ربما تقولين أنك سمعت صوت الرصاص عندك في غزة .. أسلحة من العيار الذي يصلح للاستعراض والبهرجة .. أي رسالة يريدون توجيهها ... اللعنة على كل الرسائل .. أين كانت كل هذه الأسلحة؟؟

لماذا لم تظهر في مواجهة الصهاينة وكلابها وهم يطاردون الشهيد والفقيد والوليد...

أي معنى لكل هذا ... أود لو تنتهي حياتي بسرعة .. فقد مللت الهزيمة والخداع والتشرد على أرصفة المدن ... المدن التي فرقتنا وأثقلتنا بحب لن ينتهي.