15.01°القدس
14.77°رام الله
13.86°الخليل
18.24°غزة
15.01° القدس
رام الله14.77°
الخليل13.86°
غزة18.24°
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.17دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.17
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.66

خبر: حياة الحكام العرب الجدد

حينما أجريت حواري التليفزيوني في برنامج " بلا حدود" مع مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطن الانتقالي الليبي في شهر فبراير الماضي 2012، دعاني للعشاء بعد الحوار، فدخلنا إلى قاعة بها سجادة وعلى أطرافها فرش أرضى لا يرتفع عن الأرض أكثر من عشرة سنتيمترات، نادى حاكم ليبيا في ذلك الوقت على مساعديه أن يضعوا لنا العشاء، جاء شخص فمد بساطا من البلاستيك على الأرض، ووضع عليه قصعة بها أكلة ليبية حارة نسيت اسمها لكنها كانت عبارة عن بعض الخضار المطبوخ مع اللحم المقدد، ورغيف كبير من الخبز قسمه بيني وبينه وجلسنا نأكل ونتحدث، كان هذا بروتوكول العشاء لدى حاكم ليبيا الجديد، لا موائد ولا خدم ولا حشم ولا أطباق ولا ملاعق أو شوك أو سكاكين، جلسنا على الأرض وأكلنا سوياً من القصعة الخبز والخضار واللحم المقدد، وكان الطعام طيبا وشهيا إلى حد بعيد، كذلك وجدت خلفه الدكتور محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني الليبي المنتخب حينما ذهبت في الشهر الماضي للقائه وأجريت أول حوار معه توقعت أن أجد الرجل بعد انتخابه وقد تخلى عما كان عليه، فوجدته في البساطة نفسها التي كان عليها، وقد تعهد الرجل للشعب الليبي في الحوار بأن يبقى على ذلك خادما للشعب، أما رئيس الحكومة التونسية حمادي الحبالي حينما أجريت معه أول حوار تليفزيوني أيضا بعد انتخابه في شهر ديسمبر من العام الماضي 2011، والتقيت معه في مكتب رئيس الحكومة في المدينة القديمة، كانت أصوات أغاني أم كلثوم تسمع بشكل واضح من المقاهي التي تقع خلف المبنى وقد قال لي إن الرئيس بورقيبة لم يدخل هذا المكتب سوى مرات قليلة، أما زين العابدين بن على فلم يدخله سوى ثلاث مرات، وحينما جاء موعد صلاة المغرب رفع اجتماع مجلس الوزراء وأمّ رئيس الحكومة الوزراء للصلاة، وقد أخبرني أحد الموظفين بأن هذه هي المرة الأولى التي تقام فيها الصلاة في مبنى رئاسة الحكومة منذ عمله فيه قبل ثلاثين عاما، بل إن من يصلى كان يتخفى لأن الصلاة في عهد بن على وعهد بورقيبة كانت تهمة لمن يقوم بها، ووعد الجبالي التوانسة بأن يبقى على ما كان عليه لأنه يعتبر فترة رئاسته للحكومة وهو الذي كان محكوما عليه بالسجن المؤبد في عهد بن على هي خدمة للشعب التونسي وليست كما كانت من قبل من أجل التربح والفساد والإفساد. وفى المغرب دخلت بيت رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران وهو بيت تملكه زوجته ويقيم فيه منذ العام 1982، لم يتغير فيه شيء فرشه كما هو، ولباسه كما هو وطعامه وشرابه كما هو، يستقبل ضيوفه كما كان يستقبلهم قبل أن يتولى السلطة، ويذهب إلى عمله في مكتبه القريب بسيارة الحكومة دون موكب رسمي أو تعطيل لطرق الناس ومصالحهم، ويمكن لأي شخص أن يلقاه ولا يتوقف الطارقون على باب بيته؛ لأنهم كما قالوا له يعتبرونه واحدا منهم وكذلك وزراؤه، أما الرئيس المصري محمد مرسى فإنه لم يغادر حتى الآن شقته التي يسكنها بالإيجار في أحد أحياء القاهرة الجديدة، وهى شقة صغيرة من ثلاث غرف، ومع الانتقادات التي توجه إليه في هذا الجانب لا سيما من الناحية الأمنية إلا أن الرجل يصر أن يبقى على حياته التي كان عليها، ومع ذلك نجد البعض يوجه الانتقادات لهؤلاء الحكام الجدد أنهم لا يلتزمون بالبروتوكول في أدائهم ولا تخلو التقارير الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي عن التحدث عن الأخطاء البروتوكولية التي يرتكبها هؤلاء الحكام الجدد، ولا أعرف ما قيمة البروتوكول إلى جانب ما نراه وما نتمنى أن يبقى عليه هؤلاء. إن ما يميز حكام العالم العربي الجدد أنهم أناس عاديون من الشعب جاءت بهم الثورات والانتخابات والرغبة الشعبية إلى الحكم ولم يحصلوا على الحكم بانقلاب عسكري أو ورثوه عن آبائهم، ومن ثم فإن حياتهم هي حياة الناس وحياة الشعب الذي اختارهم، وإن تخلوا عنها فإن الشعب سوف يتخلى عنهم.