25.17°القدس
24.63°رام الله
23.3°الخليل
25.92°غزة
25.17° القدس
رام الله24.63°
الخليل23.3°
غزة25.92°
الأحد 16 يونيو 2024
4.72جنيه إسترليني
5.25دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.99يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.72
دينار أردني5.25
جنيه مصري0.08
يورو3.99
دولار أمريكي3.72

خبر: رموز أول عملية مصورة للقسام يفككها أحد أبطالها

تتكشف تفاصيل مثيرة وحقائق غابت عن أذهان الكثيرين من أبناء الشعب الفلسطيني في الذكرى السنوية التاسعة عشر لعملية قسامية هزت كيان الاحتلال الصهيوني، وأرّخت لميلاد باكورة من العمليات النوعية التي قضت مضاجع الاحتلال ولا تزال. فاليوم 12/9/2012م تفخر كتائب الشهيد عز الدين القسام بمجاهديها الشهداء منهم؛ والأبطال الذين بقوا على قيد الحياة ليحافظوا على جذوة المقاومة ويرووا تفاصيل عمليات أشفت صدور قوم مؤمنين، وجذرت الهزيمة في نفوس من هم مهزومون أصلاً من بني صهيون. عملية "مصعب بن عمير" هي تلك العملية التي نفذتها كتائب القسام في مثل هذا اليوم وقبل تسعة عشر عاماً أي بتاريخ 12/9/1993م، حيث كان أبطالها اثنين من المجاهدين القساميين أحدهم القائد الشهيد "عماد عقل" والآخر المحرر عنوة من سجون الاحتلال الصهيوني "ماهر زقوت" ومجاهد قسامي ثالث قدّم دعماً لوجستياً لهما ولا زال على قيد الحياة حتى الآن نسأل الله له الحماية من كل مكروه. رحل القائد "عماد عقل" إلى ربه شهيداً محتفظاً بأسرار تلك العملية البطولية، ولكن المحرر "ماهر زقوت" الذي شاركه تنفيذ العملية كشف عن تفاصيل العملية ثانية بثانية حتى الأحاديث التي دارت بينه وبين الشهيد عقل أثناء تنفيذ العملية. [title]بواعث العملية[/title] يروي المحرر زقوت وقبل أن يسهب في شرح تفاصيل العملية الأهداف التي أرادت كتائب القسام إيصالها للعدو الصهيوني من وراء العملية؛ ليوضح أنها تتمحور حول سببين رئيسيين: أولهما/ رفض حركة المقاومة الإسلامية حماس وجناحها العسكري اتفاقية أوسلو التي حاولت تسويق سلام وهمي مزعوم لأبناء الشعب الفلسطيني، وثانيهما/ إرسال رسالة قوية للقائد الجديد لمنطقة غزة في الجيش الصهيوني "دورون ألموغ" وأخرى لوداع القائد السابق "يومتوف سامية". وبالانتقال إلى تفاصيل العملية، فقد كشف المحرر أن عمليات استطلاع ورصد كبيرة استمرت لأسابيع طويلة سبقت تنفيذ العملية للتأكد من اعتياد الجيب المستهدف على المرور في الشارع المحدد للهجوم، مستدركاً: "بعد التجهيز الكامل للعملية، تقرر أن تكون يوم الجمعة 10/9/1993م ولكن لم يأت الجيب في هذا اليوم فاضطررنا لتغيير الموعد إلى يوم الأحد وهو الموعد الذي نفذت فيه العملية". [title]سير العملية[/title] فجر يوم الأحد اجتمع المجاهدان القساميان في مسجد "صلاح الدين" بحي الزيتون، ثم انطلقا إلى مكان الكمين قرب مسجد "مصعب بن عمير" في ذات الحي بسيارة مجاهد قسامي ثالث، حيث كانت عقارب الساعة تشير إلى 5:30 دقيقة فجراً. كمَن المجاهدان في بيت مهجور قرب المسجد يطل بابه على الشارع الذي سيمر به الجيب الصهيوني، وبقي المجاهد الثالث يراقب الطريق في انتظار إعطائهم إشارة اقتراب الجيب، حيث كانت الإشارة عبارة عن صافرة واحدة في حال أتى الجيب من الجهة اليمني، وصافرتان في حال قدومه من الجهة اليسرى، فبقيت الآذان تترقب الصافرة بكل لهف. ويحدد زقوت هدف العملية الأساسي ويقول: "كان الهدف قتل الجنود الثلاثة وأخذ بعض قطع السلاح منهم، حيث توكلت بإطلاق النار على الضابط الذي يجلس بجانب السائق والجندي في الخلف، فيما توكل عماد بإطلاق النار على سائق الجيب لإيقافه عن الحركة وبالتالي سهولة السيطرة عليه، واتفقنا على أن أخرج في البداية لإطلاق النار على الجنود ثم يخرج عماد من البيت بعدها بسرعة ليطلق النار". [title]أحاديث سبقت الهجوم[/title] يقول المحرر زقوت: "مع مرور الوقت كنت أهمس أنا وعماد ببعض الحديث خوفاً من أن يسمعنا أحد، حيث كان معي سلاح من نوع كلاشينكوف و20 رصاصة روسية جيدة والباقي رصاص مصري عفا عليه الزمن، وكان مع عماد سلاح من نوع (m16) ومسدس، ونظراً لقلة تسليحي مقابل تسليحه عرض عليّ أخذ المسدس ولكني رفضت، ثم عرض عليّ سلاح (m16) فأخذته منه على سبيل المزاح ثم قلت له: (لو استشهد ماهر زقوت ما حد حيسمع في، بس إذا استشهد "عماد عقل" المطارد الدنيا بتنقلب قلب، ثم أعطيته قطعة السلاح وبقينا ننتظر). في تمام الساعة 9:33 دقيقة أي بعد حوالي 4 ساعات من المكوث في الكمين سمع المجاهدان صافرتين من المجاهد الثالث فعلما أن الجيب آتي من الجهة اليسرى فاستعدا للانقضاض عليه كالأسود. [title]البدء بـــ الله أكبر[/title] يقول زقوت: "كنت أنتظر على باب البيت فاقترب الجيب مني كثيراً وعندما لمح الضابط الذي يجلس بجانب السائق قطعة السلاح في يدي قمت بإطلاق النار بشكل مباشر عليه وعلى الجندي الذي يجلس في الخلف، فخرج عماد مسرعاً يكبر فكان صوت التكبير أعلى من صوت الرصاص وأخذ يطلق النار بكثافة على الجيب، ثم أخذت خطوتين للأمام فأصبح لا يفصلني عن الجيب سوى متر ونصف فقط، فوجدت الجندي الذي يجلس في الخلف يضع يده على صدره مذهولاً لا يحرك ساكناً فأطلقت عليه الرصاص وتأكدت من قتله والضابط دون أن يطلقا أي طلقة باتجاهنا، ولكن الجيب استمر في السير لأن السائق لم يقتل بعد". [title]إقدام القائد عماد[/title] ويتابع المحرر: "بعد أن ابتعد الجيب قليلاً أطلق سائقه ما يزيد عن 15 رصاصة باتجاهنا، فلجأت إلى أرض زراعية قريبة من المكان، وبعد دقيقتين سمعت صوت 3 رصاصات ثم 4 رصاصات فحسبت أن الجندي المتبقي يطلب استغاثة من الجيش لدعمه، ولكن الحقيقة هي أن عماد عقل لحق بالجيب وقتل السائق برصاصات مباشرة في رأسه". بعد أن انتهى زقوت من تنفيذ العملية لجأ إلى أرض زراعية، وحفر حفرة صغيرة تحت شجرة صبار ثم دفن قطعة السلاح، وبعدها خرج إلى مجموعة من الناس وسألهم عن الطريق العام خاصة وأنه لا يعرف المنطقة لأنه ليس من سكانها، فأخذه مواطن وأوصله إلى حيث يريد، بينما رجع "عماد عقل" مع المجاهد الثالث الذي بقي في المنطقة حتى انتهاء العملية. [title]تبني العملية[/title] ويضيف زقوت: "أخذ عماد قطعتي سلاح من نوع (m16) من الجيب، وتركنا ورقة في مكان العملية بتبني كتائب القسام لهذا الهجوم، وكانت هذه العملية أول عملية مصورة للكتائب وكان لها ما بعدها". لقد كان تصوير العملية وبثها على وسائل الإعلام مشهداً مرعباً للصهاينة، خاصة وأنها المرة الأولى التي يرى فيها العالم مشهد الجنود الصهاينة وهم صرعى غارقين بدمائهم، ففي الوقت الذي كانت فيه عدسات الكاميرات العالمية تترقب توقيع اتفاقية أوسلو في الولايات المتحدة الأمريكية، نقلت وسائل الإعلام صورة الجنود الصهاينة الصرعى داخل الجيب، حيث ارتمى أحدهم خلف عجلة القيادة فيما كان النصف العلوي لجثة زميله يتدلى من باب الجيب بينما علقت قدماه وبقيتا في الأعلى، وأما الثالث فقد سقط أمام السيارة صريعاً بعد أن حاول الهرب. بقي الجنود على هذا الحال لأكثر من ثلاث ساعات أي حتى الساعة 12:30 ظهراً، حيث لم يتمكن الجيش الصهيوني من معرفة مكان الهجوم بعد، وأخذ يضرب المواطنين في شارع صلاح الدين ويحقق معهم عن مكان العملية إلى أن توصل إلى مكانها وفرض طوقاً أمنياً حولها. [title]فرحة عارمة[/title] وعن وقع العملية على الشعب الفلسطيني قال زقوت: "عمت أجواء الفرح في قطاع غزة والضفة الغربية والشتات خاصة وأنهم لم يشاهدوا صوراً لجنود قتلى من قبل، فرح الشعب الرافض لاتفاقية أوسلو والمتلهف لقتل أو إصابة أي صهيوني، حتى الأسرى في السجون الصهيونية فرحوا كثيراً في العملية". وفي المقابل، أوجعت العملية كثيراً كيان الاحتلال الصهيوني، حيث اضطر قائد القوات الصهيونية في قطاع غزة الجنرال "يومتوف سامية" للاعتراف بأنها عملية محكمة ومعقدة في التنفيذ، وكانت العملية نذير شؤم على الجنود الصهاينة وإيذان بدخول سلاح جديد للمعركة ألا وهو "الكاميرا". منذ تلك الأيام وحتى الآن رسخت كتائب الشهيد عز الدين القسام معادلات للحرب مع العدو الصهيوني، فالقتل بالقتل والدمار بالدمار والقصف بالقصف والرعب زيادة، وفرضت حضورها على الساحة الجهادية لا بل قادتها بعملياتها النوعية التي هزت كيان الصهاينة، وستبقى محافظة على عهدها مع شعبها فإما نصر يعز الإسلام وإما شهادة تغيظ اللئام.