اتسم العصر الحالي بمرض السمنة وزيادة الشهية، وكلما زاد وعي الشخص بالمخاطر الصحية للوزن الزائد وبدأ يحاول إنقاص وزنه للحصول على جسد رشيق وصحة جيدة، واجهته مشاكل متعددة تعيقه أحيانا عن استكمال خطته، فينسحب سريعا ويفشل ويعود مجددا لنظام الغذاء غير الصحي ويكتسب المزيد من الوزن؛ لذا نحاول اليوم إلقاء الضوء على هذه المشاكل ومعرفة كيفية مواجهتها بشكل واقعي.
مقاومة الإغراءات
من أهم أسباب عدم نجاح النظام الغذائي هو ضغط الأشخاص المحيطين وإلحاحهم على الشخص الملتزم به بأن يكسر روتين الطعام ويتناول بعض اللقيمات الصغيرة بدعوى أنها لن تكون عائقا حقيقيا في رحلة فقدان الوزن، وعندما يضاف لهذا الأمر الضعف الإنساني الذي يعاني منه مَن يحاول فقدان الوزن، يبدأ بالفعل بالانصياع لهذه الضغوط لتبدأ رحلة جديدة من الندم والفشل.
عن هذا الأمر تقول نرمين نزار (فقدت 23 كيلوغراما) إن الأمر يتطلب إرادة حقيقية مع قوة وصمود وعدم الضعف أمام ضغوط الآخرين، والعلم أن زيادة الوزن تطلبت وقتا طويلا للغاية، لذا فإن فقدان هذا الوزن الزائد لن يتم في ليلة وضحاها، بل سيستغرق فترة زمنية طويلة يجب التحضر لها جيدا، والأمر يستلزم بذل جهد كبير في تحضير الوجبات لتفادي تناول الطعام غير الجيد خارج المنزل.
الميزان ليس المقياس الوحيد
يعتقد البعض أن الوزن على الميزان هو المقياس الوحيد للدلالة على صحة الشخص وتحديد إن كان بدينا أم نحيفا، ولكن في حقيقة الأمر ليس للميزان الأهمية الكبرى، وهذا لأن جسم الإنسان يتكون من دهون وعضلات وماء (إلى جانب العظام)، ولذا فقد يكون وزن الشخص 80 كيلوغراما ولكنه في هيئة صحية وهذا لأن نسبة العضلات في جسده كبيرة، بينما آخر له نفس الوزن ولكن الغلبة في جسمه للدهون، وأفضل طريقة لقياس النسب الداخلية في الجسم يكون بجهاز "إن بادي" (Inbody) المتوفر في الصالات الرياضية والصيدليات وعند اختصاصيي التغذية.
وعادة لا يمكن الاكتفاء بالنظام الغذائي فقط ويجب ممارسة الرياضة بجانبه للحصول على النتيجة المرجوة، وهو ما استطاعت لمياء رأفت (فقدت 18 كيلوغراما) تحقيقه بالرغم من الصعوبات التي واجهتها في بداية الأمر، فهي أم لطفلة صغيرة ولم تستطع في البداية الاشتراك في صالة رياضية وترك طفلتها، فحمّلت إلكترونيا التمارين الرياضية وواظبت على تطبيقها في المنزل، وبعد فترة من الوقت أصبح من الممكن ترك الطفلة في الجزء المخصص للأطفال في الصالة الرياضية دون أن تقلق عليها.
أهداف واقعية
ما زالت هناك عدة مشاكل أخرى تواجه من يتبع نظاما غذائيا لإنقاص الوزن، مثل فقدان القدرة على رؤية الهدف من النظام الغذائي ومتلازمة الأكل العاطفي أو عدم القدرة على إعداد الطعام بشكل منفصل عن المنزل الذي لا يتبع نفس الحمية.
تجيب عن هذه الأسئلة الدكتورة سالي أسامة بركة اختصاصية التغذية العلاجية وعلاج السمنة والنحافة، التي قالت إن من أهم الأمور عند اتخاذ قرار البدء في نظام غذائي لإنقاص الوزن، هو وضع أهداف واقعية يمكن تحقيقها بالفعل، فلا يمكن توقع النجاح في خسارة عشرة كيلوغرامات في غضون أسبوعين على سبيل المثال.
وتقترح الدكتورة وضع خطتين لرحلة خسارة الوزن، الأولى قصيرة المدى والثانية طويلة المدى، مع الأخذ في الاعتبار أن أهداف كل خطة منهما تتفق مع فترتها الزمنية، ويجب مراجعة ما يحدث على أرض الواقع مع الخطط الموضوعة، ومعرفة كيفية السير الزمني لهذه الخطط، ومراجعة الطبيب إن كان هناك تأخيرا في الخط الزمني ولا يوجد ما يبرره.
لائحة الإنجازات
أحيانا تمر بمَن يرغب في فقد الوزن بعض الأوقات التي يشعر فيها بالإنهاك، وبعدم قدرته على مواصلة أسلوب حياته الجديد، وفي هذا الشأن تنصح الدكتورة سالي ببعض المحفزات التي تساهم في تجديد الهمة والطاقة، مثل طباعة صور فوتوغرافية في أكثر فترة كان هذا الشخص راضيا عن شكله فيها، ووضعها في مكان بارز في الشقة حتى إن كان على ثلاجة المطبخ، لتذكيره بالهدف الأصلي من هذا النظام.
كذلك يمكن أن يصور المرء نفسه في بنفس الملابس أسبوعيا أو شهريا، ويوضع الصور في ملف واحد يعود إليه كل فترة لاسترجاع الإنجاز الذي تحقق بالفعل وتشجيع النفس.
هناك أمر آخر يمكن القيام به من أجل تشجيع النفس وهو وضع قائمة طويلة بكل التفاصيل الصغيرة التي كان الوزن الزائد عائقا أمامها أو كانت هي نفسها مشكلة بسبب الوزن الزائد، على سبيل المثال من الممكن وضع "تجنب التعرق الغزير" و"التوقف عن تناول المقليات لمدة ثلاثة شهور" و"صعود الدرج دون استراحة"، وغيرها من الأمور الصغيرة والتفصيلية التي يساهم تحقيقها ووضعها أمام العين في تعزيز رؤية النتيجة النهائية.
الأكل العاطفي
يعاني البعض من مشكلة الأكل العاطفي، وهي حالة من اضطراب الطعام مرتبطة بالمشاعر، أي أن المصاب بمشكلة الأكل العاطفي يلجأ للطعام دون تفكير عند تعرضه لأزمة أو وقوعه تحت توتر شديد، وبحسب الدكتورة سالي فإن أولى خطوات التحكم في هذه المشكلة هو إدراكها أولا والوعي بوجودها، وتأتي بعدها محاولات التحكم بها، مثل التوقف فورا عند إدراك أن تناول الطعام في هذه اللحظة ليس نابعا من الجوع وإنما من المشاعر، ومن الممكن وضع الطعام في الثلاجة حتى تنتهي هذه النوبة، والذهاب على الفور لشغل النفس والتفكير بأمر آخر حتى إن كان مجرد مشاهدة حلقات من المسلسل الكوميدي المفضل.
في حال عدم معرفة ما إذا كان الشخص يعاني من هذه المشكلة أم لا، يمكنه كتابة يوميات الطعام والمشاعر، وفيها يسجل كل ما دخل معدته وكيف كان يشعر وقتها، حينها سيعلم إن كان يعاني من هذه المشكلة أم لا، كما أن هذه اليوميات تساهم في معرفة سبب زيادة الوزن لكل من يعتقد أنه لا يتناول الكثير من الطعام، لأنه سيكتشف تصرفات غير إرادية لا يسجلها في ذاكرته بينما يحتفظ بها جسده طوال الوقت.