16.68°القدس
16.44°رام الله
15.53°الخليل
19.07°غزة
16.68° القدس
رام الله16.44°
الخليل15.53°
غزة19.07°
الأربعاء 04 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.11دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.62دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.11
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.62

سبعة اقتصادات كبرى على أعتاب أزمة كساد جديدة!

0769460f-2063-4397-8d7a-4d68e073182b
0769460f-2063-4397-8d7a-4d68e073182b
قلمين محمد هشام

بعد أزيد من عشر سنوات من سقوط أغلب اقتصاديات العالم في أزمة مالية ثم كساد عالمي، بدأت هذه الاقتصاديات في التعافي بفضل فترة ما يعرف بالعشرية الذهبية للاقتصاد، وهي الفترة التي تلت أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة ثم أزمة الديون السيادية لدول منطقة اليورو في أوروبا، فبفضل برامج الانعاش الاقتصادي عرفت هذه الاقتصاديات الطريق للنمو من جديد، فالاقتصاد الأمريكي مثلا والذي كان يفقد 800 ألف وظيفة بشكل شهري، عرف خلال شهر جويلية الماضي أدنى مستويات البطالة بمعدل 3.7 بالمئة، وانتقل من معدل نمو سالب بـ 2.8 بالمئة لسنة 2009 إلى 3.1 بالمئة موجب خلال الثلاثي الأول من سنة 2019.

 ولكن ليس كل الاقتصاديات المتضررة من الأزمة المالية العالمية عرفت طريقها نحو التعافي، فلا تزال العديد منها تواجه مشاكل وعقبات تحول دون تحقيقها لمعدلات النمو المرجوة، وقد أكد صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير أن معدل النمو العالمي المتوقع لهذا العام لن يتجاوز 3.2 بالمئة و3.5 بالمئة لعام 2020م، وسبب ذلك هو التوقعات المتتالية بإمكانية وقوع سبع اقتصاديات كبرى في أزمة اقتصادية خانقة قد تقود إلى كساد عام، وهذه الاقتصاديات هي كل من الاقتصاد البريطاني، الألماني، المكسيكي، البرازيلي، الايطالي، واقتصاديات هونك كونغ وسنغافورة.

عرف الاقتصاد البريطاني أسوأ معدلاته للنمو ومباشرة بعد تصويت البريطانيين على الانفصال بدأ الاقتصاد البريطاني يتراجع من 1.9 بالمئة نهاية عام 2016 ثم 1.8 بالمئة نهاية عام 2017

أسباب تراجع هذه الاقتصاديات، منها مشتركة عامة مؤثرة على كل اقتصاديات العالم، والمتمثلة في الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين والتي كان لها أثر على مستويات الأسواق المالية العالمية، فحالة عدم التأكد جعلت غالبية المستثمرين مترددين في استثمارات أموالهم، خاصة في الأصول المالية قصيرة الأجل، وأفضل مثال على ذلك ما تعرفه أسواق النفط من تقلبات خلال فترة الحرب التجارية عند الاعلان على إجراءات حمائية من طرف حكومتي البلدين بفرض رسوم على واردات البلد المصدر، فخلال الفترة التي أعلن فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على فرضه لرسوم جمركية على ما قيمته 300 مليار دولار من السلع المستوردة من الصين بـ 10 بالمئة ابتداء من 01 سبتمبر 2019، عرفت أسواق تداولات عقود النفط انخفاضا محسوسا، توقف مباشرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي تأجيل تطبيق حزمة الرسوم إلى غاية 15 ديسمبر 2019، لتعرف طريقها إلى النمو من جديد.

ونفس الشيء حدث خلال إعلان واشنطن عن حزمة رسوم جمركية على 100 مليار دولار سلع مستوردة من الاتحاد الأوروبي، عرفت الأسواق المالية العالمية ركودا توقف عند وصول الرئيس الأمريكي إلى اتفاق مع رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر على تقديم الاتحاد الأوروبي على تنازلات لصالح الطرف الأمريكي لتفادي حرب تجارية بينهما، باستيراد الاتحاد الأوروبي لكمية أكبر الصويا وخفض الرسوم الجمركية على المنتجات المصنعة في الولايات المتحدة. إلى جانب الحرب التجارية الصينوأميريكية، تعرف اقتصاديات تلك الدول العديد من العثرات سببتها العديد من المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وحتى الأمنية والتي أثرت على نموها.

لبريكست وأثره المدمر على الاقتصاد البريطاني

تعتمد بريطانيا بشكل أساسي في معاملاتها التجارية على الاتحاد الأوروبي، ففي صادراتها البالغة 395 مليار دولار خلال عام 2018، 55.7 بالمئة منها موجهة نحو الاتحاد الأوروبي، في حين أن في وارداتها البالغة 617 مليار دولار خلال نفس السنة 61 بالمئة قادمة من الاتحاد الأوروبي، ولكن ما تستورده بريطانيا لا يمثل سوى 13 بالمئة من صادرات دول الاتحاد الأوروبي.

هذا معناه أنه وفي حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ودون اتفاق مع إعادة فرض الرسوم الجمركية وفرض القيود على انتقال كل من اليد العاملة، التكنولوجيات، ورؤوس المال والبضائع، فإن بريطانيا سوف تكون المتضرر الأكبر، حسب المتتبعين يوجد احتمال كبير لحدوث ذلك، خاصة بعد استقالة تيريزا ماي وهي التي كانت معارضة للبريكست وامساك بوريس جونسون بمقاليد السلطة في دوانينغ ستريت، وهو من أكبر المدافعين والمناضلين من أجل انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، وتحقيق ذلك قبل 31 أكتوبر المقبل.

اليوم يعرف الاقتصاد البريطاني أسوأ معدلاته للنمو، فبعدما بدأ يتعافى خلال الفترة 2013 إلى نهاية 2015 بمعدلات نمو بين 2.1 بالمئة إلى 3.1 بالمئة، مباشرة بعد تصويت البريطانيين على الانفصال بدأ الاقتصاد البريطاني يتراجع من 1.9 بالمئة نهاية عام 2016 ثم 1.8 بالمئة نهاية عام 2017، ليعرف أسوأ معدلاته خلال الثلث الثاني من السنة الحالية بـ 0.2 بالمئة عن الثلث الأول، مع تحذيرات الخبراء أنه في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، فإن قيمة التداول في أسواقها المالية سوف تنخفض بـ 5 بالمئة، ومع امكانية فقدان الجنيه الاسترليني لـ10 بالمئة من قيمته، وهو الذي فقد 16.3 بالمئة من قيمته منذ التصويت على البريكست في 23 جوان 2016، مع امكانية انكماش الاقتصاد البريطاني بـ 2 بالمئة حتى نهاية 2020، وارتفاع معدلات البطالة وعودتها إلى نفس مستوياتها خلال سنوات الأزمة المالية.

تراجع الصادرات يسبب انكماش الاقتصاد الألماني

إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يكون له الأثر الأكبر على الاقتصاد البريطاني ولكن هذا لا يعني أنه لن يؤثر على اقتصاديات دول الاتحاد الأخرى، وأفضل مثال على ذلك هو ما يحدث لصادرات ألمانيا رابع أقوى اقتصاد عالمي، وثالث أكبر بلد تجاري في العالم بمبادلات تقدر بـ 2.41 ترليون دولار لعام 2018 (1.3 ترليون كصادرات و1.08 ترليون كواردات).

في خلال الربع الثاني من عام 2019، عرفت صادرات المانيا تراجعا واضحا، بلغ أسوأ معدل في جوان 2019، بحيث سجلت المانيا تراجعا بـ 8 بالمئة في صادراتها، بتصدير 106 مليار يورو فقط من السلع، وتشير الأرقام إلى أن صادراتها للدول خارج منطقة اليورو هي التي تعاني من الركود، ابتداء من الدول الأوروبية خارج منطقة اليورو، بحيث بلغت صادراتها لهذه الدول ما قيمته 23.5 مليار يورو من السلع بتراجع 7.2 بالمئة، في حين أن صادراتها للدول خارج منظمة الاتحاد الأوروبي عرفت تراجعا بـ 10.7 بالمئة، لتصل إلى 42.6 مليار دولار في جوان 2019.

وكل هذا راجع في الأساس إلى تأثير الحروب التجارية والسياسات الحمائية التي تتخذها أغلب دول الاقتصاديات التي تجد المانيا في أسواقها مساحة لتسويق وتصريف منتجاتها، فالصين تستهلك 7.1 بالمئة من صادرات المانيا، في حين أن الولايات المتحدة تعتبر أكبر مستهلك للمنتوج الألماني بـ 8.4 بالمئة من صادرات ألمانيا.

وقد كان قطاع الصناعات الأولية هو الأكثر تضررا إلى جانب قطاع السيارات، وقد أدى هذا التراجع إلى انكماش في الناتج المحلي الاجمالي في الربع الثاني من سنة 2019 بـ0.1 بالمئة، ويترقب المتابعون أن يتراجع نمو الاقتصاد الألماني إلى نمو بـ0.4 بالمئة، في الربع الثاني بعد التقويم، بعدما سجل نموا بـ 0.9 بالمئة في الربع الأول، وهذا ما جعل البنوك والمؤسسات المالية تضغط على حكومة ميركل كي تتخلى عن سياساتها المتوازنة في الانفاق، والداعمة لميزان المدفوعات، بقبولها للاستدانة خاصة وأن ألمانيا تسجل فوائضا في ميزانها للمدفوعات بشكل سنوي، بحيث بلغ 276 مليار دولار في سنة 2017 ثم انخفض إلى 250 مليار دولار في نهاية سنة 2018، وامتلاكها لاحتياطي نقد أجنبي وصل إلى 187.4 مليار دولار في جوان 2019.

اقتصاد إيطاليا يدفع ثمن خيارات ايديولوجية للشعب

يتوجه الاقتصاد الإيطالي للدخول في أزمة خانقة جديدة، نتيجة للسياسات التي انتهجتها الحكومة الجديدة لجوسيبي كونتي المليئة بالكوادر الشعبية التي أتت بهم انتخابات الرابع من مارس 2018، والتي وعدت الشعب الايطالي بالخروج من الأزمة ولكنها لم تقدم حلولا ناجعة لها، بحيث أنها أرادت اكتساب أصوات الناخبين بتقديمها لحلول وهمية كضرورة الحد من الهجرة الغير شرعية وحتى الخروج من الاتحاد الأوروبي، لرفع مستوى الأجور وتحسن مستويات التشغيل، ولكن مشكلة ايطاليا لا تكمن فقط في هروب مناصب الشغل إلى دول الاتحاد الأخرى، ولكن توجد مشاكل أعمق كالدين الخارجي الذي بلغ ما قيمته 2.44 ترليون دولار أي 131.2 بالمئة من الناتج المحلي حتى منتصف 2019.

وهذا ما يعيق إنتاجية الاقتصاد، ويمنع الإيطاليين من متطلبات العيش الكريم، ورغم تسجيل الميزان التجاري لفائض بـ41 مليار دولار خلال عام 2018، وميزان المدفوعات بـ45 مليار دولار من منتصف 2018 إلى منتصف 2019، إلا أن نسبة الديون الخارجية المرتفعة بشكل فاضح لم تسمح برفع انتاجية الاقتصاد الإيطالي وبقاء نسبة البطالة في مستويات مرتفعة بـ9.7 بالمئة، نظرا لانخفاض الاستثمار المنتج لمناصب الشغل.